×
محافظة المنطقة الشرقية

الأجهزة الأمنية تلاحق إرهابيين بينهم مطلوب في قائمة الـ23

صورة الخبر

تحدث تحليل لشخصية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الدولية (5 / 10 / 2015) عن حدث طبع ذهنيته وقولب تفكيره منذ أن كان عقيدًا في جهاز المخابرات الروسي (كي جي بي) إلى حد تحويله إلى هاجس سياسي. يقول التحليل إن بوتين كان، عام 1990، ملحقًا بفرع الـ«كي جي بي» في درسدن، إحدى مدن ألمانيا الشرقية آنذاك. ورغم أن نظام ألمانيا الشرقية الشيوعي كان يلفظ آخر أنفاسه عام 1990، فقد صدم العقيد الشاب لرؤيته جماهير شعبية تقتحم مقر الاستخبارات الألمانية (ستاسي) - الذي كان يبعد أمتارًا قليلة عن مقر الـ«كي جي بي» الروسي - وتستولي عليه بينما بقي عاجزًا عن فعل أي شيء يحول دون سقوط المقر بأيديهم. تقرير الصحيفة يخلص إلى القول إنه منذ تلك الحادثة يضمر بوتين عداء دفينًا لكل حركات الاحتجاج الجماهيرية، ما يفسر - حسب تقرير الصحيفة – نزعته إلى التركيز على مركزية الحكم والتنكيل بمعارضيه، ويبرر، إلى حد ما، مسارعته لإنقاذ نظام الرئيس بشار الأسد من الوقوع في أيدي من يسميهم «الرعاع». لا جدال في أن التجارب الشخصية للقادة السياسيين لا تخلو من تأثير ما على أسلوب مقاربتهم للأحداث. وانطلاقًا من هذه الخلفية «السوسيولوجية» لشخصية الحاكم تجوز المقارنة بين تصرفات الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما: الأول مجازف بطبيعته، والثاني متأنٍّ إلى حد التقاعس عن لعب دور رئيس الدولة العظمى في عالم اليوم. ذلك لا يعني أن «نفسية» بوتين القيصرية كانت وحدها، دون مصالح روسيا الاستراتيجية، دافع التدخل العسكري الوحيد في سوريا. ربما «ترسمل» الرئيس بوتين على شخصية الرئيس أوباما المسالمة في اندفاعه لتوريط روسيا في أول مغامرة عسكرية تخوضها، منذ عام 1979، خارج نطاق «دول الجوار القريب»، أي منذ تدخل النظام السوفياتي في أفغانستان. ولكنه في حملته «الدونكيشوتية» على الإرهاب الدولي يتجاوز بوتين الرئيس أوباما ليقلد رئيسًا أميركيًا آخر، هو جورج بوش، كان مثله مقدامًا في اتخاذ قراراته الخارجية إلى حد التسرع... علما بأن بوتين فاق صنوه الأميركي تسرعًا في اندفاعه لشن حرب في سوريا قبل أن ينهي حربه الأخرى في أوكرانيا. مثله مثل جورج بوش، ادعى فلاديمير بوتين أنه يحارب الإرهاب نيابة عن العالم المتحضر برمته. ومثل ما فعل بوش عام 1993، يتعامل بوتين مع الإرهاب بمفهوم «انتقائي»، ذاك انتقم من أسامة بن لادن بضرب صدام حسين، وهذا ينتقم من «داعش» بقصف «جبهة النصرة» و«الجيش السوري الحر». من المبكر بعد تقويم أبعاد التدخل العسكري الروسي في سوريا وحدوده. ولكن تلميح موسكو، الاثنين الماضي، بأن «متطوعين» روسًا قد يشاركون «قريبًا» في عمليات القتال البري في سوريا، يعيد إلى الأذهان تجربة التورط السوفياتي في أفغانستان. وإذا صحت التقارير البريطانية عن أن توسيع نطاق طلعات الطيران الروسي في أجواء سوريا إلى حد اختراق المجال الجوي التركي أطاح بمشروع إقامة منطقة حظر جوي كانت تطبخ «على نار حامية»، فذلك يوحي بأن المرجح من التدخل الروسي إطالة أمد الحرب الأهلية وربما توسيع رقعتها. لا يدعي كثيرون أن التاريخ يعيد نفسه. ولكن إذا جازت العودة إلى مقارنة أسلوب تعامل بوتين مع الحالة السورية بمقاربة بوش مع الحالة العراقية عام 2003 فقد يصح الاستنتاج بأن تداعيات التدخل الروسي في سوريا لن تختلف كثيرًا عن تداعيات التدخل الأميركي في العراق: تسعير التوتر المذهبي والتطرف الديني إلى حد تحويلهما إلى حافز «تطوع» في الحركات الإرهابية التي توعد الرئيسان بقتالها. أما الفارق بين «إنجازات» بوش في العراق و«بطولات» بوتين في سوريا فقد ينحصر في التداعيات الداخلية لحربهما، فبينما سهل على بوش غسل يديه من الحالة العراقية دون تعريض أمن المجتمع الأميركي لردود فعل سلبية، يغامر الرئيس الروسي بتحريك حساسيات إسلامية داخل بلاده قد تعيد إلى الساحة العمليات الانتحارية التي عانت منها بلاده... كردّ فعل محتمل على تنكيله بفصائل المعارضة الإسلامية في سوريا.