×
محافظة المنطقة الشرقية

سيهات: موكب تشييع «مهيب» ندد بالإرهاب وودَّع «الشهداء»

صورة الخبر

نظم اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، مساء أمس الأول، في مقرّه في المسرح الوطني، محاضرة بعنوان دور الإعلام في الحرب... حرب تحرير اليمن نموذجاً، للدكتورة فاطمة سيد أحمد، خبيرة في الصحافة العسكرية. قدّم المحاضرة حبيب الصايغ، رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وحضرها الشاعر سالم بوجمهور، رئيس الهيئة الإدارية في اتحاد الكتاب في أبوظبي، وجمع من الكتاب والأدباء والإعلاميين. قال الصايغ: نناقش الليلة موضوعاً مهماً وحساساً جداً، ولكن اسمحوا قبله أن أتكلم قليلاً عمّن فقدنا اليوم، إنه هادف حميد الشامسي، وهو بطل إماراتي، وفي الوقت نفسه شاعر، تغنّى في آخر قصائده بالإمارات، وتمنى فيها الشهادة، واليوم زُفّ إلى أرض الإمارات، ودفن في مدينة العين، نسأل الله أن يتقبله. وأضاف، هذا يذكرنا بالعلاقة بين الكلمة المكتوبة والجسد، عندما يقول كلمته، والروح عندما تقول كلمتها، الإنسان عندما يفدي وطنه ويحافظ على أمنه واستقراره وأمن استقرار أجياله المقبلة. وأضاف: في الطرف الآخر من الوطن، فقدنا أمس، روائياً كبيراً هو جمال الغيطاني، لا أدري ما الرابط بينهما، لكنه الفقد ومرارته، وفي الوقت نفسه، الفرح الذي يتسلل إلينا كلما غادرنا واحد من الكبار، وكان محل اعتزاز وفخر، الموت هنا ليس كالموت العادي، وإنما هو موت يؤسس للحياة المستمرة. وتحدث عن مواقع التواصل الاجتماعي؛ وقال: لا صدقية لها على الإطلاق، ولا حتى في أيام الحرب، مشيراً إلى الشائعات التي تتداولها من حين لآخر، بخصوص وفاة بعض الشخصيات الثقافية والفنية والرياضية، مثل عبدالرزاق عبدالواحد، ومحمد علي كلاي، وعادل إمام، وغيرهم. وأضاف في الإمارات وفي الوطن العربي، مازلنا نتحدث عن الصحافة رأياً وتحقيقاً وحواراً، ونهتم بهذا، ونعتقد أنه المهم، ونخصّص له الجوائز، ونغفل عن الخبر، وننسى التغطية الصحفية، رغم أنها هي الأهم والأخطر. وتساءل الصايغ: كيف نتعامل مع الخبر في غير أيام السلم، حتى لا نقول أيام الحرب، ونحن في حرب حقيقية، بالأمس نُشرت صور للشهيد هادف الشامسي في وسائل التواصل الاجتماعي، لكنها ليست صوره، ويوم فقدنا شهداءنا الاثنين والخمسين، نزلت قائمة في وسائل التواصل الاجتماعي لخريجين من جامعة الإمارات على أنهم شهداء، كذلك نزلت قائمة غير صحيحة بأسماء المرشحين للمجلس الوطني، مضيفاً: هذا شيء مربك وغير طبيعي، ونعتقد أن بعضه مقصود، وبعضه غفلة وجهل، لكن المصيبة الكبرى أن تستغل وسائل الإعلام في خدمة الجهل، والمفروض أن يتمّ ضبط هذا الفضاء المفتوح. وقال: في موضوع الإعلام والحرب أعتقد أن هناك حرباً موازية دائماً، هي الإعلام في أيام الحرب، أنت لديك إعلامك والخصم له إعلامه كذلك، وهناك مندسّون ومتسللون وقصص كبيرة تحاك في الخفاء، متسائلاً: كيف تعاملنا في دولة الإمارات العربية المتحدة مع هذه الحرب إعلامياً؟ أكيد نحن مقصّرون، لكن يمكن القول إن إعلامنا بدأ يصحو قليلاً في الأيام الأخيرة، وقد يعود ذلك التقصير في بعض أسبابه إلى عدم وجود إعلام عسكري متخصص، لأن من يقومون بتغطية الحرب اليوم، إما في المحليات أو متخصصون في الشأن المحلي أو العربي والدولي، وعن بعد، ولم نجد سوى زيارات خاطفة لليمن، تحدث فيها زملاؤنا المحررون عن انطباعاتهم؛ فهل المؤسسات الصحفية والإعلامية في الإمارات لم تقم بتخريج محرر عسكري واحد على مدى عقود رغم تقدمها؟! وأضاف: المفروض أن يراجع إعلامنا من هذه الجهة، فنحن ننتصر في الحرب على الأرض، وننتصر معنوياً، ونريد إعلاماً مواكباً وثقافة مواكبة. وتحدثت الدكتورة فاطمة سيد أحمد في البداية عن الملامح العامة للموضوع، مشيرة إلى أن ثمة ضرورة ملحة للحديث عنه في هذا الظرف تحديداً، وقالت إن هناك انتصارات وأحداثاً جارية على أرض المعركة في اليمن، وشواهد كثيرة يمكن أن يرصدها الإعلام، ويوصلها إلى الرأي العام، ويهيئه لتقبلها وتقبل مبدأ أن لكل حرب شهداء، ولكل حرب ضحايا، مؤكدة أن الرأي العام لابدّ له أن يكون مؤمناً بما تُقدم عليه بلاده، خاصة إن كانت حرباً عادلة من أجل استرداد الكرامة الإنسانية والشرعية لدولة شقيقة مثل اليمن، كل ذلك يستوجب منا نحن الإعلاميين أن نكون مهيئين لتوصيل هذا الحدث للجمهور المستهدف. وأشادت باللمسات الإنسانية لدولة الإمارات في الإغاثة والدعم الإنساني الذي تقوم به على مستوى العالم، مضيفة أن معنى الحرب وتحرك جيش وسقوط شهداء، يعطينا معنى أكبر، ما يمكن أن نرصده بالعين المجردة، وهو يحيلنا إلى معنى العقيدة القتالية، وكيفية تأهيل الإعلامي، سواء في قناة أو صحيفة مكتوبة، ليكون قادراً على تهيئة الرأي العام لتقبل الموضوع. وتساءلت في هذا السياق: هل يتم تأهيل المحرر العسكري أم يتخرج في كلية الإعلام؟ مؤكدة أن المحرر العسكري لابدّ أن تكون له قناعة تامة وراسخة في داخله، وإيمان بما هو مقبل عليه في التغطية الصحفية، ومن ثم التخصص فيه، على غرار باقي التخصصات الأخرى، مؤكدة أن تأهيل المحرر العسكري يتمّ بوساطة المؤسسة العسكرية نفسها التي تصل إليها مكاتبات من الوسائل الإعلامية التي تطلب تكوين محرر من محرريها أو تأهيله، ليكون مختصاً في الشأن العسكري، وتخضع هذه المكاتبة لبعض الشروط في الإعلان عن الشخص المتقدم لولوج هذا الإعلام المهني، لدقة هذا العمل الذي يستوجب شخصيات لها مواصفات معينة، وبعد قبول الشخص الذي تنطبق عليه المواصفات يخضع لتأهيل دورات إعلام عسكري في أحد المعاهد العسكرية، سواء في كليات حربية أو غيرها لمدة تراوح بين 15 و45 يوماً، تركز كلها على تهيئة ذهن الصحفي لكي يصبح محرراً عسكرياً. وأضافت: بعد ذلك يدلّل المحرر على ما اكتسبه من المؤسسة العسكرية، وما تمّ تأهيله له، وما استوعبه هو نفسه من الكلية الإعلامية التي تخرج فيها، ويبدأ في تقديم العمل العسكري بشكل يصل إلى المدنيين بطريقة سهلة وبسيطة، بعيداً عن الإغراق في المصطلحات الخاصة بالمجال العسكري وثقافته ورموزه. وأكدت أن دور الإعلام في الحرب يختلف بالضرورة عنه في السلم، لأن الإعلام في السلم يتيح للإعلامي مطلق الحرية في التحدث عن أي موضوع أو إنجازات يريد أن يغطيها، أما في إعلام الحرب فليس له الحق في ذلك، ولا يجوز له أن يقوم بتجزئة الحدث، كما تفعل وسائل التواصل الاجتماعي، وتقع مسؤولية ذلك، إن حدث، على الجهة المسؤولة عن الإعلام في الدولة عموماً، وعلى المؤسسة العسكرية خصوصاً. حرب مختلفة وإعلام مختلف وتطرقت المحاضرة إلى دور الإعلام في حرب تحرير اليمن، مؤكدة أننا أمام نموذج مختلف من الحروب، فهي أول حرب تحرير تخوضها الجيوش العربية، فيها اختلاف في العقيدة العسكرية عن الحروب التي خاضتها المنطقة العربية، التي كانت حرباً نظامية، أما اليوم فنحن أمام حرب من نوع خاص تحتم علينا شكل إعلام مختلفاً، حربياً كان أم عاماً لأن شكل الحروب اختلف مع قدوم عام 2011، وفي أعقاب الثورات التي اندلعت في بعض الأقطار العربية والتي كان المراد منها تفتيت الجيوش النظامية الكبيرة التي مازالت متماسكة، أو الجيوش ذات التسليح الحديث في المنطقة، لتصير الحروب بعيدة عن المعنى التقليدي للميادين الحربية أو جبهات القتال المفتوحة للمعارك، في إطار جيش يقابله جيش، وعتاد تسليح ثقيل، وجميعها خارج نطاق المدن والمناطق المأهولة بالسكان، وإذا حدث فإنها تكون ضمن جرائم الحرب بمعناها الواسع. وأكدت أن ما نعيشه الآن، ميليشيات وعصابات إرهابية، ميادينها الشوارع والطرقات والمدن، وتسليحها محمول وذو طبيعة فردية، كما أن رصد هذه الجماعات ومخابئها اعتمد على أسلوب مختلف للطائرات المقاتلة، حيث تكون من مسافات منخفضة، وبما أن جيوشنا النظامية لم تعتد على هذه النوعية من حرب العصابات، حيث إنها كانت دائماً بين ميليشيات متشابهة وليست بين جيش وعصابات، وكذلك جيوشنا تحكمها عقيدة قتالية لا تجور على المدنيين، ولا تسمح بأي أذى يصيبهم، وصارت هناك معضلة مع هذه الميليشيات المسلحة المختبئة في بيوت الأهالي أو في كهوف بمناطق ذات طبيعة جغرافية، لا يمكن للمعدة العسكرية أو حتى المقاتلات أن تصل إليها بعد اكتشافها، لضربها من دون الإضرار بالمدنيين، ومن هنا كان لابدّ من تهيئة إعلامية قادرة على توصيل هذا المتغير في شكل الحروب التي تخوضها الجيوش الوطنية، وبما لدى وسائل الإعلام من قدرة عملية للوصول بالعقل العربي الجمعي إلى صيغة التجارب، والإيمان بضرورة العمليات القتالية التي تقوم بها الجيوش العربية وتجهيز العقل والشخصية الوطنية إلى أن الأمر يتطلب تهجيراً ونزوحاً من مناطق أكثر خطورة على المدنيين، لأنها صارت ميداناً للمعركة. وتساءلت لماذا لم يقم الإعلام بدوره مع الجيش والدولة والتأكيد أن ما يحدث في اليمن ليس تهجيراً قسرياً وجوراً على المدنيين، وإنما هو حماية لهم ولممتلكاتهم، بدلاً من أن يكونوا دروعاً بشرية لحماية الإرهابيين الذين يرغمونهم على المكوث في بيوتهم تمويهاً للجيوش، على أنها مناطق يقطنها مواطنون عاديون وليس عصابات إرهابية. وأكدت أن هذا التقصير نتج عن إعلام لم يقدر على توصيل ما يريد، وحتى صورة المراسل العسكري الذي عليه أن يكون بميدان المعركة اختفت كلية من المشهد، وربما يكون المسؤول عن ذلك هم العسكريون الذين يخشون استشهاد المراسل الذي بالضرورة في مثل هذه الظروف يكون جندياً بأدواته، هذا إذا أردنا إعلام حرب يكون موجهاً لحشد الطاقات المعنوية وغرس العقيدة القتالية، ودعم إرادة التضحيات والثبات والاستمرار والثقة بالنصر، خلال عروض العمليات الحربية والتوعية بإجراءات الأمن الوطني المصاحبة. وأشارت إلى أن الإعلام بصفة عامة مهمته التفاعل (العسكري المدني) وحتى لا يكون بعيداً عن ذهن الإعلاميين بل والمخططين الاستراتيجيين الذين كان عليهم واجب عقد الاجتماعات الطارئة بجامعة الدول العربية التي منها دول التحالف العربي الذي يضم عشر دول لوضع استراتيجية إعلامية، موضحة مهام هذه القوات وأن تكون البيانات والتقارير العسكرية التي يعدّها المتحدثون العسكريون متقاربة في المضمون، لأن التحالف ليس عسكرياً فقط، لكنه تحالف من أجل هدف إنساني وهو حماية شرعية اليمن وسيادته، والحفاظ على قوامه، وهذا ما تؤمن به الجيوش العربية المشاركة. وأوضحت أن للإعلام الوطني دوراً أساسياً في تهيئة الرأي العام للحدث سواء تم بالفعل أو قيد الفعل؛ فالرأي العام هو الصيرورة الوطنية التي يستمد منها متخذ القرار شرعية الحدث، والمنطقة العربية لم تقم في تاريخها الحديث بأي معارك كدول غازية أو مغيرة، فيما عدا غزو العراق للكويت، الذي شجبته الأغلبية العظمى من الدول العربية. ويبقى أمامنا نموذج الحرب العادلة الذي سيطر على عقيدة الجيوش العربية منذ عام 1973، لأنها كانت حرباً لاسترداد الحق والأراضي المغتصبة، ومن بعدها لم تقم الجيوش العربية بأي حرب إلّا تحت مظلة استرداد الحق والشرعية والحفاظ على المقدرات وحماية الأمن الوطني، متسائلة أين موقع الإعلام العربي من هذا المتغير؟ وما الذي قدمه في هذا السياق؟ وما الاستراتيجية الإعلامية بهذا الخصوص؟ وهل نحن بحاجة إلى وضع استراتيجية جديدة لتكوين صحفي يواكب الأزمات التي تمر بها المنطقة العربية؟ هل تم وضع استراتيجية عربية موحدة لقوات التحالف العربي لتحرير اليمن؟ هل المتحدثون العسكريون الذين خرجوا علينا بالبيانات كان كل واحد منهم يتحدث باسم التحالف أو باسم بلده؟ وخلصت إلى أننا نفتقد اليوم وجود استراتيجية عربية واضحة المعالم، وتكوين إعلاميين عسكريين على أعلى مستوى، مؤكدة أن ذلك لا يقترن بالضرورة مع وجود الحرب من عدمها، فضلاً عن الحاجة الماسة إلى آلة دعائية للحرب النفسية، ورؤية متكاملة للموقف الذي نحن فيه.