على هيئة الإذاعة والتلفزيون أن تؤكد أنها ليست جهاز ترفيه كما هو حال بعض القنوات التجارية التي تسعى لجذب المشاهد بصرياً بأعمال تبدو في كثير من الأحيان أن لا هدف لها سوى الجذب بالصورة بعيداً عن الهدف، مستهدفة فئة الشباب في المقام الأول، رغم أن هذا ليس دور الدراما الحقيقي والذي يفترض أن ينصب على قضايا جوهرية تستهدف المجتمع الذي تنتج له. ولأننا في الوقت الراهن نعيش نوعاً جديداً من القضايا أصبح لزاماً علينا أن نوجه الدراما الخليجية والسعودية على وجه الخصوص للاهتمام بهذه القضايا الدخيلة علينا والتي نسمع عنها كل يوم هنا وهناك ويأتي في مقدمتها قضايا التطرف الديني التي أصبح المروجون لها يستهدفون شبابنا عبر شبكة الانترنت وخصوصا لمن هم في فراغ عملي أو فكري أضف إلى هذا العديد من القضايا النفسية التي نسمع بها والتي تؤدي إلى الجريمة كأن يقدم الشخص على الانتحار أو قتل الأبوين أو الزوجة أو الأبناء أو الأقارب أو غيرهم وكلها مؤشرات خطيرة وخصوصا في مجتمع مسلم ومتماسك اجتماعيا كمجتمعنا. وتتدرج القضايا إلى أن تصل إلى البطالة والفراغ لدى الشباب والعزوف عن الزواج وبناء الأسرة مما يزيد نسبة العنوسة مع إقرارنا بوجود أسباب جوهرية لذلك علينا معالجتها، أضف إلى هذا ضعف التربية للأطفال وغياب دور المدرسة التربوي التكاملي مع الأسرة وعدم وضع برامج خاصة للمحافظة على النشء وغيرها كثير من القضايا وفق أهميتها وتحولها من قضايا فردية إلى ظواهر تستحق الاهتمام والدراسة. ولهذا يبرز دور التلفزيون كوسيلة إعلامية هامة في تسخير العديد من برامجه لمثل هذه القضايا ويأتي في مقدمتها دور الدراما كعنصر هام في إبراز قضايا المجتمع عبر إنتاج دراما تعايش الأحداث، وهو الآن واجب وحتمي وليس خياراً ولهذا اعتقد أن على هيئة الإذاعة والتلفزيون أن تسخر إمكاناتها الإنتاجية لإنتاج أعمال تلامس قضايانا وفق أهميتها، وهنا أرى أن البداية تكون من الفكرة والنص حيث إن على الهيئة أن تعلن عن برنامجها الإنتاجي وتطلب من الكتاب وليس من المنتجين التقدم بأفكارهم واختيار الأفضل منها وبعدها تأتي عملية استقطاب أفضل كتاب السيناريو والحوار لتجسيد هذه الفكرة نصاً متميزاً. وبعد هذه المرحلة يأتي دور المنتج في تحويل هذا النص إلى عمل مرئي دون أي تدخلات منه لاختصار النص أوتقليص عدد المشاركين أو اختيار عناصر قليلة الخبرة فالعمل الناجح يحتاج أن يكون مكتمل العناصر ليحقق النجاح المأمول ولعلنا بهذا نخرج من النمط الإنتاجي المعتاد الذي نتبعه كل عام في إنتاج أعمال للعرض في شهر رمضان وكأن التلفزيون لا يشاهد إلا في هذا الشهر الكريم، فالقناة الناجحة تستهدف مشاهديها على مدار العام وتستقطبهم عبر معايشتها لواقعهم اليومي وقضاياهم اليومية. وللدراما دور مهم في نجاح أي قناة ولكن الإنتاج الدرامي المتميز يحتاج إلى التخطيط المسبق والوقت الكافي للتنفيذ بعيداً عن تعميدات رمضان التي تأتي في ذروة الإنتاج السنوي والتي تصدر قبل رمضان بوقت غير كاف وتنتج أعمال في غالبها ترفيهي، وهنا يغيب الدور الرئيسي للدراما وهو التواجد على مدار العام ومعايشة قضايا المجتمع بكل مصداقية، وهذا هو المأمول من القنوات الرسمية التي لا تعتمد في تمويلها على المعلن ولهذا عليها أن تسخر ميزانياتها الرسمية لدعم قضايا المجتمع وتأثيرها سيكون كبيراً في التنبيه لما نتعرض له من استهداف لشبابنا.