يروي لي صديق في أحد البنوك حكاية حقيقية لشخص توفاه الله قبل فترة. في اليوم الرابع بعد الوفاة -يقول صاحبنا- فوجئت بمجموعة من عائلة المتوفى -رجالا ونساء- يحضرون إلى البنك يريدون كشوفات بحساباته، ويستفسرون عن رصيده، وحجم محفظته! كان المشهد صادما لصاحبنا، إذ يفترض -حسب رأيه- أن يكون هؤلاء في نوبة بكاء، ودوامة حزن. أن يكونوا معتكفين لطلب الرحمة والمغفرة لميتهم! ذكرت الحكاية لأحد الأصدقاء، ممن يمتلك ثروة لا بأس بها، فأصابه الذهول، واعترته الدهشة! قلت له: وما العجب يا صديقي؟ ميّادة تقول: "هي الليالي كده.. هي الليالي"! هل تريد أن تعرف ما الذي سيحدث بعد وفاتك. سأخبرك، وثق تماما بما سأقول لك! لحظة وفاتك، هناك أناس تبكي، وأناس يحاولون البكاء. أناس يشعرون بالحزن، وآخرون يتظاهرون بذلك! أثناء الدفن، الذين يحبونك هم المتأثرون. بقية المتجمهرين حول القبر يرتدون "نظارات شمسية" سوداء، يشاهدون مراسم دفن اعتادوا مشاهدتها، لكنها تربكهم كل مرة. كأن على رؤوسهم الطير. أيضا لا علاقة لك بذلك! اعتدل في جلسته، قال: أكمل، قلت: سيبادر أصدقاؤك لعمل "هاشتاق" في تويتر. سيتوافد المعزون إلى منزلك. سيذكرون مناقبك. بعضها غير صحيح! سيحضر أناس للتعزية رغم أنهم مرتاحون لموتك، وآخرون لا يعرفونك؛ فقط يبحثون عن الأجر. قسم ثالث طفيلي يحرص على مجالس العزاء بحثا عن الأكل، أو لتوطيد علاقاته الاجتماعية. سيغلق باب منزلك في اليوم الثالث. يتحمس أبناؤك وبناتك للقيام بعمل خيري لك، يتفقون على بناء جامع لك. في اليوم التالي يغيرون الفكرة ويتفقون على بناء مسجد. بعد أسبوع تتحول الفكرة إلى "برادة ماء"! الأسبوع التالي، يتم تقسيم الميراث، وتنتهي الحكاية، ولا يبقى لك أثر إلا في الهواتف الجوالة، تتحول إلى "توبيك" في جوال بناتك! قال لي: "وش المطلوب"؟ قلت: تعيش حياتك، وتكون عضوا نافعا في مجتمعك، وتقدم لآخرتك ما تستطيع. قم بتقسيم ثروتك أربعة أقسام. ربع للعمل الخيري، ربع للورثة، ربع لك. عش حياتك "طول بعرض". قال: والربع الرابع؟! قلت: هذا لي؛ أم تتوقع أن هذه الاستشارة مجانية؟!