أقالت السلطات التركية أمس الأربعاء (14 أكتوبر/ تشرين الأول 2015) مسئولي شرطة انقرة بعد اربعة ايام على الاعتداء الاكثر دموية في تاريخ البلاد والذي اثار موجة غضب ضد الرئيس رجب طيب اردوغان قبل ايام من الانتخابات التشريعية المبكرة. واقر اردوغان مساء الثلاثاء باحتمال ارتكاب اجهزة الدولة "أخطاء" قبل الهجوم. وبعد ساعات اعلنت وزارة الداخلية اقالة قائد شرطة العاصمة قدري كارتال وكذلك اثنين من مساعديه المكلفين الاستخبارات والامن العام. وهذا القرار اتخذ "بهدف تسهيل التحقيق" كما قالت الوزارة في بيان. وفي مناسبة اول ظهور علني له منذ وقوع المأساة، اعلن الرئيس التركي فتح تحقيق لدى مجلس تفتيش الدولة لتحديد احتمال حصول تقصير امني قبل الاعتداء الذي اسفر عن مقتل 99 شخصا السبت واصابة اكثر من 500، بحسب حصيلة جديدة اعلنها مساء الاربعاء رئيس الوزراء احمد داود اوغلو. وقال اردوغان امام الصحافيين "كان هناك بالتاكيد خطأ او ثغرات في وقت من الاوقات. ما اهميتها؟ ستتضح الامور بعد التحقيق". وأعلن في هذا الاطار انه امر بفتح تحقيق بشأن ثغرات محتملة داخل اجهزة الدولة. وقال "للقيام بالأمر من منظور مختلف (...) أمرت مجلس تفتيش الدولة بفتح تحقيق شامل في هذين التفجيرين". ومجلس تفتيش الدولة المكلف التحقق من حسن سير ادارات الدولة، تولى في الآونة الاخيرة التحقيق في ظروف وفاة الرئيس السابق تورغوت اوزال الذي توفي في 1993 في ظروف مثيرة للجدل. ومنذ ثلاثة ايام، يتعرض اردوغان لانتقادات جديدة من خصومه لا سيما المعارضة الموالية للأكراد التي تحمله مسؤولية في الاعتداء. واتهمه رئيس حزب الشعوب الديموقراطي صلاح الدين دميرتاش بالاهمال المتعمد لسلامة أنصار القضية الكردية الذين استهدفوا السبت في انقرة خلال تظاهرة تدعو الى السلام ووقف المواجهات الدائرة منذ ثلاثة اشهر بين الجيش والمتمردين الاكراد. وقبل الانتخابات المبكرة المرتقبة في الاول من نوفمبر/ تشرين الثاني اتهم دميرتاش نظام اردوغان بان له علاقة مع تنظيم "داعش"، الذي اعتبرته السلطات "المشتبه به الاول" في الهجوم. ومنذ السبت تظاهر الاف الاشخاص في تركيا على وقع هتافات "طيب قاتل" او "نعرف القاتل" للتنديد باستراتيجية اردوغان التي قالوا انها تؤدي الى التوتر. وقال اردوغان الثلاثاء "بحسب المعلومات التي تسلمتها (تركيا)، فان هذا الهجوم الارهابي له جذور في سوريا" متوعدا مرة جديدة "باحالة المسؤولين عنه الى القضاء". وقام اردوغان الاربعاء بزيارة موقع الانفجار حيث وضع اكليلا من الزهر في ذكرى الضحايا. من جانب اخر اعلنت السلطات التركية الاربعاء انها اوقفت شخصين يشتبه بعلاقتهما بمتمردي حزب العمال الكردستاني ويحتمل انهما كانا يعلمان بشكل مسبق بالاعتداء. والاربعاء كشفت صحيفة حرييت انه تم التعرف على هوية الشخصين اللذين يشتبه بانهما الانتحاريان. وقالت الصحيفة الاول هو يونس ايمري الاغوز شقيق منفذ هجوم سوروتش الانتحاري والثاني عمر دنيز دوندار المعروف بانه توجه للقتال مرتين الى سوريا. وبحسب الصحيفة فان الرجلين وهما تركيان وصلا الى انقرة صباح السبت لتنفيذ الهجوم من مدينة غازي عنتاب (جنوب). وخلال نهاية الاسبوع اوقفت الشرطة التركية 43 شخصا يشتبه بعلاقتهم بتنظيم الدولة الاسلامية. واشار نائب رئيس الوزراء نعمان كورتلموش والناطق باسم الحكومة الى "اوجه شبه" مع اعتداء سوروتش الذي اوقع 34 قتيلا في 20 يناير/ كانون الثاني في سوروتش قرب الحدود السورية. وتركيا العدو اللدود للرئيس السوري بشار الاسد لطالما واجهت اتهامات بالتغاضي عن انشطة الجهاديين، وبعد اعتداء سوروتش قامت انقرة بتغيير نهجها وشنت بعض الغارات على مواقع لتنظيم "داعش" الذي هدد علنا بالرد. واستدعت تركيا سفيري الولايات المتحدة وروسيا لتحذيرهما من تقديم اي مساعدات للقوات الكردية السورية التي تقاتل تنظيم "داعش" في سوريا. وقال مسؤول في وزارة الخارجية التركية لوكالة فرانس برس "لقد تم استدعاء سفيري الولايات المتحدة وروسيا الى الخارجية الثلاثاء لعرض وجهات نظر تركيا بخصوص حزب الاتحاد الديموقراطي" الكردي السوري الذي تعتبره انقرة مقربا من المتمردين الاكراد الاتراك. وتعتبر انقرة حزب الاتحاد الديموقراطي فرعا من حزب العمال الكردستاني الذي يخوض نزاعا مسلحا منذ 1984 ضد قواتها الامنية على اراضيها. وتفاقمت حدة التوتر بين معسكري الرئيس التركي وحزب الشعوب الديموقراطي منذ استحقاق 7 حزيران/يونيو بعد احراز الحزب 13% من الاصوات و80 مقعدا في البرلمان (من 550)، واسهامه بالتالي في حرمان حزب العدالة والتنمية من الاكثرية المطلقة التي كان يحظى بها طوال 13 عاما. في المقابل، تتهم السلطات حزب الشعوب الديموقراطي ب"التواطؤ" مع "ارهابيي" حزب العمال الكردستاني على امل جذب الناخبين القوميين الى صفوفها. واعلن الحزب الكردي المسلح السبت بعد ساعات على هجوم انقرة تعليق عملياته قبل الانتخابات الا في حالات "الدفاع المشروع عن النفس". ولكن رصدت لاحقا مناوشات بين الجيش والمتمردين الاكراد. وبحسب وزارة الصحة فان 53 شخصا لا يزالون يعالجون في المستشفى بسبب اصاباتهم في اعتداء انقرة. ومساء الثلاثاء لم يلتزم مشجعون اتراك بدقيقة الصمت التي اعلنت في ذكرى ضحايا اعتداء انقرة ورددوا هتافات "الله أكبر" قبل مباراة لكرة القدم بين تركيا وايسلندا في قونيا (وسط) ضمن نهائيات كأس اوروبا 2016. وأدى فوز تركيا في المباراة الى اشاعة اجواء فرح لدى امة محزونة لكن رد الفعل غير المتوقع لدى بعض المشجعين الـ 42 الفا في الملعب اثار استهجانا وموجة استنكار على شبكات التواصل الاجتماعي.