×
محافظة الرياض

«إطعام» تختار أعضاء مجلس منطقة الرياض والهيئة التنفيذية

صورة الخبر

قلّبِي معَ بدوِ النَّقبِ! البريطانيُّونَ يثورُونَ من أجلِهم في معظمِ المدنِ البريطانيةِ؛ احتجاجًا علَى المخططِ الصهيونيِّ؛ لتهجيرِهم، ونحنُ منشغلُونَ بالكرِّ والفرِّ في المدنِ العربيةِ! البريطانيُّونَ يحتجُّونَ أمامَ السفارةِ الإسرائيليةِ، ونحنُ نحتجُّ علَى أمورٍ أخْرَى تارةً أمامَ السفارةِ التركيةِ، وأخْرَى أمامَ القطريةِ، وثالثةً أمامَ المصريةِ، ورابعةً أمامَ الليبيةِ، وخامسةً أمامَ السودانيةِ، وسادسةً أمامَ التونسيةِ! البريطانيُّون يحتجُّونَ في أُكسفورد، وبرايتون، ولامبيث، وواندر سودرت، وكارديف، ونحنُ نحتجُّ لأمورٍ أُخْرَى في عدن، وطرابلس، والخرطوم، وتونس، وبغداد! البريطانيُّونَ يشعرُونَ بالنَّدمِ، ويكفِّرُونَ عن سيِّئتِهِم الكُبرَى التي ارتكبَهَا بلفور، فينتفِضُونَ لصالحِ الفلسطينيينَ، ونحنُ نتَّهمُ الفلسطينيينَ في مصرَ، وفي ليبيا، وفي العراق، وفي لبنان، وفي سوريا، وفي كلِّ مكانٍ! البريطانيُّونَ يوقِّعُونَ ضدَّ (مخططِ برافر)، ونحنُ نوقِّعُ للتمرُّدِ، ثمَّ للانسحابِ من التمرُّدِ، وللانفصالِ، ثُمَّ للانسحابِ من الانفصالِ، وللدستورِ، ثم الانسحابِ من الدستورِ! الموقِّعُونَ البريطانيُّونَ شعراءُ ناقمُونَ، وأدباءُ رائعُونَ، وموسيقيُّونَ بارعُونَ، وإعلاميُّونَ شفّافُونَ، وشعراؤنَا، وأدباؤنَا، وموسيقيُّونَا، وإعلاميُّونَا منشغلُونَ بفريقٍ ضدَّ فريقٍ، وجماعةٍ ضدَّ أُخْرَى، وحزبٍ ضدَّ آخرَ، ودولةٍ عربيةٍ ضدَّ أخْرَى، ودولةٍ عربيةٍ تريدُ الانقسامَ، ودولةٍ عربيةٍ تريدُ الانتقامَ.. ويَا هوانَ الهوانِ! هلْ سمعَ الإعلاميُّونَ العربُ، والمفكرُونَ العربُ، والإستراتيجيُّونَ العربُ، والفضائيُّونَ العربُ باتفاقِ (برافر)؟! أغلبُ الظنِّ أنّهم مشغولُونَ في مصرَ بالدستورِ، وفي تونس بمَا بعدَ الدستورِ، وفي ليبيا بمَا قبلَ الدستورِ، وفي العراق بمَا قبلَ التقسيمِ، وفي اليمنِ بما قبلَ الانقسامِ، وفي السودان بمَا بعدَ الانقسامِ، وفي سوريا بمَا بعدَ جنيف، إنَّهُ الحالُ المزرِي السخيفُ! شيئًا فشيئًا نسينا القضيةَ التي كانتْ مركزيَّةً، والتي كانتْ مصيريَّةً، والتي كانتْ عربيَّةً، والتي كانتْ إسلاميَّةً ليتحوَّلَ الأمرُ تدريجيًّا إلى خيبةٍ قويةٍ! ينتفضُ النقبُ فلا يترددُ صدَى الصراخِ والهتافِ في مدينةٍ عربيةٍ، ذلكَ أنَّهَا تسمعُ هتافاتٍ أخْرَى، وشعاراتٍ أخْرَى.. إنَّهَا تخوضُ حروبًا أخْرَى بدعوَى الدفاعِ عن مكتسباتِ الشعبِ! والشعبُ في النقبِ يريدُ إسقاطَ (برافر)، وهُو حقٌّ يُرادُ بهِ حقّ، فيمَا الشعبُ يطالبُ بإسقاطِ الرئيسِ، والشعبُ يطالبُ بإسقاطِ الجماعةِ، والشعبُ يطالبُ بإسقاطِ العسكرِ.. والعسكرُ في سابقِ الزمانِ والأوانِ كانَ هُو الملجأَ والحصنَ القويَّ في الدفاعِ عن فلسطينَ قبلَ أنْ يشغلُوه، ويشغلَ نفسهُ في الوحلِ والطينِ.. يحدثُ ذلكَ ليسَ في مصرَ وحدِهَا، وليسَ في ليبيا وحدِهَا، وإنَّما في تونس، وفي العراق، وفي اليمن، وفي سوريا، وفي لبنان، وفي الجزائر، وفي السودان.. ويا هوانَ الهوانِ! قبلَ أنْ ننسَى، وباختصارٍ فإنَّ مخططَ (برافر) هُو قانونٌ إسرائيليٌّ أقرَّهُ الكنيستُ بناءً علَى توصيةٍ من وزيرِ التخطيطِ يقضِي بتهجيرِ سكانِ عشراتٍ من قُرَى البدوِ في النقبِ، وتجميعِهم في (بلدياتِ التركيزِ)؛ تمهيدًَا لرحيلِهِم! صحيحٌ أنَّ المخططَ قدْ يستغرقُ عقدًا من الزمنِ، لكنْ.. مَا المانعُ في عقدَين، أو حتّى ثلاثة، ونحنُ مشغولُونَ بالانتفاضاتِ: المصريةِ، والتونسيةِ، والليبيةِ، والسودانيةِ، والعراقيةِ، والسوريةِ، واليمنية ضدّ بعضنا البعض.. ضدّ أجزاءٍ من بلداننَا ضدّ بعضِهَا، شرائح من شعوبِنَا ضدَّ بعضِهَا. تنامُ إسرائيلُ، أو تتظاهرُ بالنَّومِ عامًا، أو أكثر، عقدًا أو أكثر، ونحنُ (نجاهدُ) جهادًا آخرَ ضدَّ بعضِنَا، ونناضلُ نضالاً ضدَّ بعضِنَا، ونقاومُ مقاومةً أخْرَى ضدَّ بعضنَا! أصبحَ الحديثُ عن الجهادِ ضدَّ إسرائيل (حرامًا) في بعضِ الأحيانِ؛ بحكمِ فتاوَى كلِّ مَن هبَّ ودبَّ، وأصبحَ النضالُ ضدَّ إسرائيل جريمةً مكتملةَ الأركانِ.. وأصبحتِ المقاومةُ في خبرِ كانَ.. ومرَّةً عاشرةً: يا هوانَ الهوانِ! الجزائرُ تعزِّزُ انتشارَهَا العسكريَّ؛ تحسبًا لوجودِ إرهابيينَ علَى الحدودِ معَ ليبيا ومالي، وتونسُ تشهدُ تجدُّدَ المواجهاتِ خلالَ تفريقِ عناصرِ سلفيةِ، ومصرُ غارقةٌ في فتنةِ الإخوانِ، وغير الإخوانِ، واليمنُ يغلي بشعاراتِ التقسيمِ والانقسامِ، والسودانُ على شفا مزيدٍ من الانقسامِ، والعراقُ أصبحَ عراقين، وثلاثة، وليبيا تجهزُ، أو تتجهزُ لأربعةٍ وخمسةٍ.. والأسَى مهرجانٌ!! ويا هوانَ الهوانِ!!! sherif.kandil@al-madina.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain