في ستينيات القرن الماضي طرح بعض الأدباء من الرواد ومؤيديهم فكرة إنشاء مجمع لغوي على غرار المجامع اللغوية والعلمية في البلدان العربية الأخرى كما في مصر، وسوريا، والأردن، والجزائر، والعراق وغيرها، وقد شارك الكثيرون بآرائهم، وفي ذلك الوقت كان الحماس من قبل المشاركين، ثم تبع ذلك صمت استمر عقودا، وفي بداية التسعينيات أعاد الطرح (هذا الملحق ) على شكل تحقيق محوره هل حان موعد إنشاء مجمع لغوي في هذا الكيان الكبير؟ وقدمته (ثقافة اليوم ) باستهلال مؤداه أن ثقافة اليوم ابتداء من هذا الأسبوع تطرح موضوعا قديما/ جديدا حيث تُطُرّق إليه قبل أعوام بشكل ملائم للوقت الذي أثير فيه، وقد دارت نقاشات، وتباينات في الأفكار حول إيجابياته/ سلبياته، فبالرغم من الحماس الذي صاحب الموضوع في بدايته الأولى والتأييد الذي أبداه البعض، والتحفظ من آخرين، كان هناك من آثر الصمت. وقد آثرت أن أعود إلى بسط هذا الموضوع اليوم لأن كل موضوع له ماضيه، وكل ماض هو أساس، فأساس فكرة المطالبة بإنشاء المجمع كانت من كبار الرواد الذين كانت نشأة الأدب في المملكة على أيديهم وساهموا بقدراتهم الفردية والجماعية على تأسيس حركة أدبية انتشرت في العالم العربي حسب التساهيل والإمكانات المتاحة وقتذاك، ومنهم محمد حسن عواد، وعبدالله بن خميس، وعبد القدوس الأنصاري، وعزيز ضياء، وضياء الدين رجب، وأحمد عبدالغفور عطار وحسن القرشي، وطاهر زمخشري، رحمهم الله، وكان الأستاذ عبدالله بن إدريس من أوائل المطالبين بالمجمع، كما انضمت أصوات اخرى. وحيث إن المملكة في عهد خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تشهد تطورات عديدة في المسار التعليمي من القاعدة إلى القمة، ومواكبة للتطورات في المسائل الكبرى سياسيا واقتصاديا، وعمرانيا، وحراكا ملفتا في القضايا الإقليمية التي جعلت منها عالمية بفضل الجهود التي تبنتها بتوجيهات القائد الأعلى الملك سلمان الذي يعطي كل موضوع مايستحقه من اهتمام، والمشاهد اليوم هو الشاهد على المكانة التي تحتلها المملكة ومدى الثقل الذي تحمله الآراء الصادرة من هذا الكيان الكبير، وكيفية الاهتمامات الدولية من الدول الكبرى والصغرى والوقوف معها لكونها تتوجه دائما إلى احقاق الحق ومعه قولا وعملا، فصار للعرب صوتهم المسموع وكان التحالف والتلاحم، وما هو حاصل في قضية الوقوف مع الشرعية في اليمن وما توصلت إليه القضية بعد حملة الحزم/ الأمل، والمشاركة الإقليمية بكل ثقل مع دولة الإمارات العربية الشقيقة والتمازج والتلاحم الأخوي في القضايا المشتركة في التصدي للمحاولات الفارسية، والوقوف مع مصر الشقيقة الكبرى، ولبنان، والعراق، والقضية السورية، ووضوح الرؤية والموقف الصلب المبني على حقن الدماء العربية السورية، والفلسطينية، والمساندة والمساعدة ماديا ومعنويا لكل القضايا العربية، فقلب العروبة والإسلام متسع ومتحمل للقضايا الرئيسة في المنطقة، فالمملكة اليوم هي محط أنظار العالم بأقوالها وأفعالها. فقلب العروبة النابض تعمل في الداخل بكل جهد وإخلاص ما يطور ويواكب ويرفع من قيمة المواطن والوطن في شتى المجالات الحيوية، وفي طرح قضية إنشاء مجمع للغة العربية، أمل قديم جديد، لأن خادم الحرمين الشريفين معروف بثقافته وحبه للثقافة، وشغفه بالقراءة، وصديق للصحفيين والمثقفين، وما من شأن أوحراك ثقافي إلا وله حضوره، وقد عهد منه المشاركات العديدة، محاضرا، وكاتبا، وحاضرا في المناسبات الثقافية ومتحدثا فيها، في الجامعات، والأندية الأدبية، والندوات الفكرية التي يحضرها ويرعاها حيث كثيرا ما توَّجها بكلماته التي توجّه وتفتح الآفاق وتعطي صورة بانورامية، ومن يحتل هذه المكانة ومن كان هذا همه، فإن الأمل في مقامه الكريم أن يوجه بإنشاء صرح مثل هذا في بلد العروبة ومنشأ اللغة العربية، لأن في وجود المجمع في هذا الزمن الذي تداخلت فيه اللغات، وكثرت فيه وسائل التواصل، والقنوات وصار حضور الصورة في البرامج الإخبارية، وكذلك البرامج الثقافية تَوَجّهاً إلى الشكل والهندام أكثر من جودة الإلقاء ونقاء اللغة والتّمكن منها، ما يدعو إلى الترحّم على الشاعر إبراهيم طوقان وما أورده على لسان معلم اللغة العربية، فلهذا يرفع الرجاء، والأمل كبير بأبي فهد دام عزه. في هذا الوقت، وبعد مضي وقت طويل على موضوع المجمع، وما حصل من تطور تعليمي ووجود الجامعات في كل منطقة، وكليات اللغة العربية في كل جامعة، ويعمل في هذه الكليات من المتخصصين في اللغة العربية والآداب دكاترة كبار. بل علماء، وفي كل منطقة ناد أدبي وثقافي، والمكتبات العامة والخاصة، والتجارية تعم الساحة، ومعارض الكتاب في كل عام، حيث سيكون في العام معرضان دوليان، معرض الرياض، ومعرض جدة، وانتشار الكتاب السعودي، وبروز كتاب لهم مكانتهم بماقدموا من أعمال لافتة، والعناصر الفعالة موجودة لتكون نواة المجمع وبصفة متميزة فإن المجمع اللغوي قد حان إنشاؤه، والأمل يتجدد في توجيه خادم الحرمين الشرفين للمسؤولين المناط بهم خدمة الوطن ثقافيا، فمعالي وزير الثقافة والإعلام د. عادل الطريفي عرف بثقافته كاتبا وباحثا ومقدرا للثقافة والمثقفين والإعلاميين، ويقدر مايرفع من سمعة الوطن الغالي ويساهم في رقيه، وفي مساندته لآمال المثقفين بالمجمع المتطلعين إلى المليك المثقف والمهتم بالثقافة، ومؤازرتهم لن تكون غريبة منه لأنه حتما يشاطرهم الآمال من موقعة الرسمي والشخصي.