يواجه زعيم حزب العمال، جيرمي كوربن حاليًا، تحديات داخل حزبه حول تقدم عمل عسكري لحماية المدنيين في سوريا، وبات حزبه مستعدًا للعمل مع نواب آخرين من حزب المحافظين لتعزيز استراتيجية ذات ثلاثة محاور تبدأ بتدخل عسكري من جانب القوات البريطانية وتستكمل بمبادرات إنسانية ودبلوماسية. وأشار كوربن إلى أن حزبه قد يدعم عمل عسكري في سوريا دون قرار من الأمم المتحدة، بعدما كان رافضًا لأي تدخل عسكري بريطاني في الأزمة السورية. ولم يكشف كوربن حتى الآن عن موقفه النهائي حول هذه القضية، وكان يعارض دومًا فكرة إرسال قوات مسلحة خارج بريطانيا. وقدم أكثر من 50 نائبًا من حزب العمال طلبًا في البرلمان، لدعم عمل عسكري بريطاني لحماية المدنيين في سوريا. ويمثل هذا التحرك تحديًا واضحًا لزعيم حزب العمال، وناقش النواب في جلسة برلمانية الثلاثاء الماضي، بقيادة النائبة العمالية جو كوكس، وهي رئيسة سابقة للسياسة في منظمة «أوكسفام»، عن توحيد جهودهم لدعم خطة تدخل عسكرية. وفي مكالمة هاتفية لـ«الشرق الأوسط»، رفضت المتحدثة باسم كوكس، روث برايس، الإجابة عن الأسئلة حول هذه التطورات، ولكنها أكدت أن «كوكس أكدت في الجلسة أن الاستجابة الإنسانية لن تكون كافية لإنهاء الحرب في سوريا، ولهذا السبب نحن بحاجة إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية لإيجاد حل سياسي للصراع». ونشرت كوكس على حسابها في موقع «تويتر» تغريدة تقول، إن «75 في المائة من حوادث سقوط المدنيين في سوريا يتسبب بها النظام السوري، وإن الأسد قتل سبعة أضعاف ما قتله تنظيم داعش من مدنيين هذا العام فقط». وأعربت كوكس عن اعتقادها أن «استجابة المجتمع الدولي للأزمة السورية من خلال الأمم المتحدة لم تكن كافية». ودعت النائبة الحكومة البريطانية والاتحاد الأوروبي إلى مزيد من الدعم الإنساني للاجئين السوريين، وبذل الجهود الدبلوماسية العاجلة لدفع الرئيس بشار الأسد إلى طاولة المفاوضات، بينما يصبح التدخل العسكري لحماية المدنيين «في صميم المهمة الجديدة». وتدفع المجموعة البرلمانية للضغط باتجاه حلول عملية، من بينها استخدام القوة لفرض مناطق آمنة محمية داخل سوريا، وفرض مناطق «حظر طيران»، أو إيجاد مناطق يمنع فيها القصف لمنع الأسد من شن المزيد من الهجمات ضد المدنيين، إضافة إلى التحركات لضرب تنظيم داعش الإرهابي في سوريا. وأعلن وزير الخارجية في حكومة الظل هيلاري بن، بعد الاجتماع، نهجًا جديدًا، بمباركة من كوربن. ويلمح هذا النهج الجديد إلى أن حزب العمال قد يكون على استعداد لدعم التدخل العسكري، حتى دون موافقة قرار الأمم المتحدة. يذكر أن الحزب صوت في مؤتمره السنوي، الشهر الماضي في مدينة برايتون الساحلية، بعدم دعم توجيه ضربات في سوريا دون قرار من الأمم المتحدة. ولكنه من غير الواضح، ما إذا كان كوربن، قد يصوت لدعم الضربات العسكرية، وأعلن في بيان: «التقيت مع الزملاء في حكومة الظل، وهيلاري بن يحدد موقفنا». وصرح كوربن في وقت سابق بأنه «سيعطي النواب تصويتًا حرًا بشأن مسألة دعم عمل عسكري في سوريا»، مضيفًا أن تحت قيادته فإن «السياسة الجديدة لا تتطلب موافقة الحزب على كل قضية». ومن جانبه، أكد بن موقف الحزب في مقال في صحيفة «الغارديان» البريطانية، قائلا: «منذ انعقاد مؤتمر حزب العمال، فإن روسيا أطلقت ضرباتها العسكرية في سوريا». وأضاف: «هناك مخاوف جدية جدًا بأن هذه الضربات تستهدف جماعات معارضة للأسد، وليس تنظيم داعش، وهذا يغير الوضع على الأرض، ويجعل الحاجة إلى اتخاذ إجراءات لإنهاء الحرب الأهلية السورية، أكثر إلحاحًا بكثير». وتابع وزير خارجية الظل: «النواب وآخرون يختلفون حول الأمر الصحيح الذي ينبغي القيام به، ولكن يجب علينا ألا ننسى أن لدينا مسؤولية على حد سواء لمساعدة الشعب السوري وحماية المواطنين البريطانيين». يذكر أن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، الذي فشل في عام 2013 في الحصول على دعم من مجلس العموم للتدخل في سوريا، أشار إلى أن تصويتًا جديدًا على العمل العسكري قد يكون وشيكًا. وقد بلغه أن عدد النواب المحافظين الذين يعارضون قرارًا التدخل سيكون بعدد الأصابع.