بغداد: حمزة مصطفى يضع هروب «قادة كبار» في تنظيم «القاعدة» بالعراق من سجنين قرب بغداد، مساء الأحد الماضي، البلاد على أعتاب «أيام سوداء» تنذر بمرحلة أمنية أكثر خطورة من تلك التي تشهدها حاليا. وفيما أعلن تنظيم مرتبط بـ«القاعدة» مسؤوليته عن الهجومين، واصلت الحكومة وعلى رأسها نوري المالكي التزام الصمت. وتبنى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، الذي يتبع قيادة «القاعدة» الهجوم على السجنين. وجاء في بيان منسوب إليه نشر على موقع «حنين» الذي يعنى بأخبار الجماعات المتشددة، أن العملية جاءت «استجابة» لنداء زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، في أن «تختم خطة (هدم الأسوار) المباركة التي بدأت قبل عام من اليوم بغزوة نوعية». وأعلن التنظيم عن «تحرير المئات من أسرى المسلمين بينهم ما يزيد على 500 مجاهد من خيرة من ولدتهم الأرحام». وحذر مصدر أمني رفيع المستوى، لوكالة الصحافة الفرنسية، من أن «أياما سوداء تنتظر العراق، فالذين فروا من كبار قيادات (القاعدة)، وكل العملية نفذت من أجل مجموعة معينة منهم». وأضاف «الكبار تمكنوا من الفرار»، مشيرا إلى أن «الفارين سيعملون على تنفيذ أعمال انتقامية قد تكون معظمها انتحارية». بدوره، قال النائب حاكم الزاملي، عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «أغلب السجناء الذين فروا من سجن أبو غريب هم من القياديين الكبار في تنظيم القاعدة ومحكومون بالإعدام». ويرجح الزاملي أن «يتوجه الإرهابيون إلى سوريا لإعادة التنظيم والعودة من جديد إلى العراق لتنفيذ هجمات إرهابية ضد الشعب العراقي». وتعتمد الحكومة العراقية مبدأ «الناي بالنفس» في ما يتعلق بأعمال العنف المتصاعدة، حيث يتجاهل مسؤولوها الكبار هذه الهجمات، التي تتجاهلها أيضا وسائل الإعلام الرسمية، أو تحاول التقليل من أهميتها. وبعيد الهجوم على السجنين، لم يصدر عن السلطات سوى بيان واحد نشرته وزارة الداخلية وأكدت فيه أنها تلاحق الفارين. من جهته، أبدى حسن جهاد، عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، استغرابه لهذا الصمت الحكومي. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمر المستغرب أن تعلن (القاعدة)، وبعد أقل من 24 ساعة مما حصل، تبنيها الحادث، وإعلانها عن تهريب 500 سجين بعضهم من عتاة سجنائها وقادة التنظيم، بينما لا تحرك الأجهزة الرسمية ساكنا بهذا الاتجاه سوى التركيز على مسألة تواطؤ الحراس أو ما حصل من مواجهات بين الجيش والإرهابيين». ويرى جهاد أنه «كان على الحكومة وأجهزتها الأمنية والرسمية أن تعلن وبكل شفافية عن عدد الهاربين حتى لا يقع الجميع في دائرة التأويل، فهناك من يقول 500، وهناك من يقول 1000، وبالتالي إعلان الرقم من قبل (القاعدة) أمر مؤسف، بينما كان المفروض أن يتم الإعلان للناس عن الرقم الحقيقي»، مؤكدا أن «معلوماتنا تشير إلى أن عدد من تم تهريبهم قريب بالفعل من الرقم الذي أعلن أمس (الاثنين) وأكده تنظيم القاعدة اليوم (أمس)». كما أفادت مصادر أمنية بمقتل 150 سجينا في الهجوم على سجن «الحوت» في التاجي. في سياق ذلك، أعلنت خلية الأزمة التي يرأسها رئيس الوزراء نوري المالكي، بوصفه القائد العام للقوات المسلحة، فرض حظر شامل للتجوال على مناطق التاجي وأبو غريب والطارمية والرضوانية، وهي مناطق ذات أغلبية سنية بهدف ملاحقة الهاربين. وأعلنت الخلية بعد اجتماع عقدته مساء أول من أمس وجود أدلة على تواطؤ بعض الحراس مع المهاجمين. وبدوره، اعتبر طلال الزوبعي، عضو البرلمان عن ائتلاف العراقية الموحد والنائب عن المناطق المشمولة بحظر التجوال، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «سياسة فرض الحصار على المواطنين العزل عقب كل فشل أمني تحولت إلى سياسة ثابتة قوامها معاقبة مكون معين». وأضاف أن «ملاحقة الإرهابيين لا تتم بهذه الطريقة التي من شأنها زيادة النقمة الشعبية، لأن عملية الحصار شملت حتى قطع المياه والطرق والكهرباء ومحاصرة الأهالي بحيث لا يتمكنون من الوصول إلى منازلهم». واستغرب عمار الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي، سكوت المسؤولين حيال تكرار جرائم محاولات اقتحام السجون العراقية وفرار المئات من الإرهابيين، وعدم تقديمهم شرحا بخصوص ذلك. وقال الحكيم خلال كلمة له في إحدى الأماسي الرمضانية التي يرعاها في مكتبه إن «المرء يكاد يصل إلى لحظة يشك فيها في مسارات إدارة الملف الأمني»، متسائلا عن «حقيقة وجود رؤية واضحة واستراتيجية محددة وخطط ناجعة وقيادات كفؤة في إدارة الملف الأمني في البلاد».