سادت مخاوف من حضور محدود للمقترعين في الانتخابات التشريعية المصرية المقرر انطلاق مرحلتها الأولى بعد غدٍ، ما دعا السلطة إلى الاستنفار لتأمين نسبة معتبرة من المصوتين، فسعت أجهزة الأمن إلى طمأنة المقترعين إلى أن العملية الانتخابية ستجرى «في ظل أعلى درجات التأمين، وعدم السماح بأي محاولات لعرقلة وصول الناخبين إلى صناديق الاقتراع». وأكدت السلطات المحلية أنها اتخذت «الإجراءات كافة لراحة الناخبين داخل لجان الاقتراع». ودخلت المؤسسات الدينية على الخط بعدما أفتت بأن التصويت في التشريعيات «واجب شرعي»، ولعبت وسائل إعلام محسوبة على النظام دورها هي الأخرى منبهة إلى أن ضعف الإقبال «سيمنح الفرصة لفوز مريح للقوى المتشددة». وبينما ظهر جلياً أن الانتخابات المقرر أن تنطلق السبت بتصويت المغتربين، قبل أن يقترع المصريون في الداخل الأحد، فقدت زخمها، بدا أن جماعة «الإخوان المسلمين» ستظل الغائب الحاضر عن آخر استحقاقات «خريطة المستقبل» التي أعلنت عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي. ونبه الناطق باسم اللجنة المشرفة على التشريعيات عمر مروان إلى أن البرلمان المتوقع التئامه مطلع العام المقبل «سيرسم مستقبل مصر خلال السنوات المقبلة»، داعياً الناخبين إلى «المشاركة بفعالية في الاقتراع وحسن اختيار من يمثلهم من النواب». وقال في تصريحات على هامش زيارته إلى الكويت برفقة وزيرة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج نبيلة مكرم: «حرصنا على التوجه إلى المصريين المغتربين لحضهم على المشاركة الإيجابية وبكثافة». وطالب بـ «عدم الالتفات إلى دعاوى التقاعس عن المشاركة». وقال: «ردوا عليها بإيجابية واذهبوا إلى لجان الانتخاب وصوّتوا وأحسنوا اختيار ممثليكم لأن البرلمان المقبل هو الذي سيرسم مستقبل مصر». وأكد أنه «لا بد من أن نتحمل جميعاً المسؤولية في تحديد من يحمل هذه الأمانة، ومن يرسم مستقبل مصر»، موضحاً أن «الجالية المصرية في الكويت سجلت المركز الأول من حيث كثافة المشاركة في الاستحقاق الرئاسي». وأعرب عن أمله في «أن تزيد كثافة المشاركة في الانتخابات المقبلة». وأعلنت وزارة الداخلية إنشاء غرفة عمليات للربط مع غرف عمليات المجالس القومية ومنظمات المجتمع المدني، «لرصد أي مشاكل أو معوقات أثناء العملية الانتخابية والعمل على حلها». وكان وزير الداخلية مجدي عبدالغفار تعهد أنه «لا يمكن تكرار حوادث منع بعض المواطنين المسيحيين من الإدلاء بأصواتهم». وقال: «هذا لن يحدث مطلقاً في أي شبر من أرض مصر تحت أي ظرف»، داعياً المصريين إلى «الإقبال بكثافة على لجان الاقتراع لتحقيق الاستحقاق الثالث من خريطة الطريق بانتخاب برلمان يعبر عن إرادة الشعب». ووعد بأن الانتخابات «ستشهد عملية تأمين غير مسبوقة من خلال منظومة متكاملة لكل مراحلها، سواء في ما يتعلق باللجان أو الناخبين أنفسهم أو عمليات الاقتراع والفرز». ورأى أن «مصر بدأت تعيش حالاً من الاستقرار بفضل الضربات الأمنية المكثفة التي وجهتها أجهزة الأمن إلى قوى الإرهاب والشر خلال الفترة الماضية». وأشار إلى أن «الوضع في سيناء حالياً مستقر إلى حد بعيد والعمليات الإرهابية التي تقع حالياً في سيناء هي عمليات فردية. جهود الأمن في مكافحة الإرهاب جيدة للغاية، والداخلية أحبطت كثيراً من العمليات الإرهابية قبل تنفيذها وألقت القبض على المتورطين فيها، لكنها تلتزم بعدم إعلانها حفاظاً على التحقيقات». وأكد مستشار مجلس الوزراء لشؤون الانتخابات رفعت قمصان في مؤتمر صحافي أمس أن الدولة «لا تخشى من التقارير الدولية عن الانتخابات، فمصر منحت تصاريح لـ81 منظمة دولية ومحلية لمتابعة الاقتراع، وليس لدينا شيئاً نخشاه». وقال: «أولويتنا الآن تكمن في تأمين العملية الانتخابية، وتجهيز مراكز الانتخابات وتقديم وسائل الراحة كافة إلى القائمين على العملية الانتخابية»، موضحاً أنه «تم تخصيص أكثر من 11 ألف مدرسة ومنشأة ستجرى فيها العملية الانتخابية، لتغطية انتخابات في 205 دوائر انتخابية». ولفت إلى أن أولى جلسات البرلمان «ستعقد قبل نهاية العام». أما وزير التنمية المحلية أحمد زكي بدر فوعد خلال المؤتمر الصحافي نفسه بتقديم «المساعدات كافة للناخبين، وعدم التدخل في الانتخابات، لكن مهمة الحكومة ستكون توفير الراحة ووسائل دعم المواطنين وتوصيلها إلى لجان الانتخابات». وتعهد «أن تكون التشريعيات نزيهة جداً، ويجب مراعاة عدم التأثير على الناخبين أو توجيههم بانتخاب شخص معين أو قائمة معينة. علينا تشجيع الناس فقط على الذهاب إلى الانتخابات، والأنسب هو من يختاره الشعب». وأضاف: «ليست لدينا رغبة أو هدفاً لتمييز مرشح عن مرشح، وعلى المرشحين احترام قرارات لجنة الانتخابات». وأكد أن «هناك تنسيقاً تاماً بين الشرطة والجيش في حماية الناخبين والقضاة والعاملين في اللجان، وأي مخالفة في القانون سيتم التعامل معها بحزم وفقاً للقانون».