تحدثت في آخر مقال عن "عدوى المستشفيات" وطالبت فيه وزارة الصحة بمزيد من الحزم والجدية في محاسبة المقصرين بمسائل التعقيم ومكافحة العدوى (كي لا يتكرر ماحدث مع فيروس الكورونا في عدد من مستشفيات الرياض).. كما يجب أن تضع قوانين لمحاسبة من لا يلتزم بمعايير الجودة العالمية للمستشفيات (التي تدعى اختصارا جي سي آي) وسبل مكافحة الوفيات المرتفعة بين المرضى (بسبب التهاون في الاجراءات التي سنذكرها تاليا).. .. وكان "معهد العناية الصحية" في أميركا قد أطلق حملة لإنقاذ حياة 100 ألف مريض يموتون سنويا بسبب العدوى والتقصير وعدم الجدية في التعقيم.. ومن أهم الإجراءات التي أكد عليها وعلى الجدية في تطبيقها مايلي: 1- الإجراء الأول: (مكافحة التهاب الرئة الناجم عن استعمال جهاز التنفس الاصطناعي).. فاستعمال هذا الجهاز كثيرا ما يؤدي الى التهابات رئوية قاتلة ينظر إليها حتى الأطباء كقدر يصعب تلافيه. غير أن تبني إجراءات بسيطة (مثل رفع مستوى الرأس والإخلاص في تنظيف فم المريض وتعقيم أنبوب التنفس ذاته) من شأنه تخفيف نسبة الالتهابات القاتلة حتى 65%.. 2- الإجراء الثاني: (منع الالتهابات الناتجة عن القسطرة الوريدية).. فهذه القسطرة المسؤولة عن إدخال الدواء والغذاء عن طريق الشريان معرضة للتلوث بنسبة كبيرة ويمكنها إدخال جراثيم خطيرة إلى الدم مباشرة.. غير أن تغييرها باستمرار، واهتمام الأطباء والممرضات بتعقيم أيديهم جيدا، كفيل بالتخفيف من مخاطرها بنسبة 70%!. 3- الإجراء الثالث: (مكافحة الإهمال والأخطاء التي تحدث في غرفة العمليات ذاتها).. فالأخطاء ومسببات الالتهاب التي تحدث أثناء العملية ذاتها قد تسبب انتكاسة المريض ووفاته لاحقا.. ومشكلات كهذه يمكن تلافيها بمراجعة إجراءات العملية (قبل وبعد تنفيذها)، ومنح المريض المضاد المناسب، وغسل اليدين بصورة منضبطة، وعدم حلاقة شعر المريض في موقع العملية! 4- الإجراء الرابع: (احترام شكوى المريض ورد الأطباء عليها سريعا).. فبعض الأطباء لا يأخذون شكوى المريض على محمل الجد وكثير منهم يتذمرون من الاستدعاءات المتكررة، ويتأخرون في الرد عليها أو يتجاهلونها فعلا.. وفي المقابل أثبتت الإحصائيات أن رد الأطباء بنسبة 100% كفيل بتخفيض عدد الوفيات بنسبة 20% (ولعل هذا ما يفسر نجاة المرضى المهمين أو الVIP بنسبة أكبر من المرضى العاديين)!. 5- الإجراء الخامس: (التعامل الوقائي مع مشكلات القلب والأمراض الخطيرة كما لو أنها ستحدث فعلا).. فعلى سبيل المثال لا يجب انتظار حدوث نوبة قلبية خطيرة كي يبدأ الأطباء بتطبيق إجراءات العلاج المناسبة (كإدخال قسطرة عن طريق الشريان).. كما أن تطبيق المعالجة الصحيحة لمرضى النوبات القلبية كفيل بتخفيض نسبة الوفيات بينهم من 10% (المعدل المعتاد) الى 4% فقط!. 6- الإجراء السادس: (توحيد العقارات التي يأخذها المريض وتحاشي الوصفات الخاطئة).. فبالاضافة الى احتمال وصف أدوية خاطئة يحصل المريض غالبا على وصفة طبية مختلفة كلما زار طبيبا جديدا.. والمطلوب هنا هو "مواءمة الدواء" ومراعاة أدوية المريض السابقة ناهيك عن احترام الأطباء لقرارات زملائهم السابقين قبل وصف علاج مختلف!. .. وهذه الاجراءات قد لا تكون مجهولة لوزارة الصحة أو للعاملين في المجال الصحي ولكن ينقصنا فقط الجدية في تطبيقها، والحزم في معاقبة المخالفين لها.. أما بالنسبة لك أنت كمريض؛ فيجب أن تدرك أن وجودك في المستشفى بمثابة وجودك في "غرفة مقاصة" لتبادل الجراثيم والميكروبات التي يتم تناقلها بواسطة أيادي الأطباء والأدوات الطبية المشتركة.. وإن كنت لا تعلم أخبرك أنا: من حقك كمريض منع الطبيب من لمسك ما لم يضع قفازاً جديداً، أو يعقم يديه أمامك.