خدمة الحرمين الشريفين شرف اختصت به المملكة، وتعيه تماما بما يستحق أداؤه على الوجه الأكمل، مواطنين وقيادة، دون امتنان على الأمة لأن الأجر والمثوبة كبيرة عند الله ولا يمكن التضحية بها مقابل أمور دنيوية تتبخر مع الرياح أو مثل الزبد الذي يذهب جفاء، ولذلك فإن كل الجهود السعودية لتطوير المشاعر المقدسة لاستيعاب ملايين الحجاج والمعتمرين تمضي بوتيرة تتناسب مع النمو في الأعداد سنويا، حتى أصبحت المملكة تدير أكبر حشود بشرية في العالم ولها خبرة وتجارب في هذا المجال لا تدانيها فيه أي دولة أخرى. وللحقيقة فإن بلادنا تواجه تحديات كثيرة في مسيرة طويلة من النمو والتنمية ولها ريادة في ذلك قد توجب الكيد محل الشكر والتقدير المستحق، فهناك من لا ينظرون الى الصورة الكلية الإيجابية ويتوقفون عند الجزئيات الصغيرة لشحنها بسلبيات متوهمة تعكس رؤيتهم السلبية لبلادنا ومحاولة النيل منها، فهي سباقة في العمل الإنساني لصالح كل مجتمعات العالم، ويكفي أن تمويلها للصناديق الإنسانية الدولية والإقليمية هو الأكبر باعتراف الأمم المتحدة، وذلك نهج درجت عليه باعتبارها مملكة الإنسانية ولقادتها أدوارهم المشهودة في هذا المجال ومن المستحيل تجاوزها ليتوقف بعضهم عند وقائع من قبيل القضاء والقدر أو حوادث طبيعية يتم النفخ فيها بصورة لا تتفق مع المنطق والعقل. حين نظر الى الوضع حاليا نجد أن بلادنا في حالة حرب لحماية حدودها ومستقبلها، وهي حرب مفروضة واضطرتها اليها مؤامرات الأعداء وتدبيرهم لإرباكها عن مسيرتها بوصفها دولة محورية في المنطقة، ولكنهم لا يريدون لها ذلك فكان الخيار التشويش على مكانتها وهيبتها واستفزازها في أرضها ونفوذها وتأثيرها ودورها لخير الإنسانية، فوجب الرد الحازم، وذلك يحدث في وقت تتزامن فيه تحركات المملكة لمعالجة كثير من الملفات التي تهدد أمن وسلام الأمتين العربية والإسلامية، ولا يمكن لبلاد الحرمين أن تقف موقفا سلبيا فيما إخوتنا يعيشون صراعات داخلية وخارجية. وخلال ذلك كله وفيما تستقبل المملكة 2.5 مليون لاجئ سوري يقفز المتربصون الى التشكيك في دور المملكة في معالجة أوضاع 160 ألف لاجئ اتجهت بهم أقدامهم الى أوروبا التي رفضتهم، متناسين استضافة المملكة لهؤلاء الملايين انطلاقا من أدوارها التاريخية في احتضان إخوتها، وكذا الحال في وقت بدأ فيه موسم الحج حيث تستضيف 4 ملايين حاج وهي حالة إدارة الحشود البشرية الأكبر على مستوى العالم، وأمام كل هذه الحقائق إضافة الى الأدوار الأخرى في الملفات الخيرية والسياسية والاقتصادية لا يمكن تصور سوى أن المملكة دولة رائدة ومهمة على الصعيد الدولي. لا نفكر بالطبع في أن قيادتنا الدولية وتأثير بلادنا ميزة وإنما مسؤولية لا يعيها أولئك الذين لا يتوقفون عن الكيد والتآمر وتشويه منجزاتها، ولكننا نكتفي بالقول إن القافلة تسير، ولن تتوقف لأن كلمة السر المثلى هي لحمة المواطنين مع قيادتهم ووعيهم لما يتم تدبيره، فحتى القوى العالمية العظمى لا يمكنها التعاطي مع وقائع بهذه الخشونة والسعي للتدمير والخراب لبلادنا كما نواجهه بحكمة واقتدار وصبر كفيل بإذن الله بأن يرد الكيد ويحفظ أمن بلادنا واستقرارها واستمرارها في أدوارها الإنسانية.