بكين: «الشرق الأوسط» التقى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء الصيني لي كه تيانغ أمس وقال إنه يرغب في إزالة العوائق التجارية مع الصين، مقدما بريطانيا باعتبارها «شريكا مثاليا» للصين الصاعدة. وبعد اجتماع ثنائي حضر لي وكاميرون حفل توقيع عشر اتفاقيات في «قاعة الشعب الكبرى». وقال كاميرون الذي يقوم بزيارة تستغرق ثلاثة أيام على رأس وفد يضم نحو 100 من رجال الأعمال إنه يريد أن تلعب بلاده دورا مهما في توسع الصين في الوقت الذي تتحدث فيه الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم عن فتح أسواقها. وأضاف: «البعض في أوروبا وغيرها يرى العالم يتغير ويريد حبس الصين خلف ستار من العوائق التجارية.. بريطانيا تريد إزالة هذه العوائق. أعتقد كما قلت لرئيس الوزراء لي الآن أن الطريق إلى الأمام بالنسبة لبريطانيا والصين يتمثل في المصارحة والحوار وتقديم المزيد من المزايا للشعب هنا وفي ديارنا. فبريطانيا المنفتحة هي الشريك المثالي للصين المنفتحة». وقال كاميرون إنه يريد وضع الأساس لاتفاقية تجارة حرة يبلغ حجمها مليارات الدولارات بين بكين والاتحاد الأوروبي على الرغم من تزايد عدم الارتياح بشأن عضوية بلاده ذاتها بالاتحاد. ومن المعروف أن المفوضية الأوروبية تعارض مثل هذه الخطوة على أساس أنها تخاطر بإغراق الاتحاد الأوروبي بواردات صينية رخيصة. ووصف منتقدون كاميرون بأنه يولي التجارة أهمية أكبر من حقوق الإنسان. وخلال هذه الرحلة يريده نشطاء أن يثير مسألة ما يصفونه بانتهاكات حقوق الإنسان في التبت. وقال مسؤول بارز بمكتبه قبيل الرحلة إن بريطانيا طوت صفحة الخلاف مع الصين بشأن التبت، وأضاف أن كاميرون لا يعتزم لقاء الدلاي لاما الزعيم الروحي في المنفى للتبت مرة أخرى بعد أن أثار لقاؤه به العام الماضي غضب الصين. وقال كاميرون «بالطبع يجب أن يكون النطاق الكامل لتحديات الإصلاح جزءا من نقاشاتنا بما في ذلك المجالات التي نختلف عليها. يجب أن نتناول ذلك باحترام متبادل وتفهم كما فعلنا اليوم. وأنا أرحب باتفاقنا على إجراء الحوار التالي لحقوق الإنسان في أوائل العام المقبل». وقال لي إن الجانبين اتفقا على مكافحة سياسات الحماية التجارية والدفع من أجل تحرير التجارة والاستثمار وإنه أبرم اتفاقا للعمل معا على مشروع قطار فائق السرعة وفي مجال الطاقة النووية. وأضاف: «اتفق البلدان على أن تحقق شراكتهما انفراجة وتقدما في مجالات مثل القطار فائق السرعة والطاقة النووية، فضلا عن ذلك فإن الصين مستعدة ليس فقط للمشاركة في مشروعات الطاقة النووية البريطانية بل أيضا لشراء أسهم فيها وإدارتها. والجانب البريطاني مستعد لذلك». وقال كاميرون كذلك إن البلدين باعتبارهما من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي سيناقشان مسألتي إيران وكوريا الشمالية. وأضاف كاميرون على حسابه بموقع «تويتر» الإلكتروني للتواصل أنه أبلغ الرئيس الصيني شي جين بينغ بعد ذلك بأن «صعود الصين سيكون عنصرا محددا للقرن الحادي والعشرين». وفي بروكسل، قال ألكسندر بولاك، وهو متحدث باسم المفوضية الأوروبية: «نعتقد أنه من السابق لأوانه في هذه المرحلة مناقشة إبرام اتفاقية للتجارة الحرة مع الصين». وقال بولاك في معرض تعليقه على المفاوضات التي انطلقت بين الجانبين قبل عشرة أيام: «يجب أولا أن نجري مفاوضات وننتهي من اتفاقية الاستثمار الطموحة.. هذه أولوية لنا في الوقت الحالي.. فالانتهاء من مثل هذه الاتفاقية سيبعث برسالة قوية بشأن التزامنا المشترك لتحقيق تعاون أقوى». وأوضح لي أن الزعيمين بحثا خطط تداول العملة الصينية (اليوان) في لندن وفتح بنوك صينية لفروع لها في بريطانيا. كما وافقت لندن على زيادة صادراتها من التكنولوجيا الفائقة للصين. وافتتح كاميرون خلال وجوده في الصين مركز تدريب «جاغوار ولاند روفر» لصناعة السيارات. كما شهد توقيع الشركة اتفاقية بقيمة تقدر بنحو 5.4 مليار جنيه إسترليني (4.7 مليار دولار) لتصدير أكثر من 100 ألف سيارة إلى الصين العام المقبل. وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» في تعليق لها أمس (الاثنين)، أن ذلك الاجتماع كان «خطوة للتدخل في الشؤون الداخلية الصينية». ونقل لي عن كاميرون أمس أنه «يؤكد مجددا احترام بريطانيا للسيادة الصينية ووحدتها الإقليمية»، وهي عبارة تشمل بشكل طبيعي قبول حكم الصين لهضبة التبت. وقال شي ينهونغ، وهو محلل صيني في العلاقات الدولية، إن التحول الأخير في الاهتمام أظهر أن كاميرون «عملي للغاية» في محاولة تجاوز الخلافات مع الصين بعد اجتماعه بالدلاي لاما. وأكد أنه «ما دامت لم تظهر تلك (الموضوعات الحساسة) على السطح، أعتقد أن بريطانيا والصين أو نقول العلاقات الاقتصادية البريطانية - الصينية ستشهد تحسنا كبيرا». وكان مكتب رئيس الوزراء البريطاني ذكر في وقت سابق أن كاميرون «مستعد لوضع ثقله السياسي خلف اتفاق لتحرير التجارة بين الصين والاتحاد الأوروبي». وقال كاميرون في مقابلة مع مجلة «كاي شين» الصينية نشرت أمس إن «بريطانيا لها مكانة فريدة تتيح لها تعميق العلاقات التجارية والاستثمارية بين الصين والاتحاد الأوروبي». وأضاف أنه «بالبناء على المفاوضات الاستثمارية التي بدأت أخيرا بين الصين والاتحاد الأوروبي مع استمرار التزام الصين بالإصلاحات الاقتصادية، أود أن أضع هدفا جديدا بعيد المدى، وهو اتفاقية شاملة وطموحة للتجارة الحرة بين الصين والاتحاد الأوروبي». وجاء في تعليق «شينخوا» أن بريطانيا «متأخرة» بالمقارنة بـ«الزيارات المتكررة بين بكين والقارة الأوروبية»، مضيفة أن «كاميرون ربما يكون متأخرا لكنه لا يزال في موعده».