×
محافظة المنطقة الشرقية

«العمل» السعودية: مراحل التأنيث لمحلات المستلزمات النسائية قائمة.. وتأجيل التطبيق للمرحلة الثالثة

صورة الخبر

كما أن هناك عقاقير وأدوية وفيتامينات (مادية) تؤثر في أجهزة وأعضاء الجسم، فهناك أيضا عقاقير (نفسية) تؤثر في ملكاته الذهنية ودفاعاته الشخصية.. خذ كمثال ما يسمى بمصل الحقيقة الذي استعمل على نطاق واسع في التحقيقات الجنائية الكبيرة.. ففي عشرينيات القرن الماضي اكتشف عالم التخدير الأميركي تس هاوس ما أسماه "مصل الحقيقة" المصنوع من مادة السكوبولامين. وبإطلاقه هذه التسمية داعب حلما قديما طالما تمنى المحققون وجوده. وقد ادعى هاوس أن العقار قادر على إجبار الناس على قول الحقيقة رغم أنوفهم والاعتراف حتى على أنفسهم. وما زاد من شهرة "مصل الحقيقة" أنه استعمل في بداية اكتشافه لمحاكمة عصابة ارتكبت ما يعرف بمجزرة الاباما... ولكن مادة السكوبولامين ومعظم الأمصال المشابهة لم تعد اليوم مقبولة لإدانة المتهمين لأنها تسبب خلطاً بين (الحقيقة ورغبة المتهم) ما يؤثر في مصداقية الاعترافات. فهذه الأمصال تجعل الإنسان في حالة لا واعية لا يميز خلالها بين ما وقع فعلا، وبين ما يرغب بوقوعه. أضف لذلك أن من يعانون من المازوشستية (أو حب تعذيب النفس) قد يعترفون بجرائم لم يرتكبوها أبدا.. ولكن من جهة أخرى هذه الثغرات لا تنفي حقيقة ان هذه الأمصال (مثل السكوبولامين، وأميتال الصوديوم، وبنتوثال الصوديوم) تعمل على تحويل الإنسان لثرثار كبير وتحد من قدرته على تقييم المخاطر وحفظ الأسرار وحياكة الأكاذيب.. وهذه الميزات قد تعين المحققين في مهمتهم ولكن المحاكم لا تقبل بنتائجها! وقبل فترة بسيطة قالت الواشنطن بوست إن السلطات الفيدرالية تسعى سرا لشراء عقار جديد اكتشف في جامعة كانبيرا الاسترالية يجبر المتهم على الاعتراف بالحقيقة (رغم أنفه).. وهذا الخبر ذكرني بالمأزق الأخلاقي الذي وقعت فيه العدالة الأميركية بعد تفجيرات سبتمبر 2001 وجعلها تفكر جديا باللجوء إلا "أمصال الحقيقة" لانتزاع الاعترافات من المتهمين. فرغم براعة أجهزة العالم الثالث في استخلاص أي اعتراف يناسبها تحت التعذيب إلا أن الدستور الأميركي لا يجيز هذه الطريقة. وهكذا عانت الأجهزة الأميركية من صمت المعتقلين الأجانب وتمسكهم بحقوقهم التي كفلها الدستور. فبعد حادث التفجير الشهير قبضت السلطات الفيدرالية على أربعة مشتبهين رئيسيين يعتقد انهم أعضاء في منظمة القاعدة (هم أيوب خان، ومحمد جويد، ونبيل رابح، وزكريا موسى) ولكنهم اضربوا عن الكلام ولم تفلح أي وسيلة حضارية في حملهم على الاعتراف. ولأن الدستور الأميركي يمنع تعذيب المشتبه بهم او استنطاقهم بطرق قاسية (داخل اميركا طبعا) أصبحت وزارة العدل في مأزق لاتحسد عليه! غير ان صحيفة الواشنطن بوست قالت ان المحققين فكروا حينها بأربعة خيارات رئيسية لحمل المتهمين على الاعتراف: - الأول اللجوء الى العقاقير الطبية، والثاني تنويمهم مغناطيسيا، والثالث التحقيق معهم خارج الأراضي الأميركية، والرابع ترحيلهم إلى إسرائيل أو دول صديقة (في الشرق الأوسط) لا تملك في دساتيرها مايمنع التعذيب والتنكيل بالمعتقلين!