بقلم : نذير بن خالد الزاير انتشرت وتوسّعت وسائل الإعلام بشكل عام مما جعل العلوم تتكيّف معها وتواكبها؛ نظراً لحتمية التطور الإنساني المستمر، كما لزم ذلك انتشار واسع للصحافة الإلكترونية تحديداً، ونحن اليوم إزاء العشرات من الوسائل الإعلامية الإلكترونية على مدار الساعة مع تفاوت مستوى النشاط والمتابعة. وهذا ليس موضوعنا ولكن ما يهمنا هو أنه يتجّه نحو العمل الإلكتروني. فالمكتبات التي كانت تحتل مساحات كبيرة ويجد القارئ والباحث ضالته فيها هي نفسها اليوم تحولت إلى مكتبات الكترونية ورقمية، ويستطيع الباحث تحميل عشرات بل مئات إن لم تكن الآلاف من الكتب بواسطة شبكة الانترنت بل ويستطيع نسخها بيسر وسهولة دون عناء، وتخزينها في جهاز الحاسب الآلي. وبالتالي فإن المكتبات هي الأخرى صار لها بدائل ولم يعد أحد يذهب إلى المكتبة إلا للبحث عن كتب قديمة ونادرة وغير متوفرة الكترونياً، ذلك أن أغلب المصادر والمراجع بل وأكثر الكتب الصادرة حديثاً كلها موجوده على شبكة الإنترنت. وبالتالي فإن العمل الورقي أصبح مهدداً، فعلى سبيل المثال : التسوق اليوم والبيع والشراء أصبح الإنسان يؤديه وهو في منزله عبر جهازه الإلكتروني. إنّنا نرى اليوم أهمية أن تحث جهات الثقافة والإعلام المؤلفين (ذكوراً ـ إناثاً) لنشر نتاجهم الثقافي والعلمي إلكترونياً دون الاقتصار على المطبوع ورقياً واحتكاره، كما نقترح اعادة طباعة الكتب القديمة النافذة نسخها ورقياً إلى نسخ إلكترونية ونشرها. إن الفارق الجوهري بين الكتاب الحديث والكتاب القديم الإصدار الذي يُكتفى بطباعته ورقياً هو : أن الكتاب القديم سريع النفاذ والإتلاف بخلاف الكتاب الحديث الإصدار المعتمد على تنوع الطباعة (ورقية ـ إلكترونية) فالطبعة الإلكترونية هي نسخة احتياطية يمكن نشرها بعد نفاذ الطبعة الورقية لأي كتاب كان. إن الاهتمام المتزايد اليوم بالكتب التي تعني بتعليم ذوي الحاجات التربوية الخاصة أخذت اليوم نصيبها من المتابعة والرصد وإجراء الحوارات الجادة حولها من قبل (المختصين ـ الأسر ـ المجتمع ـ الشريحة نفسها ..)، وأصبح هناك دور ريادي فعّال للحراك الثقافي والتوعوي أسهم إسهاماً ملحوظاً في تطور المكتبة الخليجية والعربية، فصدرت في السنوات الأخيرة الكثير من الكتب والمؤلفات المتنوعة في هذا المجال الإنساني، ولكي يستمر هذا الحراك الثقافي ذي الطابع التوعوي ويزداد قوةً ويتضاعف هذا الإنتاج، لا بد من دعم الكتاب والاهتمام به حتى من قبل المتخصّصين حديثي الاختصاص سواء وهُم طلاب في الجامعة أو ما بعد تخرجهم والتحاقهم بالميدان العملي. لقد أصبحت الكتب في ميدان التربية الخاصة تواجه صراعاً بين النظرية والتطبيق. كيف ؟! الملاحظ على الكتب التي تقرّر في الجامعات العربية والخليجية أنها في غالبيتها ترجمة لكتب أجنبية وتحكي عن تجارب غير عربية، وقد يتصور الطالب أو الطالبة أنها مؤلفات لأساتذتهم بالجامعة هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن كثيراً من الكتب يغلب عليها الطابع النظري وليست ممزوجة بمواضيع ميدانية تطبيقية، كما أن هُناك كُتباً يغلب على محتواها الجانب التطبيقي دون إيضاح للجانب النظري فيها، ليكون بذلك قلم المؤلف في التربية الخاصة وفي سائر العلوم والثقافة يحكي عن خبرة وتجربة. إنَّ ما نحتاجه اليوم هو كُتب تحمل في طياتها الجانبين (النظري والعملي) وتحكي عن عمل وتجربة وانجاز، وبذلك تصل الرسالة واضحة للقارئ بشمولية، فإلى متى نترجم فقط ! لا يزال الكتاب الحقيقي من أبسط الوسائل وأصعبها إعداداً ولكن يعتبر أكثرها فاعلية في نشر الوعي ونقل المعرفة وتيسير الحصول عليها، حيثُ أن للكاتب في حد ذاته تأثيرات، فالكتاب له من حيث محتواه ومن حيث أسلوب عرضه ما يجعله أبعد وأعمق وأوسع من غيره من وسائل الاتصال بالجماهير. ويتضح لنا على ضوء ما ذكر أن كتاب التربية الخاصة يتعلق بجوانب كثيرة سواء لجهة الشكل أو ما يختص بالمضمون أو الطبع أو النشر أو التسويق أو التوزيع. وفي هذا الصدد (لا بد من الإشارة إلى دور وواجب دور النشر والتوزيع في نشر مواضيع التربية الخاصة في هذا المجال فلا يكون الداعي الأول هو الربح المادي فحسب) بل الأخذ بعين الاعتبار مراعاة توعية المجتمع بشريحة ذوي الحاجات التربوية الخاصة وتيسير المعرفة ونشر الثقافة لكل طبقات المجتمع ومستوياته. والمأمول من هذا أن تتضافر الجهود وأن نتعاون جميعاَ بروح الإخلاص لرفع مستوى التأليف في ميدان التربية الخاصة، وتذليل الصعوبات أمام نشر كتب التربية الخاصة وترجمتها وتوزيعها محليا وعالمياً والمشاركة بها في المعارض الدولية لتحتل مكانة مرموقة بين الكتُب العالمية الأخرى، وليعتبر كتاب التربية الخاصة العربي هو نتاج ما خرج به مؤلفه من بحثه ومعرفته وخبرته وتجاربه الميدانية لا من خلال التنظير أو الترجمة، ويصبح وعاء المعرفة كما يُقال هو الذاكرة التي تحفظ ما مضى علما وتاريخا وتكون وسيلة تواصل بين المؤلف والقارئ.. ومصدراً للعلم والمعرفة. إذاً، فلنعمل على الانتشار الواسع لكتب التربية الخاصة بمختلف أنواعها باعتبارها رافداً من روافد التوعية والثقافة للمجتمع والإفادة لذوي الاختصاص والتجارب والمعرفة. الأمل كبير في أن تنطلق كُتبنا في التربية الخاصة انطلاقة تليق بها إلى مختلف الآفاق والأبعاد فهي تجسّد تاريخ الحركة الفكرية والنهضة التي نشأت بها في بلدنا والوطن العربي. وبالجملة، فإن الحديث عن الكتاب في التربية الخاصة يحتاج إلى دراسة وافية بل إقامة ندوات خاصة إن لم تكن مؤتمرات تليق بحجم ما نتحدّث عنه هُنا لدراسة الواقع والطموحات. وإلى المزيد من الآراء والأفكار التطويرية فهي جزء من عملنا وتجسيد للدور الريادي الذي يقوم به الأكاديمي في الجامعة والباحث المهتم في نشر الثقافة العامة للتربية الخاصة في المجتمعات من خلال الكتاب . بقلم : أ. نذير بن خالد الزاير أكاديمي وَ باحث توجيه وَارشاد بمجال التربية الخاصة