نعود للكتابة عن الاعتداءات المستمرة للمستوطنين الصهاينة وقوات الاحتلال الإسرائيلي على الشباب الفلسطيني، واستمرار تجاهل المجتمع الدولي لما يتم من انتهاكات صارخة لجنود الاحتلال والمستوطنين معاً. الشباب الفلسطينيون الذين وجدوا العالم أجمع يتخلى عنهم، والسلطة الفلسطينية محاصرة، وعاجزة عن حمايتهم من تجاوزات المستوطنين الذين يحظون بحماية وحراسة جنود الاحتلال، فضلاً عن حملهم للسلاح، إذ يحمل كل مستوطن إسرائيلي رشاشاً، ومن لم يمتلك رشاشاً سريع الطلقات يتمنطق بمسدس، يحرص على أن يكون ظاهراً لإرهاب الفلسطينيين. طبعاً أمام هذا الوضع الخطير الذي يهدد حياة جميع الفلسطينيين الذين يعيشون في دولة تحت الاحتلال وتتخلى الأُسرة الدولية عن حمايتهم، اضطروا إلى الدفاع عن أنفسهم، فلم يجدوا غير الحجارة، والبعض الأكثر غضباً استعان بـ(سكين المطبخ) للدفاع عن نفسه ورد هجمات المستوطنين، وعندما تتم المواجهة بين الفلسطيني الشاب والمستوطن الغريب عن أرضه، تبدأ عادة بتحرش المستوطن واستفزازه للفلسطيني الذي لا يجد بداً من الدفاع عن كرامته، بأن يستلّ سكين المطبخ ليطعن ذلك المستوطن المتغطرس، وعند لحظة الاشتباك لا مجال للتفكير أو التردد، فالشاب الفلسطيني يجد نفسه أنه مقتول لا محالة، فيقوم بالدفاع عن نفسه، وفي محاولته هذه لا يتردد عن طعن كل من يقترب منه مستوطناً أو جندياً وكلاهما يتفوقان عليه في السلاح وبالطبع النهاية معروفة، استشهاد الشاب الفلسطيني الذي يذهب دمه هدراً، والعالم يشاهد كل هذا دون أن يحرك ضميره الذي يظل صامتاً. وحتى عندما تتفاقم الجرائم ويرتكب جنود الاحتلال والمستوطنون الصهاينة جرائم بشعة تمر مرور الكرام، قبل أيام أستوقف جنود الاحتلال شابة فلسطينية دون العشرين سنة، وأشهروا أسلحتهم وكانوا قرابة العشرة من المسلحين، وطلبوا من الفتاة أن تُخرج السكين التي يزعمون أنها تحملها، وقفت الفتاة ورفعت يديها وهي تصيح بأنها لا تحمل سكيناً ولا حتى قلماً، ظل الجنود يتقدمون نحو الفتاة التي ظلت رافعة يديها، وهي تؤكد بأنها لا تحمل أي شيء، وفجأة أطلق أكثر من جندي سيلاً من الرصاص الحي باتجاه الفتاة التي استشهدت وهي تؤكد بأنها لا تحمل أي سلاح. وفعلاً بعد تفتيش الفتاة التي أصبحت جثة هامدة لم يجدوا معها شيئاً، ليقوموا بعد ذلك دون وبشعور متبلِّد بتغطية الجثة .. كل ذلك حصل أمام عدسات التلفزيونات، وتم تناقل المشهد عبر العديد من القنوات الفضائية التلفزيونية، ومع هذا لم يحرك هذا العمل الإجرامي الهمجي ضمائر الأُسرة الدولية، التي لا بد أن تواصل مشاهدتها لمثل هذه الجرائم وتتابع المزيد من هدر الدماء الفلسطيني حتى تستيقظ ضمائرها النائمة حتى الآن.