يتعاطف المجتمع بطبيعته مع حالات التسول، ويميل أفراده دوما إلى مد يد الخير لكل من يرونه أمامهم، ويضعفون مع التسول والتوسل، ولا يدركون أن في التسول يختلط محتاج ومحتال، والأخير ربما يشكل خطرا على البلد وأمنه. كانت حالات التسول في السابق مقتصرة على الرجال، وكنا لا نشاهدها إلا في المساجد، ولكنها في الفترة الأخيرة انتشرت في كل مكان: عند الإشارات، وفي المساجد، والميادين العامة، وفي الشوارع الفرعية للأحياء، بل إنها وصلت إلى أبواب منازلنا. لست ضد فعل الخير والتعاضد بين أفراد المجتمع، ولا أشكك أيضا في احتياج البعض، ولكن الظاهرة انتشرت بشكل كبير، لدرجة أن التسول أصبح مستمرا ويوميا، وكأن البعض يمارسه كعمل ويخشى الغياب، والشوارع تم اقتسامها بحيث لا ينافس متسول آخر، وكأنه تنظيم مرتب ومنظم. في الرياض وتحديدا في الحي الذي أسكنه يوجد كثير من النساء المتسولات، يوجدن باستمرار في أماكن معينة، ولا أعلم إن كن من المحتاجات أو المحتالات، ولكن إن كان الاحتياج دفعهن لذلك فأين وزارة الشؤون الاجتماعية منهن، وأين الجمعيات الخيرية؟ لِمَ لا يتم احتواؤهن ومساعدتهن بعد دراسة أوضاعهن؟ وإن كان الاحتيال غايتهن، فأين دور مكافحة التسول؟ وأين فرقها؟ فالوضع موجود ومتكرر بشكل يومي في كل شارع ومنذ أعوام. لم أشاهد في حياتي فرقة لمكافحة التسول، ولا أعلم ما الذي يرتديه أفرادها، ولا لون المركبات التي يستقلونها، وفي الوقت نفسه أسمع وأقرأ دوما عن إنجازات فرقها وعن ضبطياتها، سواء على مستوى الأشخاص أو الأموال. الحديث عن منجزات وضبطيات مكافحة التسول رغم أن أعداد المتسولين تتزايد، ورغم أننا لا نرى تلك المنجزات على أرض الواقع ولا نشاهدها إلا في وسائل الإعلام، يشعرنا بأن فرق مكافحة التسول لا تعمل لدينا، بل ربما في دولة أخرى أو كوكب آخر، أو ربما في مجرة أخرى غير مجرة "درب التبانة" التي ننتمي إليها. الوضع خطير ويحتاج إلى حلول عاجلة، فالتسول من أسهل المهن التي يمكن أن ينتمي لها كل من يريد إلحاق الضرر ببلدنا وأمننا ومجتمعنا، فمن يعلم..؟ ربما هناك من يحاربنا ويقتلنا بأموالنا مستغلا عاطفتنا وحبنا لعمل الخير وغياب الرقيب والحسيب.