توالى مسلسل ضرب الطلبة من قبل المعلمين، الأمر أصبح يدعو لجدية دراسة تلك الحوادث ومعرفة أسباب تفاقهما رغم أن الكثير من التحليلات يتجه إلى شدة الضغوط النفسية التي تضغط على المعلم وتجعله يكيل الضرب للطلبة الصغار الذين تحت يديه ورحمته، وهذا ما هو غير مبرر إطلاقاً. ما يثير في تلك المقاطع أن الطلبة غير عابئين بالموقف ويقهقون بأصوات مرتفعة، فيما يشتد ضرب المعلم للطالب، مما يؤكد أن المشهد غير طبيعي بالنسبة للممارسات التربوية، ويحتاج لدراسة متأصلة في الأسباب التي دعت إلى تلك التصرفات، فالكل يلوم المعلم على ضربه، وهو ملام بالدرجة الأولى كونه الأكثر مسؤولية، إلا أن طبيعة الظروف المحيطة بالمعلم أيضاً لابد أن توضع تحت مجهر الدراسة لمعرفة أسباب انفعالاته بشكل غير مقبول، وليس الاكتفاء بإحالة المعلم إلى التحقيق وإنهاء خدماته فقط. ومؤكد أن الأمر متصل بكل الظروف المحيطة بالميدان التربوي، من وزارة ومدرسة وإدارة المدرسة والطالب وحتى أولياء الأمور المسؤولين في المقام الأول عن تربية أبنائهم. الحلول التي أعلنت عنها وزارة التربية والتعليم على إثر تلك الحوادث منها تركيب الكاميرات في أروقة وفصول المدارس، واستحداث خط ساخن بين الطلبة والوزارة، جميعها حلول في صف الطالب من دون أن تنظر للمعلم والسبب الذي أوصله إلى هذا المستوى من العنف، كما أن لائحة السلوك الجديدة التي أقرتها الوزارة في حال ارتكب الطالب مخالفات سلوكية عالية الخطورة كاعتداء طالب على معلم يتم في المرة الأولى تحويله إلى الاختصاصي الاجتماعي بعد كتابة المعلم تقرير عن ذلك الاعتداء، وفي المرة الثانية يحول إلى مدير المدرسة أو إلى النائب ويوافق كل من ولي الأمر والطالب والمدرسة على خطة تحسين السلوك ويتم توقيع عقد الاجتماع أو يتم فصل الطالب مؤقتاً من الحضور للمدرسة. أما في حالة عدم وجود تحسن وتكرر الاعتداء يتم تحويل الطالب إلى مدير المدرسة ويقوم المدير بإبلاغ ولي الأمر ويتم إيقاف الطالب من الحضور للمدرسة لفترة أطول ويتم الاتصال بالسلطات المحلية المتمثلة في الشرطة المجتمعية، بعد 3 مرات متكررة من الاعتداء المتواصل، وعلى المعلم أن يكبت مشاعره وسلوكياته واندفاعه وعليه أن يكتب تقريراً بذلك ويوجه إلى الأخصائي، كل ذلك يحمي الطالب، وهو مطلوب ولا جدال فيه، ولكن من الأهمية بمكان أيضاً دراسة نفسية المعلم لمعرفة ما الأسباب التي دفعته إلى ذلك في سبيل البحث عن تجفيف منابع العنف بين جميع أطراف المعادلة أياً كان سببه. hissasaif@yahoo.com