×
محافظة المنطقة الشرقية

منتخب البولينغ يختتم مشاركته بتحقيق المركز الرابع في مسابقة الأساتذة

صورة الخبر

في عام 2014، قاربت فاتورة الدواء السنوية في لبنان على المليار و472 مليون دولار، وهي الأعلى عالمياً قياساً بالحجم السكاني، وذلك لغياب قانون الرقابة، أو تحجيمه من قبل الشركات المستوردة والصيدليات، والمؤسسات الوطنية العاملة في هذا المجال، واقع بات يتطلب علاجاً سريعاً قبل فوات الأوان، وهذا ما أقدم عليه قبل نحو ثلاثة شهور وزير الصحة وائل أبو فاعور. الكل يجمع على أنه بدأ العمل على السياسة الدوائية منذ بداية عام 2015 من خلال محاربة الفساد، لكن العدّ العكسي لتراجع أسعار الدواء يبدو باهتاً حتى اليوم. وإن كان البعض يرى في قرار الوزير أبو فاعور بادرة خير، والبعض الآخر يرى أن السياسة الدوائية ترتبط بالقدرة على محاربة الفساد ووقف أطماع شركات الاستيراد وكل من يتعامل معها من صيدليات ومستشفيات ومؤسسات. في التفاصيل وبدءاً من إعلان قرار وزير الصحة وائل أبو فاعور، الذي أحيل في شهر إبريل/ نيسان 2014 إلى مجلس شورى الدولة للإعلان عن تخفيض أسعار 629 دواء بنسبة 20% في المرحلة الأولى، تتبعها مجموعة أخرى من الأدوية الباهظة الثمن، ليصل لاحقاً إلى تخفيض أسعار جميع الأدوية بنسبة تراوح بين 20 إلى 40 %. لاحظ الصيادلة أن الأسعار بدأت بالانخفاض فعلياً. وأعلن نقيب الصيادلة ربيع حسونة في اليوم العالمي للصيادلة في أواخر شهر سبتمبر/ أيلول الفائت أن النقابة تعمل مع وزارة الصحة على تطوير القطاع الصحي في لبنان، وإعادة النظر في أسس تسعير الدواء بشكل ينصف المريض ويؤمن السعر الأرخص والجودة العالمية له. تزامن ذلك مع توحيد الفاتورة الطبية التي انعكست إيجاباً على تثبيت التخفيض وهذا ما كشف عنه وزير الصحة ليؤكد أن من أبرز نتائج تطبيق الوصفة الموحدة هو خفض أسعار الدواء. بدورها أكدت الصيدلانية منى الأخرس أن الأسعار هبطت بدءاً من شهر سبتمبر/أيلول الماضي بنسبة تراوح بين 20 إلى 40 %. ومثال ذلك انخفض سعر المضاد الحيوي، حبوب أوغمنتين من 27 ألف ليرة إلى 13 ألف ليرة. كذلك انخفض سعر الأوغمنتين الشراب عيار 457 من 14 ألف ليرة إلى 8 آلاف ليرة. سعر عبوة السينغولير (singulair) علاج للربو (28 حبة) من 97 ألف ليرة إلى 56 ألف ليرة، ولامسيل من 70 ألف ليرة إلى 17 ألف ليرة، وميكالسيك من 70 ألف ليرة إلى 30 ألف ليرة.. اللائحة تطول وتخفيض الأسعار يصب في مصلحة المريض وهذا أمر جيد. في المقابل، ارتبطت شركات استيراد الدواء، ويربو عددها إلى 150 شركة، بأسعار بلد المنشأ، وانخفاض الأسعار يعود مباشرة إلى ما تقرره الشركات المصنعة. وأقرت الوزارة أخيراً قانوناً يفرض على المستوردين إبلاغها عن انخفاض سعر الدواء في بلد المنشأ قبل مدة الخمس سنوات، وجاء فيه يفرض على المستوردين إبلاغ وزارة الصحة خلال 7 أسابيع عن انخفاض سعر الدواء في دول المنشأ و7 أسابيع من انخفاض السعر لدى الدول المقارنة. وبالفعل بدأ العمل بهذا القرار، لكن الأطباء والصيادلة لاحظوا فقدان بعض الأدوية من السوق بسبب امتناع الوكلاء عن استيرادها بعدما تم خفض أسعارها ولم تعد الأرباح مغرية. نقيب مستوردي الأدوية في لبنان أرمان فارس نفى هذا الكلام وقال: ليس هناك أي انقطاع أو فقدان لأي دواء ليس له بديل لاسيما أن عدد الأدوية الجنريك في لبنان تصل إلى 50% ولو كان عدد العبوات المباعة منها 34% وحجم مبيعها الإجمالي 27%. أما سبب الانقطاع الذي يحدث أحياناً فهو عير متأنٍ من التعديل الذي تم إقراره سنة 2014 بل من الضغط غير التنظيمي الحاصل مؤخراً على تسريع عملية إعادة التسعير لتكون أقل من خمس سنوات، إذ إن مصانع الأدوية العالمية تحتاج إلى أن تعتمد السلطات المختصة في بلد ما سعراً عادلاً لدواء ما، وأن تثبت عليه لفترة لا تقل عن الخمس سنوات. وهذه الفترة من المهم اعتمادها وعدم التفريط بها كي تستطيع المصانع أن تستمر في خطة عملها في بلد ما، وتنفيذ التزامها بسياسة صحية متكاملة ومكلفة تشمل الوصول المبكر للعلاج. أما عن ظاهرة تفاوت أسعار الأدوية بين الدول العربية، رأى فارس أنها ظاهرة طبيعية لعدة أسباب، منها التفاوت بين أنظمة التسعير، وأنظمة الرعاية الصحية والتغطية الاجتماعية، وتاريخ إدخال الدواء وحجم السوق. واستغرب أن يكون البعض يتخذ من هذه الظاهرة حجة لتجارة مربحة عبر الشراء من دول مثل مصر والأردن، لأن أنظمة استيراد الدواء في البلدان العربية جمعاء مبنية على أسس تقنية وعلمية متطورة ودقيقة ولا تسمح بالاستيراد إلاّ بعد التسجيل والتسعير من قبل السلطات المختصة والتأكيد من أن سلسلة التوريد غير منقطعة المسؤوليات من المنتج إلى المواطن. وإذا افترضنا أن هناك من استورد من مصدر متدني السعر فهو بالتأكيد سيخضع استيراده في البلد المستورد لتسعير يحدد نسب المصاريف والجعالات مما لا يسمح جني أرباح غير شرعية. وأكد خضوع سوق الدواء في لبنان حالياً لأسس تسجيل وتسعير متطورة تهدف إلى اعتماد الأدوية ذات النوعية والفعالية المضمونة وبأسعار منضبطة. مع الأخذ بالاعتبار أن الأسعار محددة من قبل وزارة الصحة العامة وتصدر دورياً على موقع الوزارة من خلال تطبيق خلوي تحت اسم MO PH وذلك بعد استطلاع رأي الجهات المعنية التي تحدد من خلالها سعر الاستيراد المجاز ونسب المصاريف والجمارك وجعالة المستورد والصيدلي وآلية مواكبة تقلبات أسعار عملات الاستيراد، مع واجب إعادة عملية التسعير كل خمس سنوات. وأشار إلى أنه في شهر نيسان/ إبريل 2014 جرى تعديل البعض من أسس التسعير المعتمدة منذ سنة 2005، مما سبب انخفاضاً تدريجياً في الأسعار، مع الأخذ بعين الاعتبار انخفاض سعر صرف عملة استيراد أساسية هي اليورو (التي تشكل ما يقارب 40% من حجم الاستيراد) مقابل الليرة اللبنانية بمعدل 16% منذ مدة. وختم أرمان فارس بالقول: موضوع تحديد الأسعار لا يعود إلى المستورد بل نتيجة تطبيق المصانع لأنظمة التسعير الموضوعة من قبل وزارة الصحة العامة. على المستورد اعتماد الأسعار التي تحددها الوزارة وإذا امتنع أحد المصانع عن توريد دواء ما إلى لبنان، يسعى المستورد للتوفيق بين الوزارة والمصنع خاصة إذا حرمت البلد من دواء ليس له بديل. رئيس الهيئة الوطنية الصحية د. إسماعيل سكرية وصف ظاهرة اختلاف أسعار الدواء بين الدول العربية وفي البلد الواحد غير صحية لأنه لابُدّ من القول إن الدواء مادة علمية ذات تركيب دقيق قد تشفي وربما تؤذي، إنما للأسف تتوسع يوماً بعد يوم مساحة المفهوم التجاري للتعاطي بمادة الدواء عالمياً على مستويين: مستوى يحافظ على التركيبة الدوائية العلمية ضمن منظومة واحدة من الأسعار المرتفعة والجائرة إلى حد ما، أو بتعديل لا يتخطى تدوير الزوايا بمجرد تغيير ذرات بسيطة من الدواء لتجديد وحماية الملكية الكبرى، هذا الأسلوب تعتمده الشركات الصناعة الكبرى التي تعدّل التركيبة للحفاظ على مدّة جديدة لحماية ملكيته الفكرية وحصد المزيد من مليارات الدولارات من جديد، خاصة وأن صرف دواء مخترع يقتضي مصروفات وأبحاثاً ووقتاً. وتابع د. سكرية شرحه عن المستوى الثاني من الدواء المعتمد في الدول النامية ومنها لبنان حيث يغلب التفكير التجاري بصرف النظر عن احترام حماية التركيبة العلمية. لذلك نجد أدوية فاعلة، وأخرى فاعلة جزئياً، وأدوية مجهولة التركيب، وأخرى مجهولة المصدر أو مقلدة. والسوق اللبناني فيه 92% من الأدوية المستوردة في حين أن 8% مصنّع محلياً. أضاف: لدعم التصنيع المحلي أرسلنا من الهيئة الوطنية مذكرة لوزير الصحة نطالب فيها بإنشاء مختبر للرقابة على الأدوية وإعادة تقييم كل سوق الأدوية في لبنان لأننا وإن كنا نعترف بتغير الوضع نسبياً إلاّ أننا نؤمن بأنه لن يتغير كلياً إلاّ بتوفر قدرة مدنية ضاغطة للتغيير. وأنا من خلال تجربتي كنائب سابق وكطبيب ورئيس الهيئة الوطنية الصحية الاجتماعية استطعت أن أحوّل موضوع الدواء من ملف إلى قضية، وأرى أن تخفيض الدواء إلى درجة يتمكن كل مريض من شرائه هو رهن بفك الحلف الثلاثي بين التجار والسياسيين والإداريين إضافة إلى إنشاء مختبر وطني مركزي لفحص الدواء لأن المختبرات الجامعية التي يتم اعتمادها حالياً غير مؤهلة لإجراء كافة الفحوص على الدواء. اقترح د. سكرية إيجاد دواء عربي قطري يستفيد من كل الخبرات والطاقات يكتسب صفةدواء مخترع ويقوم على أبحاث علمية ويخدم الناس وتكون أسعاره بمتناول الجميع. ويطلق مصطلح الدواء الجنريك على الدواء المنسوخ، إذ إن أي مصنع للأدوية في العالم له الحق بنسخ الدواء الأصلي إنما بعد 20 سنة على تصنيعه وبعد تسجيل (المادة الفاعلة) في الدواء تستغرق 12 عاماً قبل وصولها إلى السوق لأنها تمر باختبارات طوال هذه الفترة، أما حقوق الملكية الفكرية للدواء فتمتد إلى 8 سنوات تستفيد خلالها حصرياً الشركة المصنعة للدواء ومع انتهاء هذه الفترة أي بعد 20 عاماً يمكن لأي شركة تصنيع هذا الدواء.