×
محافظة المنطقة الشرقية

بالصور..انفجار مجهول المصدر يودي بحياة راكب في جازان

صورة الخبر

في مثل هذا التوقيت من كل عام يتطلع الكثيرون إلى إعلان جائزة نوبل بحيث باتت بدايات شهر أكتوبر/تشرين الأول موسماً للتوقعات والتخمينات، وفي الحالة العربية نأمل دائماً، ولذلك دلالات كثيرة، في فوزنا بفرع الجائزة في الآداب، برغم أننا حصلنا بها في السلام والكيمياء والطب، ربما يعود السبب في ذلك إلى أن هناك عدم اقتناع بفرع الجائزة في السلام والذي يخضع لوجهات نظر متباينة، أمّا في العلوم فحالنا فيها والذي يعلمه الجميع لا يدفع المنتظرين إلى التحليل والتنبؤ، فالعرب الذين فازوا بها في السابق تعلموا وعاشوا في المهجر. أما الإيجابية التي يمكن الخروج بها في تطلعنا الدائم للجائزة في الآداب فتشير إلى أن الثقافة بمعناها الدارج، أي الأدب بفضاءاته المختلفة، مازالت برغم كل الانتكاسات تحتفظ بوحدة ما بين شعوبنا من المحيط إلى الخليج، خاصة أن أهمية الأدب ليست في قدرته على التعبير عن هذه الوحدة، كما يمكن أن يقال بانفعالية وعاطفية، لكن الأهم أنه مصنوع هنا في هذه المنطقة، كما أنه الأقدر على تمثل روح الثقافة، ومن هنا القناعة التي تحتاج إلى نقاش هادئ وموضوعي حول أحقية بعض الأدباء العرب في الجائزة مقارنة بأسماء من شتى الثقافات فازت بها في السابق، كما أن فوز نجيب محفوظ بها بعد عقود من العمل الجاد والدؤوب وعدم مغادرته مدينتي القاهرة والإسكندرية إلّا مرات معدودة، بمعنى أن أدبه مصنوع هنا، فتح الباب لمن يسأل: متى يفوز العرب بهذه الجائزة مرة ثانية. جائزة نوبل بصفة عامة محيرة، ففي الآداب لا يمكن إلّا أن نشعر بمذاق مختلف يميز كتابات الفائز بها، فعندما حصل عليها الصيني مويان، كان كتابات الياباني موراكامي تملأ الأسواق، وعند قراءة الاثنين نشعر بنوع من الأصالة في التعبير عن روح الصين عند مويان، وبنزوع تجاري بدرجة ما عند موراكامي، المعروف في العالم كله، والذي يقف القراء على أبواب المكتبات بالساعات للحصول على أعماله الجديدة وأيضاً المرشح الدائم للجائزة، والحال نفسه عند المقارنة بين الألمانية هيرتا موللر والتشيلية إيزابيل الليندي، تلك الأخيرة التي كانت قراءتها في وقت من الأوقات موضة في الأوساط العربية، وكان السؤال دائماً لماذا لا تمُنح نوبل؟ وتفاجئ الجميع، هنا في العالم العربي، بفوز أليس مونرو، كاتبة القصة، بالجائزة، والشاعر ترانسترومر، ولم يخبرنا أحدهم هل مقولة زمن الرواية، عالمية الطابع، أم نتاج ثقافة تصدر إلى الواجهة هنا فقط؟ إذن هناك أسباب موضوعية تشعر أحياناً أنها تحكم منطق الجائزة، بينما هناك استغراب لبقاء روائي مثل يوسا لسنوات على قوائم الترشح أو فوز رجل مثل تشرشل. في العام الجاري فازت بها البيلاروسية سفيتلانا ألكسفيتش، وتقول المعلومات الأولية عنها، إن أدبها دائب على مناهضة النظام السوفييتي السابق، كما أنها معارضة في بلادها، لكن من جانب آخر وزعت أشهر رواياتها مليون نسخة، كما أنها مقروءة جيداً من قبل مواطنيها، هنا يختلط السياسي بالأدبي، وتتزايد الحيرة، أو حيرتنا نحن على وجه الدقة. وتتكرر مأساة كل عام ففي الوقت الذي تمتلئ فيه الجارديان البريطانية بمعلومات عن الفائزة ننتظر نحن ما ستكتبه وكالات الأنباء العالمية، لكن ماذا كنا سنفعل إذا فاز بها أحد الأفارقة الذين كانوا على قائمة هذا العام، الكيني واثاينغو والصومالي نور الدين فرح والنيجيري بن أوكري؟ ربما تتوافر المعلومات عنهم، ولكن المعرفة بأدبهم، ومن ثم ثقافتهم شيء آخر. في الحالة العربية، وتعني تطلعنا الدائم إلى الجائزة، تُشعر المتابع بضبابية عند البحث في كيفية حصولنا عليها، هناك من يقول يحق للفائز في فرع الآداب وهو على قيد الحياة ترشيح شخص آخر للحصول على الجائزة، وهناك قصص عن فوز نجيب محفوظ بها ومن يدعون أنهم عرفوا لجنة الجائزة إلى أدب نجيب محفوظ، وحكايات عن أحقية توفيق الحكيم، ولم يسأل أحدهم على وجه الدقة من رشح الراحلة آسيا جبار، وأدونيس على قوائم الجائزة، ومن له أحقية الترشيح باسم محفوظ بعد رحيله؟ هناك أقاويل وعدم حسم لا يتناسب مع كل هذا الشغف، والاشتياق الدائم لفوز أحد العرب بها، وهَم دائم بسؤال: متى نفوز بالجائزة، لا كيف نحصل عليها؟ وتتزايد الحالة العربية ارتباكا عند أسماء يتوافق عليها التيار الثقافي العام، أو معلومات حول الأدب العربي المترجم إلى اللغتين الإنجليزية أو الفرنسية، أو طرائق إيصال أدبنا إلى الآخرين، أو حتى بحوث مستفيضة حول القيم التي يحملها أدب الفائزين بالجائزة في السنوات الأخيرة، أو قدرة هذا الأدب على تمثيل الثقافة المكتوب بلغتها، كيف نحصل على الجائزة هذا هو السؤال الإشكالي، للخروج من حالة الانتظار الطويل والدائم. بعيداً عن الأدب تثير فروع الجائزة الأخرى لعاب هواة المقارنات بين الثقافات المختلفة، ولا ندري لماذا لم يلتفت أحد التقارير الكثيرة التي نصدرها في العالم العربي وتعني بالحالة الثقافية أرقام ومؤشرات نوبل، لكن يبدو أن محرر صفحة الويكيبديا الخاصة بالجائزة من هؤلاء الهواة. فازت الولايات المتحدة الأمريكية بالجائزة في فروعها المختلفة 346 مرة، وبريطانيا 121 مرة وألمانيا 104 مرات، ولهواة رصد الأبعاد السياسية فازت الصين بتعداد سكانها الضخم 8 مرات فقط، والهند 9 مرات، وروسيا بتقدمها العلمي 23 مرة، والبرازيل، الدولة الواعدة، مرة واحدة، ولهواة جلد الذات فازت إسرائيل 12 مرة، ولهواة إحراج من يقرأ فازت جزر فارو، عدد سكانها أقل من 50 ألف مرة، وحصلت سانت لوسيا، عدد سكانها 182 ألفاً، على الجائزة مرتين، ومثلها لوكسمبورغ، عدد سكانها نصف مليون.. إلخ، والأرقام بالطبع ليست دقيقة تماماً لكنها دالة ومؤشرة، صحيح أن السياسة تلعب دوراً في منح الجائزة، لكن للأرقام دلالات أخرى تؤكد أننا لا نمتلك الشروط الموضوعية التي تؤهلنا للفوز، هذه الحيرة والمراوحة بين السياسي والموضوعي في الجائزة، ولأننا لا نمتلك جماعات ضغط في الشق السياسي أو آليات وتقنيات تؤهلنا لتفعيل شرط الموضوعي، جعلت بعض المثقفين العرب يرددون بانفعالية وعنترية ضرورة ألا نلتفت إلى الجائزة ولا أن نطمح إليها. كيف نفوز بنوبل؟ ليس في الأدب وحده، ولكن في الطب والفيزياء والكيمياء والاقتصاد، سؤال تتطلب إجابته حلولاً ابتكارية، تبتعد عن التقليدية، هو سؤال التحدي الحقيقي، لقد كشفت التقارير الثقافية والمعرفية الحالة العلمية في العالم العربي ورغم بعض الجهود الدؤوبة فإن وتيرة الإصلاح بطيئة، وهنا لابد من وجود حالم يتخطى بخياله كل المطروح على الساحة الثقافية، فصناعة عالم أسهل كثيراً من صناعة أديب، ويؤشر في العمق إلى خطوات تدل على التقدم الذي لابد له أن يطال في جوانبه الثقافة بمعناها الدارج، أي أن يؤثر إيجاباً في الأدب، فإنتاج عالم مؤهل للفوز بنوبل، يؤكد إصلاح التعليم والجامعات والبحث العلمي بمؤسساته المختلفة، يؤكد تخصيص ميزانيات محترمة للبحث العلمي الحقيقي، يؤكد القدرة على البحث بلغات العالم المختلفة، يؤكد ثقافة علمية تتجاوز كل سلبيات ثقافتنا التي تراكمت منذ لحظات الانحدار والتراجع.. يؤكد عشرات الحقائق التي يظهر الوصول إليها هنا أن الثقافة بمعناها الواسع بصحة وعافية، وساعتها يمكن الفوز بنوبل للآداب أيضاً، فلنجرب مرة أن نفكر أن يكون العلم في مقدمة أولوياتنا، فربما لا نهتم، آنذاك عن قناعة ورضا، بالجائزة.