بين يديَّ الآن عبوّة دواء، أتناول حبَّةً منه لأعالج جسدي من وجع الشدِّ العضليِّ الذي أصابه، جرَّاء ممارسة رياضة المشي بعد هجرانٍ لها طويل!. وكأنَّي مع رياضة المشي مثل الشاعر الشعبي الذي اعتذر لحبيبته عن هجرانه لها، فقال: ما عرفْت أنّ الهجران مُوجِع.. لين هجرتك.. تراني أتألّم.. وكلّ عروقي أوجعتني.. وبعيدًا عن الحبِّ وسنينه، أقول إنَّ العبوّة تحتوي على 30 حبَّة، وحسب وصفة الطبيب سأتناول منها ١٠ حبَّات فقط، حبّتيْن يوميًّا لمدَّة ٥ أيام، أمَّا الباقي -وهو ٢٠ حبَّة- فلا أدري ماذا سيكون مصيره؟ هل هو البيات الشتوي في ثلاّجتي حتى يأتي موعد حاجتي إليه مرّة أخرى؟ أم هو التبرّع به للجمعيات الخيرية التي أصبحت للأسف تُفضِّل التبرّعات النقدية لا العينية، إلاّ في الشديد القوي؟ أم هو الرمي في النفايات حال انتهاء صلاحيته دون أدنى استفادة منه؟!. باختصار، هذا هو حال السعوديين مع الدواء، الغالي منه والرخيص، وهي حال تحتاج لإصلاح، فالدواء نعمة من الله، ومعالجة شأنه بسلبية هكذا تُعتبر إهدارًا للمال وازدراءً للنعمة!. كانت هناك فكرة قديمة، وقد كتبْتُ أنا وغيري من الكُتَّاب عنها، بإلزام الصيدليات ببيع الدواء بقدر حاجة المريض التي يُحدّدها الطبيب، لا تلك التي تُحدِّدها مصانع ووكالات الأدوية التجارية التي يهمّها الربح، وتسويق بضائعها، ولو بكميات مُبالغ فيها، لكنّ الجهات المعنية، الصحية والتجارية، قد «طنّشَتْنا» تطنيشًا، وجعلت إحدى أُذنيْها من طين والأخرى من عجين، فأُجهِضت الفكرة المسكينة قبل أن تُولد!. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المباح، طالبت ببيع الدواء بمقدار الحاجة إليه، حتى لو بالحبَّة أو الحبَّتيْن، لا بالأوقيَّة أو الكيلوجرام، ففي هذا توفير لتكلفة العلاج على المريض، وسلوك إنساني لتاجر الدواء، وتقديرًا للدواء بتجنيبه التبذير! @T_algashgari algashgari@gmail.com