كشفت الإحصائيات والبيانات الشمولية ل7 سنوات من الرقابة على المدارس الخاصة في دبي، عن أن عدد المدارس الخاصة ذات الأداء الجيد أو المتميز بلغ 73 مدرسة بنسبة 51% من إجمالي 143 مدرسة خضعت للرقابة المدرسية في العام الدراسي 2015-2014، الأمر الذي يؤكد وجود تطور حققته المدارس مقارنة بنتائج العام الدراسي 2009-2008 الذي كان فيه عدد هذه المدارس لا يتجاوز 38 مدرسة أي بنسبة 35% من إجمالي 109 مدارس خاصة خضعت للرقابة المدرسية في ذلك الوقت. لكن واقع الحال يؤكد أن المدارس العربية، التي تطبق منهاج وزارة التربية والتعليم، ما زالت تغرد خارج السرب، وفقدت قدرتها على التطوير، وتعاني تدنياً شديداً في جودة التعليم ومخرجاته، خلال تلك السنوات. وفي نظرة لنتائج الرقابة ل 12 مدرسة عربية، يدرس فيها حوالي 17 ألف طالب وطالبة في دبي، نجد أنها تخطو داخل نفق مظلم لتعليم متدني المستوى، بعد أن انحصر تقييمها بين المقبول والضعيف على مدار7 سنوات من الرقابة حتى العام2015، فيما عدا مدرستين فقط استطاعتا تحقيق المستوى الجيد عقب 5 سنوات بمستوى مقبول. ولخص التربويون أسباب تدني مستوى التعليم في تلك المدارس إلى القيادة المدرسية المتواضعة، وعقم المناهج، وعدم كفاءة معلميها، في وقت أكدت فيه فرق الرقابة أن عدم تقدم تلك المدارس تعليمياً يعود إلى 10 أسباب، جعلتها تغرد خارج سرب التطور في الإمارة، والهيئة لم تمنح الموافقة لترخيص مدارس تطبق منهاج وزارة التربية منذ 5 سنوات. فيما عبر عدد من أولياء الأمور عن استيائهم لعدم وجود مدرسة عربية واحدة في دبي تقدم تعليمياً جيداً يواكب تطلعاتهم المستقبلية، فمحدودو الدخل يتزاحمون على تعليم أبنائهم في تلك المدارس، فيما يرى البعض الآخر أن جودة التعليم تكمن في تكلفته، فكلما ارتفعت التكلفة ارتفع مستوى الجودة. ركيزة النجاح البداية كانت مع أولياء الأمور الذين تباينت آراؤهم حول اختيار المدرسة المناسبة لأبنائهم، سواء كانت متميزة أو ضعيفة، حيث حرص البعض على تعليم أبنائهم في مدارس متميزة من دون النظر إلى رسومها المرتفعة، لما تقدمه من خدمات تعليمية عالية المستوى، لاسيما في تعليم اللغات الأجنبية التي تتماشى مع تطورات العلم العصرية، بينما تزاحم البعض الآخر على تعليم أبنائهم في مدارس تناسب قدراتهم المادية، ويرون أن هناك بعض المدارس تتقاضى رسوماً مرتفعة، ولا توفر خدمات تعليمية تلائم رسومها، بل تعاني نقصاً في خدماتها الأساسية. ركزت منذ البداية على إلحاق أبنائي بمدارس خاصة متميزة، من دون الاهتمام بارتفاع رسومها، لدراسة مناهجها باللغة الإنجليزية، كونها ركيزة النجاح في المستقبل، هكذا بدأ ولي الأمر عبد الله حمدان، حدثيه معنا، وأكد أن مؤسسات سوق العمل حالياً تركز في المتقدم على إتقان اللغة الانجليزية كتابة وقراءة ومحادثة، وإتقانها لا يمس الهوية أو الثقافة، نظراً لعادات وتقاليد مجتمعاتنا العربية، فمهما تعددت الجنسيات واللغات، ستظل الثوابت الدينية والتراثية راسخة، والانفتاح أمر ضروري لمواكبة التطور العلمي عالمياً، والتخطيط لمستقبل الأبناء أمر غاية في الأهمية، لذا مسؤولية اختيار المدرسة يسأل عنها ذوو الطلبة، فينبغي أن يكون لدينا نظرة ثاقبة في وضع الأسس الصحيحة لتعليم أبنائنا، ولاسيما في وقت اشتد فيه الصراع التنافسي بين منهاج التعليم في المؤسسات التربوية المختلفة. مفاهيم مغايرة لدي 4 طلاب يدرسون في إحدى المدارس الخاصة التي تطبق منهاج وزارة التربية والتعليم في دبي، وقد رفضت تماماً أن أدخل أولادي إلى أي مدرسة أجنبية، حيث لا توافق الإمكانات المادية للأسرة، ولثقتي الكبيرة أنهم يهملون اللغة العربية والتربية الإسلامية، هذا ما وصلت إليه ولية الأمر أم مريم، ومضت تؤكد أنها تزرع مفاهيم مغايرة في أذهان الأطفال الصغار، حتى لو كانت متميزة، وترى أن التعليم في مدارس أجنبية ذات تقييم متميز أمر جيد للأبناء ولمستقبلهم، ولا يختلف عليه اثنان، ولكنه في الوقت ذاته يحمل معه عادات وتقاليد وأخلاقيات دخيلة على مجتمعنا العربي المحافظ على تقاليده الراسخة منذ قديم الأزل، فينبغي تشجيع المدارس العربية التي تسلح الطلاب بالعلم والمعرفة والخلق القويم. جودة نظم التعليم من أولياء الأمور إلى لقاء عدد من مديري المدارس العربية ذات التقييم المقبول والضعيف، والذين أكدوا أن مخرجات التعليم ليس لها علاقة بنتائج الرقابة، التي قد تركز على بعض الجوانب غير التعليمية. إبراهيم أبو زيد نائب المدير العام للمدارس الأهلية مدير المدرسة التأسيسية، أكد أن عملية الرقابة المدرسية تهدف في مجملها إلى تحقيق جودة عالية لنظم التعليم، فنجد أن تحقيق مدرسة لتقييم مقبول لا يعني أنها فاشلة أو هناك ضعف في مخرجاتها، ولكنها تفتقر لبعض المعايير التي وضعتها الهيئة، التي تستهدف كل صغيرة وكبيرة من حيث المباني ومصادر التعليم والتعلم، ومدى تلبية المنهاج للحاجات التعليمية، والأداء العام للمدرسة، والمدارس في محاولة دائماً لتعديل تقييمها إلى الأحسن، موضحاً أن الإقبال على المدارس الأهلية لم يتأثر بنتائج الرقابة، حيث نحافظ على توفير بيئة تعليمية آمنة للطلبة، ونعمل على تشجيعهم ودفعهم نحو التفوق، وكثيراً ما حقق طلبة المدرسة مراكز ضمن قوائم أوائل الثانوية العامة على مستوى الدولة. الأطر العالمية في المقابل، أكد عدد من مديري المدارس المتميزة والجيدة، فضلوا عدم ذكر أسمائهم، أن الرسوم الدراسية لمدارسهم لا تحمل أي مبالغة وبعيدة تماماً عن المغالاة، نظراً لجودة الخدمات التعليمية المقدمة للطلبة التي تتوافق مع التطوير والأطر العالمية في مجال التعليم، والهدف منها ليس تحقيق الأرباح، بل تغطية التكاليف التي تحتاج إليها المدارس نظير تلك الخدمات، ومقابل تقديم مستوى تعليمي عال للطلبة، حيث يحتاج التميز وتحقيق الجودة إلى كوادر تعليمية، وإدارية بخبرات متميزة، تتقاضى رواتب مرتفعة، إضافة إلى المناهج التي تكلفها الكثير. حل المعادلة الصعبة جمعنا أوراقنا، والتقينا مسؤولي الرقابة، والنظم والضبط في هيئة المعرفة والتنمية البشرية لحل تلك المعادلة الصعبة، والوقوف على أسباب تدني مستوى التعليم في مدارسنا العربية، وسبل المعالجة المقترحة لتعود إلى سرب التطور التعلمي في دبي، حيث أكد محمد أحمد درويش رئيس النظم والضبط في الهيئة، أن هناك علاقة وطيدة بين تكلفة التعليم وجودته، ولا شك في أن التعليم الجيد له تكلفته الخاصة، غير أن هناك مدارس خاصة تقدم جودة تعليم عالية ولا تحصل على رسوم مرتفعة. وحول رسوم المدارس الخاصة بدبي، قال إن كثيراً من المدارس الخاصة في دبي كانت قائمة قبل تأسيس هيئة المعرفة والتنمية البشرية في العام2007، لذا فقد كانت الرسوم محددة سلفاً وتطرأ عليها زيادة سنوية بناءً على قرارات سابقة. مسار علمي دقيق أما رئيسة جهاز الرقابة في هيئة المعرفة والتنمية البشرية جميلة المهيري فوضعت القضية على مسار علمي دقيق، ولخصت أسباب تدني المدارس العربية وعدم قدرتها على النهوض بمستواها على مدار 7 سنوات من الرقابة في 10 أسباب، ترتكز على افتقار تلك المدارس لثالوث نهضة العملية التعليمية في أي مدرسة ويتمثل في القيادة المدرسية والمناهج والمعلمين، حيث تعاني تلك المدارس ضعف القيادة المدرسية وعدم تفاعلها، وغياب طموحها نحو التطوير، وعدم تنفيذها لتوصيات الرقابة المدرسية، وغياب عنصر المشاركة بين أعضائها، وعدم تمكين الطلبة من المشاركة في أنشطة متطورة لتنمية مهاراتهم. وأضافت أن عدم فهم المعلمين لأساليب تعلم طلبتهم، أبرز الأسباب وراء تدني مستوى جودة التعليم في تلك المدارس، لاستخدامهم مجموعة واسعة من استراتيجيات التدريس التي لا تستند إلى الممارسات العالمية، وعدم استخدام تقنية المعلومات على نحو مبتكر في دعم وتطوير تعلم الطلبة في جميع المواد الدراسية. وأوضحت أن تطبيق منهاج تعليمي ثري يؤدي دوراً في تلبية احتياجات الطلبة، ويمكنهم من توسيع تعلمهم خارج نطاق المدرسة والمجتمع المحلي، وعدم فاعلية مشاركة أولياء الأمور في مستويات تعلم أبنائهم داخل تلك المدارس، موضحة أن تلك المدارس في الأغلب لا تطبق عمليات تقييم ذاتي دقيقة بمشاركة الأطراف المعنية، ولا يوجد بها مجلس أمناء فاعل، يؤدي دوره كاملاً في مساءلة المدرسة عن تقدم الطلبة الدراسي وتطورهم الشخصي. وأكدت أن جهاز الرقابة المدرسية يتابع بدقة المدارس ذات الأداء الضعيف، بشكل منتظم لتقييم مدى التقدم الذي تحققه، وفي حال عدم نجاح هذه المدارس في تحقيق التقدم المطلوب خلال ثلاث سنوات، تنضم في نهاية السنة الثالثة إلى دورة الرقابة المدرسية، وتخضع لعمليات رقابة مدرسية كاملة. مدارستفتقر للتميز تفتقر 12 مدرسة خاصة تطبق منهاج وزارة التربية والتعليم، يتلقى تعليمهم فيها 16 ألفاً و164 طالباً وطالبة، إلى تحسين مستواها التعليمي، حيث لم تحصل أي مدرسة على تقييم متميز طوال مدة الرقابة، وحصلت 3 فقط على تقييم جيد الدورة السابقة، وحصلت 5 منها على تقييم مقبول ل 7 سنوات على التوالي، و4 مدارس تقييمها ضعيف المعرفةتوقف التراخيص قالت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي إنها أوقفت منذ 6 سنوات منح تراخيصها لمدارس منهاج وزارة التربية والتعليم الجديدة، التي تقدمت بطلبات للتشغيل، بسبب تدني مستوى الخدمات التعليمية المقدمة، وعدم قدرتها على مواكبة التطور العلمي، وافتقارها للمعايير الأساسية التي وضعتها الهيئة للتراخيص.