قبل أيام من ذهاب الناخبين في 14 محافظة مصرية تقترع في المرحلة الأولى من الانتخابات، إلى صناديق الاقتراع لاختيار نوابهم في البرلمان، يسود المشهد الانتخابي حالة من الهدوء، في ظل استمرار الجدل داخل أروقة الأحزاب بسبب انسحاب مرشحين من القوائم وانتقال الصراع إلى ساحات القضاء الذي ينظر في طعون انتخابية لمستبعدين من لوائح الترشح. وفيما هيمن المستقلون على مشهد الدعاية الانتخابية الذي انطلق أواخر الأسبوع الماضي، تسري مخاوف من عدم قدرة البرلمان الجديد الذي يتوقع أن يلتئم أواخر العام، على القيام بدوره التشريعي على أكمل وجه ومقارعة السلطة التنفيذية. وينطلق في 17 الشهر الجاري، الاقتراع في محافظات: الجيزة والفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط والوادي الجديد وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر والإسكندرية والبحيرة ومطروح، وبتصويت المصريين في بلدان الاغتراب. وبعد أيام من إعلان اللائحة النهائية لمرشحي المرحلة الأولى، فوجئت أوساط سياسية بإعلان رئيس حزب المحافظين أكمل قرطام انسحابه من قائمة «في حب مصر» التي تضم مسؤولين وعسكريين سابقين، بالإضافة إلى تمثيل حزبي. وأفيد أن قرطام، الممثّل الوحيد لحزبه داخل القائمة، دخل في مناقشات مع المسؤولين عن القائمة لزيادة حصة ممثلي حزبه داخل قائمة «في حب مصر»، وهو ما قوبل بالرفض ما دعاه إلى الانسحاب. وبالتزامن مع ذلك أعلن الأمين العام لحزب «الحركة الوطنية» صفوت النحاس استقالته من الحزب، عازياً قراره إلى «سوء الإدارة»، منبهاً إلى أن مستقبل الحزب الذي يقوده المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق بات «على المحك». أما حزب النور «السلفي» فشن هجوماً على اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات، لـ «عدم تدخلها في مواجهة حملات إعلامية مناوئة» له، وقال مساعد رئيس حزب «النور» للشؤون القانونية طلعت مرزوق في بيان: «لجان الرصد الإعلامي المُشكّلة من اللجنة العليا للانتخابات لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم، وكأن ضوابط التغطية الإعلامية الواردة بقانون مباشرة الحقوق السياسية مجرد حبر على ورق». من جانبه أعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان تجميد نشاط عضوين به نظراً لترشحهما في الانتخابات، وذلك التزاماً من المجلس بالحيدة والاستقلال أثناء مراقبة الانتخابات. وأشار المجلس في بيان إلى أنه قرر تجميد نشاط حافظ أبو سعدة ومحمد عبدالعزيز في ما يخص أعمال وأنشطة المجلس من وقت قبول أوراق ترشحهما وحتى نهاية العملية الانتخابية. ومن المقرر أن يراقب المجلس القومي لحقوق الإنسان انتخابات مجلس النواب المقبلة، من خلال غرفة رئيسية بالمقر الرئيسي للمجلس وغرف أخرى فرعية على مستوى الجمهورية، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني التي حصلت على تصاريح المراقبة من اللجنة العليا للانتخابات. أما على صعيد الطعون الانتخابية، فقضت محكمة القضاء الإداري بتأييد ترشح حافظ أبو سعدة عن دائرة المعادي، بعدما رفضت الطعن الذي تقدم به تامر صلاح إبراهيم، المرشح بالدائرة ذاتها، على قرار اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية، بقبول أوراق أبو سعدة، متهماً إياه بـ «تلقي أموال من الخارج». كما قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى المقامة من رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، وآخرين، بإلزام لجنة الانتخابات البرلمانية بقبول قائمة «ائتلاف الجبهة المصرية وتيار الاستقلال»، عن قطاع شمال وجنوب ووسط الصعيد. واختصمت الدعوى للمرة الثانية رئيس اللجنة العليا للانتخابات، ورئيس اللجنة العامة للانتخابات بمحافظة الجيزة بصفتهما، وذكرت الدعوى أنه بتاريخ 2 تشرين الأول (أكتوبر) أصدرت لجنة الفحص باللجنة العامة للانتخابات بمحافظة الجيزة قراراً باستبعاد القائمة المسماة بائتلاف «الجبهة المصرية وتيار الاستقلال» من الترشح على نظام القوائم بالانتخابات البرلمانية المقبلة، على رغم حكم المحكمة الإدارية العليا. وفي موازاة ذلك، رفضت محكمة القضاء الإداري دعوى رئيس حزب «النور» يونس مخيون، طالب فيها باستبعاد قائمة «في حب مصر» عن دائرة قطاع غرب الدلتا من الانتخابات. وقال مخيون في دعواه إن الشروط الخاصة بصفة الفلاّح لا تنطبق على المرشحين الأصليين والاحتياطيين بقائمة «في حب مصر» بالمخالفة للمادة الثانية من قانون مجلس النواب. وأضافت الدعوى أن هناك أشخاصاً أدرجوا على القوائم بصفة الفلاح، وتبيَّن من خلال شهادة التأمينات الاجتماعية أنهم من أصحاب الأعمال الحرة. من جهة أخرى، نأى رئيس نادي القضاة المستشار عبدالله فتحي بالسلطة القضائية عن السياسة، مؤكداً أنه لا دخل للأوضاع السياسية بالأحكام القضائية، في إشارة إلى العقوبات المغلظة التي تصدر ضد قيادات جماعة «الإخوان المسلمين» والتي وصلت لحد الإعدام. ودعا المستشار عبدالله فتحي الدول الأعضاء كافة بالاتحاد الدولي للقضاة، للوقوف إلى جانب القضاء المصري في ما يتعرض له من هجوم ومحاولات تدخل وانتقادات لأحكامه من قبل بعض الدول الغربية وبعض المنظمات التي «تدّعي أنها تعمل في مجال حقوق الإنسان»، مؤكداً أن هذا الهجوم يعد مساساً واضحاً باستقلال القضاء المصري وتدخلاً غير مقبول في شؤونه. وقال فتحي في كلمة ألقاها في اجتماعات الاتحاد الدولي للقضاة في مدينة برشلونة في إسبانيا إن القيادة السياسية في مصر حريصة على استقلال القضاء، مشيراً إلى أن العقوبات التي يقضي بها القضاء المصري، والتي قد يراها البعض مغلظة في بعض الأحيان، تصدر في شأن «جرائم إرهابية تتسم بالبشاعة والعنف غير المسبوق في المجتمع»، فضلاً عن أنه منصوص عليها في القانون. وشدد على أن القضاء المصري لا شأن لأحكامه بالسياسة من قريب أو بعيد، ولا يخضع لأية ضغوط. من جهة أخرى، قالت مصادر طبية في شمال سيناء إن رجل أعمال وصل إلى مستشفى العريش مساء أول من أمس جثة هامدة إثر إصابته بطلقات نارية في أنحاء متفرقة من الجسد. وقالت مصادر أهلية إن مسلحين ملثمين أطلقوا النار من أسلحة آلية صوب رجل الأعمال فور خروجه من منزله الكائن وسط مدينة العريش، فأردوه قتيلاً.