نؤمن بالقضاء والقدر وبالمقابل نؤمن بأن "العين" حق ولكن لا يفترض أن يجعل البعض من العين شماعة للفشل أو للمرض أو لتقلبات ظروف الحياة، مع الإيمان بأن العين هي بقدر الله السابق لا بشيء يحدثه الناظر في المنظور، إذ ان للعين قدرة على التأثير في المعين بإذن الله فتغير وتعل وتمرض، وإذا وقعت وحل ضررها فإن شرها يستدفع بالرقى الشرعية الثابتة بعيداً عن دجل الأفاكين وأكلة أموال الناس بالباطل من السحرة والمشعوذين، ولا مجال لأن ننكر وجود العين فهذا الأمر محسوم من خلال الأحاديث النبوية، ولكن ليس لدرجة أن نعيش في دوامة من الوسواس، بل يفترض ان نحرص على الأذكار اليومية مع التوكل على الله. عين الجار أبو ياسر يسكن منزله الجديد منذ ثمانية أشهر، زاره جار له قديم ودارت بينهم الأحاديث والتي كدرها المقارنة، يقول: جاري طيب القلب ودود كان من أوائل المهنئين لي بمنزلي الجديد برسالة هاتفية، وعند زيارته لي قدم هدية ثمينة كانت من أجمل الهدايا التي تلقيتها ولكنه أخذ يقارن كل ما وقعت عيناه عليه بمنزلي في منزله وذلك طوال الجلسة، فمنزلي يتفوق على منزله في المساحة والتصميم والتنفيذ، وفي صباح اليوم الذي يلي زيارته لي احترق المطبخ بما فيه وفي نفس اليوم تهشم جزء من رخام غرفة استقبال الضيوف والمسبب كان تافهاً لا يذكر، ثم توالت التلفيات حتى عقدت العزم على الاتصال بجاري لدعوته على العشاء مع مجموعة من الزملاء بمناسبة المنزل الجديد، وعقدت زوجتي العزم على الأخذ من أثره في محاولة منا لإبطال العين إن كان ظننا في محله، ولكن وبعد حضوره تحدثت مع الجميع بما يحدث في المنزل بصورة مفاجئة عندها قال مازحاً:(لا يكون عطيت بيتك عين)، جاري كان طيباً حسن الخلق يؤلمه ما يؤلم الآخرين ولذا وقبل أن يغادر أخذ ينفث في أرجاء منزلي ذاكراً وداعياً الله لي، فقد راوده الشك بأن ما أصاب جاره من تأثير عينه المعجبة، وقد رأيت نتيجة ما فعله جاري واضحة بفضل الله جعلتني أؤمن بأن العين قد تصيبك من القريب أو الصديق دون قصد إن لم يبرك على ما يعجبه. آلام مبرحة وقالت تماضر عبدالعزيز-طالبة جامعية-: كنت استهزئ دائماً بحديث الأهل أو الصديقات عن تأثير العين وكنت أطلق النكات على المشاهد التي يذكرونها وبينما كنت في الصف الثالث ثانوي شاركت في مسابقة كانت ضمن الأنشطة اللا منهجية وهي رسم لوحة فنية تحمل شعاراً وفكرة محددة، وكنت أجيد الرسم ولذا تم ترشيحي، ومن شروط المسابقة تنفيذ اللوحة في المدرسة بإشراف رائدة النشاط كانت بدايتي في العمل ممتازة ومتقنة بشهادة الجميع وأتممت جزءا كبيرا من تنفيذ اللوحة أمام الجميع، وكان يصلني المدح والثناء من كافة الزميلات والمعلمات، وبعد فترة من الزمن وقبل أن أنهي العمل جاءتني آلام مبرحة في يدي اليمنى، راجعت الطبيب وأعطاني مسكنا وازداد الألم فعمل لي أشعة ولم يجد سبباً للألم وأسدى لي نصائح اتبعتها بحذافيرها، توالت الآلام وبحث والدي عن استشاريين في أمراض العظام وزرت أكثر من استشاري وتم إجراء كافة الفحوصات ولا أسباب، فأجبرت نفسي على مواصلة العمل فقد كنت بشوق لإنهاء اللوحة والمشاركة، وقبل أن أشرع في العمل إذا بأحد الرفوف المثبتة على جدار معرض المدرسة يسقط على يدي، نقلوني على اثرها للمستشفى، تم إسعافي وبعد مضي أسبوع حاولت إكمال العمل ولم استطع لأسباب أخرى مفاجئة، فتعاطفت معي المشرفة ومديرة المدرسة ومساعدتي فتم نقلي إلى إحدى المدارس المشاركة في المسابقة لأكمل تنفيذ العمل هناك، وقامت المديرة وبعد انتهاء اليوم الدراسي بأخذ الأثر من طالبات المدرسة بلا استثناء وكذلك للعاملين فيها، تماثلت بعدها للشفاء التدريجي حتى شفيت بإذن الله بلا فحوصات إضافية أو أدوية بعد أن أتممت العمل وقدمته. الشك في المحيطين من جهتها تقول أماني-معلمة- : ما أن أتحدث للآخرين بأني سأهم بالقيام بعمل شيء ما إلا وينهار أو لا يكتب له الاستمرار، ولذا تعلمت الحذر ليس لدرجة الشك في كل المحيطين أو أن أرجع كل ما يسوء إلى العين ولكن تعلمت الحذر بالتحصين اليومي والعمل بما جاء على لسان رسول الله "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان" ولا يعني هذا الاستغناء عن مشورة الناصح الأمين أو أن نضع جميع المحيطين بنا في دائرة الشك. سناب شات وأشارت نداء سليمان-ربة منزل- إلى برنامج"سناب شات" بقولها.. ما أن أرسل صوراً أو فيديوهات لمناسباتنا المختلفة من حفل أو نزهة وخلافه إلا وتنهال المصائب علينا ونحن في نفس المكان ولا راد لقضاء الله، ولكني تعلمت درساً من تطبيق هذا البرنامج والذي طال شره الكثير من أفراد المجتمع، بالحذر والحد من استخدامه مع التحصين اليومي. نصوص وشواهد وأوضحت منى المحمدي-داعية- أن أحد المشايخ أبدى عبر موقعه على تويتر تعجبه من أولئك الذين ينكرون العين أو السحر فقال: عجبي لبعض الكتبة والمتعالمين كيف يجرؤون على إنكار العين والسحر والمس، وقد دلت النصوص المتواترة والشواهد الواقعية والقاطعة على وجودها وتأثيرها، مؤكدة على أن الكثير من الأمراض والتي يعجز الأطباء عن معرفة سببها أو طريقة علاجها هي بسبب العين، مبينة كيفية تجنب الإضرار بالعين فعند الإعجاب بهيئة المسلم أو حاله أو ماله أو ولده يجب عليه قول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، كما قال تعالى في قصة صاحب الجنتين وصاحبه: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله)، وأن على كل من يعلم من نفسه أنه عائن أن يتقي الله في المحيطين به وأن يكثر دائماً في حديثه ووصفه من ذكر الله والدعاء بالبركة، وأن يجتنب الاسترسال في الوصف والاستحسان، وجموح النفس في ذكر ما تراه العين من الأمر المستحسنة، وتعجبت من تمادي بعض العائنين وجرأتهم على الله في التنافس على إيذاء فلان، أو إفساد سيارة أو بيت علان، وغير ذلك. وأشارت إلى أن الإصابة بالعين، واشتهار وقوعها من شخص معيَّن، ليس مؤشراً على فسق ولا صلاح، لأن الإنسان قد تصيبه عين نفسه، فقد يعجب الإنسان من نجاحه وغير ذلك دون أن يبرك فيصيب نفسه بالعين. إضرار الناس وأضافت أنه لا ينبغي أن يحاط من اشتهر بالعين وإضرار الناس بهالة من الإجلال والمخافة منه والتودد له على وجه يعتقد هو أو غيره أن بيده ضرر أحد أو نفعه، قال تعالى (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) ومن الناس من يصاب بما هو اخطر من العين، فينسب كل الأحداث السيئة للعين، وهذا من الخطأ، محذرة من الوقوع في هوس الخوف من العين حتى لا يفقد الإحساس بطعم النعم وتصبح الحياة مضطربة، موضحة أن الإيمان بأن العين حق لا يبرر سوء الظن بالآخرين، وشددت على الحرص على التوكل على الله لا على التواكل ولكن مع الأخذ بالأسباب واستغلال الفرص الموصلة للنجاح وإحياء المواهب وإعلائها، مع الحرص على تحصين النفس بالأذكار اليومية صباحاً ومساءً.