×
محافظة المنطقة الشرقية

ممثل شهير يستخدم "تويتر" للبحث عن طالبة

صورة الخبر

لم يكن هنالك ما يدعو للاستغراب لإقدام البحرين على سحب سفيرها من طهران واعتبار القائم بالأعمال الإيراني غير مرغوب فيه، فتلك درجة من درجات التعبير الدبلوماسي عن تدهور مستوى العلاقات وبلوغها حافة القطيعة الكاملة، في ضوء ما تقدم عليه القيادة والحكومة الايرانيتان من أفعال لا يمكن توصيفها في أدنى مفردات قاموس القانون الدولي الا بمصطلح: التدخل السافر في الشؤون الداخلية لدولة ذات مستقلة وذات سيادة وعضو في منظمة الأمم المتحدة.!! فمنذ العام 2011 على الأقل، وما تلاه من تداعيات كانت ايران متواجدة بصوت عال على صعيد التحريض السياسي والإعلامي، كما كان اسمها يتردد في كل اكتشاف للأسلحة والمتفجرات، ليس في البحرين فحسب، بل في اكثر من بلد عربي، بل ويرتبط اسمها باستمرار بالمليشيات والجماعات والخلايا النشطة والنائمة، وآخرها تلك التي اكتشفت في الشقيقة الكويت. البحرين التي اضطرت أخيرا الى اتخاذ خطة سحب سفيرها واعتبار القائم بالأعمال الإيراني غير مرغوب فيه، كانت ومازالت الى اليوم ضحية مخطط طويل الأمد من التآمر والتدخل المباشر وغير المباشر بهدف اسقاط النظام واستبداله بنظام ديني-طائفي تابع لطهران، ذلك هو جوهر العملية كلها، وملخصها الجدي، وما عدا ذلك فخزعبلات سياسية وإعلامية لا علاقة لها بالحقائق على الأرض. هذا ما يدركه اليوم المواطن البسيط كما المثقف، بل ان العديد من النشطاء في المجتمع السياسي من جميع الاتجاهات والطوائف يقرون بذلك، حتى وان كانت لديهم اختلافات مع السلطة حول العديد من الجوانب في السياسية والاقتصادية. فالبحرين منذ 2011 ليست مجرد دولة مستها رياح احتجاجات سياسية واجتماعية كما مست بلدانا عربية أخرى، ولم تواجه ثورة شعب ضد حكامه، مثلما حدث في تونس او ليبيا او مصر وسوريا واليمن، وانما كانت في معظم الاحوال واقعة تحت ضغوط إيرانية وأمريكية (كل بحسب مصالحه وتوجهاته) للتأثير على الحياة السياسية بشكل جوهري يؤدي الى قلب الموازين القائمة وتجاوز الثوابت التي اجمع عليها المجتمع البحريني في 2002 عبر ميثاق العمل الوطني. حيث استنفرت كلتا الدولتين أجهزة العلاقات العامة لديها، وامتلأت وسائلها الإعلامية بنقد البحرين ونظامها السياسي. إلا أن الفرق بين الامريكان وايران أن الأجهزة العسكرية (الثورية) الإيرانية قد وضعت خططا للتدخل في البحرين، حشدت في سبيل ذلك ما حشدت من إمكانيات واموال ومحاولات متتالية لتهريب الأسلحة والمتفجرات وتدريب الافراد على القتال واستخدام الأسلحة وعلى صنع المتفجرات. ولقد حاولت إيران التشجيع بالفعل على تحشيد شعارات إسقاط النظام وإقامة نظام على النمط الإيراني، وتمت التغطية على هذا الهدف بشعارات الديمقراطية التي لا تطبق في الجمهورية، ومن حسن حظ البحرين وأهلها أن تم إحباط هذا المخطط المهدد لعروبة البحرين وهويتها، حيث أدرك أغلب سكان البحرين (من جميع الطوائف) أن النضال من اجل الهوية يسبق النضال من اجل الديمقراطية ليس لعدم أهمية الديمقراطية، بل لان فقدان الهوية القومية او إضعافها لن يوصل إلى الديمقراطية، بل من شأنه ان يفضي إلى الخضوع لإيران في النهاية. هذا هو أصل الموضوع واساسه، وما عدا ذلك تفاصيل صغيرة، ولذلك كان الموقف الخارجي في مجمله واقعا تحت تأثير قراءة أخرى تنزل الوضع في البحرين منزلة انتفاضات الربيع العربي، (شعب يثور ضد حكامه ومطالبته بالرحيل) في حين ان الواقع مختلف عن ذلك تماما- بالرغم من مشروعية المطالبة بمزيد من الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والذي كانت السلطة تتفاعل معها بشكل إيجابي من خلال البرلمان آنذاك- فتاريخ إيران في محاولات زعزعة أمن البحرين واستقرارها منذ 1979 بوجه خاص، ثابت من ثوابت الخطاب الرسمي الإيراني، وثابت من ثوابت الجهود الشريرة المستمرة للإضرار بهذا البلد العربي المستقر والمنتعش سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. فإيران تتصرف الى اليوم بناء على هدف مركزي لا يتغير، وهو تقويض الحكم الشرعي في البحريني بإحداث البلبلة والاضطراب بكل الوسائل. كما ان الخطورة الكبيرة تكمن في توجهات إيران تجاه البحرين في توظيفها المسعور للمذهبية والطائفية، وهذا الاستغلال لم يكن موجودا أيام الشاه محمد رضا بهلوي ولا زمن أسلافه بالشكل الموجود حاليا، وهذا ما يعقد المشكلة، حيث تحرص إيران الثورة حاليا على احتلال العقول والقلوب، بل استلابها وغسلها بالأكاذيب والادعاءات والشعارات في سبيل بسط بساط التدخل والتأثير والانتهاك، وعليه فإن مهمة الجميع على هذه الأرض، بل وفي المنطقة ليست سهلة ولا هي مؤقتة، يتداخل فيها الثقافي والإعلامي والسياسي والاقتصادي والأمني، فالحرب على البحرين ما تزال مفتوحة، وايران تدرك انها في مركز اقوى في الوقت الحاضر، خاصة بعد توقيع الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الكبرى، وما جره اليها من منافع اقتصادية وسياسية، بعكس الواقع الذي كان أيام انطلاق شرارة الثورة الخمينية في العام 1979، والتي شكلت آنذاك تهديدا مباشرا لدول الخليج بسبب الرغبة الإيرانية بتصدير هذه الثورة، حيث كانت دول الخليج محمية بغطاء عربي قومي من خلال وجود عراق قوي، ومصر مستقرة إلى جانب الدعم الغربي لها. أما اليوم فالصورة مختلفة، فالعراق بات خاضعا بالكامل للنفوذ الإيراني، ومحكوما بنظام المحاصصة الطائفية، ومصر ما تزال في مرحلة انتقالية، والولايات المتحدة الامريكية لم تعد حليفا مأمونا، والدول الغربية تبدل ولاءاتها في دقيقة وفقا لمصالحها القومية، ولم يبق امامنا الا الاعتماد بالدرجة الأولى على قوانا الذاتية الوطنية والقومية، والاتجاه سريعا نحو بناء الاتحاد الخليجي، وقد اثبتت حرب اليمن والتحالف الخليجي العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ان بالإمكان دائما الاعتماد على بناء تحالفات عربية قوية ومستقرة لمواجهة التحديات.