"مصائب قوم عند قوم فوائد" تنطبق هذه المقولة على ما نشهده حاليا من جهود الهند الحثيثة للانطلاق باستثماراتها في القارة الافريقية مستغلة مايعانية اقتصاد الصين، أكبر شريك تجاري لأفريقيا، من تباطؤ. وفي اطار هذه الجهود تأتي استضافة الهند قمة رئيسية مع دول القارة الافريقية، تحت اسم "منتدى الهند- افريقيا" في اطار مساعيها لدعم العلاقات التجارية والسياسية مع القارة مع تباطؤ الاقتصاد الصيني، حيث يسعى رئيس الوزراء ناريندرا مودي لتحسين صورة بلاده عالميا. ومن المتوقع أن تشارك أكثر من 50 دولة افريقية في قمة "منتدى الهند-افريقيا" في الفترة من 26 حتى 29 أكتوبر الجاري. وهذا أكبر تجمع للزعماء الاجانب في الهند منذ ثمانينيات القرن الماضي، مما دفع السلطات الى تحويل أحد الاستادات إلى مركز مؤتمرات مؤقت. ويتصدر جدول أعمال المنتدى قضايا توسيع نطاق التبادل التجاري وتعزيز الطاقة والعلاقات الامنية وإصلاحات الامم المتحدة وتغير المناخ. ويقول محللون إن التركيز الرئيسي سيتمثل في مساعي الهند لاقتناص الفرص في افريقيا، التي تعد أكبر شريك تجاري للصين. وقالت كاترين ماكوكيرا من معهد "الدراسات الامنية" ومقره بريتوريا جنوب افريقيا إن حجم المشاركة في القمة يعد مؤشرا واضحا على عزم الهند تعزيز دبلوماسيتها الاقتصادية. وأضافت "تتيح القمة فرصة للبناء على الروابط بين الجانبين التي تشهد طفرة جديدة حدثت مؤخرا في أعقاب تباطؤ الاقتصاد الصيني". وقالت ريتشا سيخاني أخصائية شؤون افريقيا بهيئة (أوبزرفر ريسيرش فونديشن) في دلهي إن الهند يمكن أن تحقق بديلا قابلا للتطبيق للصين بالنسبة للاقتصاديات الافريقية. وأضافت أن افريقيا هي المنطقة الاكثر تضررا بسبب الانكماش الاقتصادي الصيني. وتعتمد الصين بشكل كبير على القارة الأفريقية في الحصول على مواردها المعدنية ونفطها وعمالتها الرخيصة. وشهدت الاشهر الاخيرة تدهورا في الميزان التجاري لافريقيا مع الصين. وتابعت سيخاني "ستكون القمة اختبارا للهند لتحقيق افضل استفادة من هذه الظروف". وتستثمر الصين في مشروعات بنية تحتية رئيسية في أفريقيا مثل الطرق السريعة والمطارات، وسجلت التجارة الثنائية 200 مليار دولار. لكن تجارة الهند قفزت 20 ضعفا لتصل إلى 70 مليار دولار في الاعوام ال15 الماضية. وتتجسد الطاقة بشكل بارز في المحادثات داخل اروقة منتدى الهند وافريقيا، حيث تواجه الهند عجزا ضخما في الطاقة وتستورد 70 بالمئة من النفط، من الشرق الاوسط المضطرب سياسيا بالاساس. وقال روشيتا بيري من معهد "الدراسات والتحليلات الدفاعية" في دلهي إن "الحقيقة تتمثل في أن عدة دول مثل الصين والبرازيل وأمريكا وماليزيا ترتبط بعلاقات تجارية مع افريقيا، التي تضم سبعا من أسرع عشر اقتصاديات نموا في العالم، وهناك مساحة كافية لجميع الدول لتحقيق تقدم على الساحة الافريقية".