اتجهت الأزمة في اوكرانيا إلى مزيد من التصعيد مع غياب الأفق لإطلاق مبادرات التسوية. وعطل المعتصمون عمل البرلمان أمس، وطوقوا مبنى الحكومة اثناء انعقاد مجلس الوزراء، وشرع المحتجون في تنظيم لوائح متطوعين لمواجهة محاولات فض الاعتصامات بالقوة من جانب السلطات. وغداة رفض الغالبية المؤيدة للرئيس فيكتور يانوكوفيتش في البرلمان الأوكراني مشروع قانون قدمته المعارضة لإقالة الحكومة، ارتفعت حدة المواجهة في الشارع. وواصل المعتصمون الذين قضى كثير منهم ليل الثلثاء – الأربعاء في خيم، تدفقهم إلى ميدان «الاستقلال» وسط العاصمة الأوكرانية الذي يطلق عليه المعارضون تسمية «ميدان أوروبا». وأقام المحتجون سلسلة بشرية أمس، طوقت مبنى «الرادا» (البرلمان) الأوكراني ما دفع رئيسه إلى تعليق أعماله موقتاً. وقال محتجون إنهم لن يفكوا الطوق المفروض على البرلمان حتى يعود يانوكوفيتش من زيارة يقوم بها حالياً للصين، ويطرح «خريطة طريق» لتسوية الأزمة تقوم على تلبية مطالب «غالبية الأوكرانيين بالعودة عن قرار تجميد التوقيع على وثائق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والتي تفتح الطريق الى تعزيز اندماج أوكرانيا في الفضاء الأوروبي. ويحمل المحتجون الغالبية النيابية المسؤولية عن إفشال قانون إطاحة الحكومة التي يتهمونها بأنها مسؤولة عن اراقة الدماء، بعد محاولة لفض الاعتصام بالقوة الاسبوع الماضي، أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا. في الوقت ذاته، عقدت الحكومة أمس، أولى جلساتها منذ الأزمة، بعدما «حظيت بدعم وثقة متجددة من جانب البرلمان»، كما قال رئيسها نيكولاي آزاروف الذي حذر المعارضة من أن «قادتها يحتمون بالحصانة النيابية ويعملون على تحريض الشارع لتنفيذ اعمال اجرامية». وعكست كلمات آزاروف إصراراً من جانب الحكومة على مواصلة عملها على رغم تصاعد الاحتجاجات، كما قال زعيم المعارضة ارسيني ياتينيوك رئيس حزب «الوطن»، وزاد أن الحكومة تسير بقوة نحو تصعيد المواجهة في الشارع. وزادت حدة المطالب التي يرفعها المحتجون أمس، إذ لم تعد تقتصر على اقالة الحكومة بل تعدت ذلك إلى مطلب اقالة الرئيس يانوكوفيتش واجراء انتخابات نيابية مبكرة وتقديم المسؤولين عن قرار الهجوم على الميدان لفض الاعتصام بالقوة إلى محاكمة علنية، إضافة إلى مطلب اطلاق سراح رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموتشينكو التي تقضي حكماً بالسجن بتهمة الاضرار بمصالح اوكرانيا بسبب توقيعها اتفاق تعاون مع موسكو، اعتبرته السلطات القضائية مجحفاً. وحاصرت مجموعات من المعارضة أمس، مبنى الحكومة الذي جرت فيه الجلسة وسط تدابير امنية غير مسبوقة. في الوقت ذاته، استمرت عمليات جمع أسماء المتطوعين في الميدان لتشكيل ما أطلق عليها «مجموعات الدفاع الذاتي» التي أعلن عن تأسيسها، لمواجهة أي محاولة جديدة لفض اعتصامات المعارضة بالقوة. وحذر خبراء من أن «الوضع يتجه سريعاً نحو منحدر صعب، وان رفض التضحية بالحكومة التي يعتبرها المعارضون مسؤولة عن سلسلة اخفاقات، سد أبواب التسوية السياسية للأزمة وعرقل فتح أي حوار». تزامن ذلك مع إعلان الحكومة عزمها على ارسال وفدين، واحد إلى بروكسيل لمواصلة المناقشات حول شروط الشراكة الأوروبية – الاوكرانية والآخر إلى موسكو لمناقشة «تعزيز التعاون في كل المجالات وخصوصاً في مجال الغاز وواردات الطاقة». وأعلنت شركة «غازبروم» الروسية أمس، أن الديون المستحقة لها على أوكرانيا تتجاوز البليوني دولار، لم يجر الاتفاق بعد على كيفية تسديدها. إلى ذلك، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، الغرب إلى عدم التدخل في شؤون أوكرانيا، وقال إن «الأحداث الأخيرة في أوكرانيا شأن داخلي، نأمل بأن يتم التوصل إلى تسوية له وفق الدستور والقوانين». وأبدى لافروف «استغرابه» لـ «انتقادات وجهها الحلف الأطلسي لكييف دان فيها استخدام القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين. واعتبر الوزير الروسي ذلك جزءاً من «حملات التحريض» لمصلحة المعارضة. وأتى حديث لافروف بعد مرور يومين على وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحدث في أوكرانيا بأنه «ليس ثورة بل اعتدءات غير قانونية على المنشآت العامة».