خرج أمس فايز السراج، المرشح لرئاسة حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، عن صمته، وأدلى بأول تصريح رسمي له منذ الإعلان عن ترشيحه لتولي منصبه في إطار اتفاق ترعاه الأمم المتحدة، حيث أعلن عن تطلعه لأن تكون الحكومة اسما على مسمى، معتبرا أن «التحديات كبيرة، لكن ليبيا أكبر»، في وقت أعلن فيه الاتحاد الأوروبي رسميا عن دعمه لحكومة السراح المرتقبة. وعدّ السراج، في تصريح مكتوب، وزعه مستشاره الإعلامي في القاهرة وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن «ليبيا في مفترق طرق ولن ينقذها سوى أبنائها، وهذه دعوة لكل ليبي وليبية لأن نوجه الجهد نحو ليبيا وليبيا فقط». وتابع السراج موضحا: «لقد آن الأوان لنصنع مستقبلنا ونكسر هذه الحلقات الدامية، فما يصعب اليوم قد يصبح غدا مستحيلا.. ليبيا بكم ولكم»، مؤكدا تطلع الجميع «لأن تكون حكومة الوفاق حكومة تجسد اسمها، ولن ننجح في هذه المهمة إلا بجهود كل الليبيين وإرادتهم الحقيقية في بناء بلد معافى، يسوده الأمان والسلام ينعم مواطنيه بالعيش الكريم». وجاء هذا التصريح الأول من نوعه للسراج، بعدما تلقى أول من أمس اتصالا هاتفيا من فيديريكا موغيريني، منسقة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، التي قالت إنها ناقشت معه الأوضاع الراهنة في البلاد. وأوضح مكتب موغيريني في بروكسل أنها أكدت خلال الاتصال مع السراج على دعم الاتحاد الأوروبي لعمله خلال الفترة المقبلة من أجل الخروج بالبلاد من الأزمة الحالية إلى الاستقرار والسلام. وحسب بيان أوروبي، فقد جددت موغيريني في الاتصال دعم الاتحاد الأوروبي لجهود الأمم المتحدة لتسهيل الحوار في ليبيا، وأكدت على أهمية توصل الأطراف الليبية إلى اتفاق. وطبقا للبيان، فقد أبلغت موغيريني السراج بأن الاتحاد الأوروبي مستعد لمساعدة حكومة الوفاق الوطني فور تشكيلها، وحسب أولوياتها. وخلال المكالمة، اتفق الجانبان على استمرار التشاور بينهما، في ظل وجود رغبة مشتركة في إجراء لقاء بين الطرفين في أقرب وقت ممكن. ويأتي هذا التطور فيما ينوي الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات خاصة به ضد أي طرف يتحرك لعرقلة جهود تحقيق توافق بين الأطراف الليبية، وإنهاء الأزمة في البلاد، وذلك وفقا لتصريحات صدرت عن المؤسسات الاتحادية في بروكسل، وبعد أن رفض البرلمان الليبي في طبرق، والمعترف به دوليا، التصديق على اتفاق تشكيل حكومة وحدة وطنية، وفقا لمقترح المبعوث الأممي لليبيا برناردينو ليون. وقالت مايا كوسيانتيش، المتحدثة باسم فيديريكا موغيريني، إنه على الأطراف الليبية مواصلة الحوار والبحث عن حل مقبول من جميع الأطراف. وأكدت على تمسك الاتحاد الأوروبي بضرورة الحفاظ على التقدم المحرز حتى الآن، مثل وقف إطلاق النار، كما ناشدت كل الأطراف عدم الانخراط مجددا في أي أعمال قد تؤجج العنف، مشددة على أن التكتل الأوروبي الموحد يتابع عن قرب مجريات الأمور في ليبيا، ويدعم جهود الأمم المتحدة لتسهيل الحوار بين الليبيين. وقال بيان أوروبي صدر في بروكسل إن موغيريني انضمت إلى المشاركين في توجيه دعوة إلى كل الأطراف الليبية في الحوار السياسي الليبي للموافقة فورا على الاتفاق السياسي الذي توصلت إليه الأمم المتحدة في أعقاب اجتماعات الصخيرات - جنيف. وجاءت الدعوة في بيان شمل أسماء عدد من وزراء خارجية دول عربية وأوروبية، وتركيا والولايات المتحدة الأميركية. وحثّ الوزراء الأطراف الليبية على اغتنام الفرصة، والموافقة فورا على التسوية السياسية التي نص عليها الاتفاق السياسي، دون إدخال مزيد من التعديلات، الأمر الذي «سيوفر حالة من الاستقرار في البلاد، حتى يتم إنجاز دستور جديد، يمكن بعده إجراء انتخابات جديدة، تقود في النهاية إلى برلمان تمثيلي كامل وشامل وديمقراطي معترف بشرعيته في جميع أنحاء البلاد والعالم». وأكد البيان أن «الليبيين يريدون وضع حد لحالة عدم الاستقرار في بلادهم، والتي أدت إلى الإرهاب وحدوث خسائر في الأرواح، وألحقت أضرارا بالغة باقتصاد البلاد». وانتهى وزراء الخارجية في بيانهم إلى استعداد المجتمع الدولي لدعم الشعب الليبي، والتطلع إلى العمل مع حكومة الوفاق الوطني، بناء على طلبها، في دعم مكافحة الإرهاب، خاصة تنظيمي «داعش» و«أنصار الشريعة»، ومساعدة ليبيا على مواجهة التحديات المتعددة. والأسبوع الماضي، دعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف الليبية إلى إقرار ودعم الاتفاق، الذي جرى التوصل إليه عقب مفاوضات الصخيرات في الثامن من الشهر الحالي، وذلك «حتى يمكن لليبيا أن تأخذ طريق السلام والازدهار بسرعة، لأنه هو السبيل الوحيد لتلبية تطلعات الشعب الليبي، وهذا الأمر سيكون خطوة أولى مهمة في إعادة ليبيا إلى الطريق نحو الانتقال السلمي». إلى ذلك، لفتت الحكومة الانتقالية، التي يترأسها عبد الله الثني وتتخذ من شرق ليبيا مقرا لها، إلى تصاعد الجماعات الإرهابية والمتطرفة في مدن درنة وسرت وبنغازي من قبل تنظيم داعش، ومقتل 8 أشخاص في بنغازي، بينهم 7 أطفال، وجرح آخرين في يوم واحد. وبعدما أوضحت في بيان رسمي أن مدينتي سرت ودرنة شهدتا جرائم مماثلة، طالبت حكومة الثني مجددا برفع حظر التسلح عن الجيش الوطني حتى يتمكن من دحر العصابات الإرهابية. لكنها أكدت في المقابل على أن «ليبيا لن تكون مرتعا لهؤلاء الإرهابيين»، وأن التصدي لهم يجري من خلال من وصفتهم بأبطال الجيش الليبي.