×
محافظة مكة المكرمة

«بلدي» جدة يناقش زيادة مداخيل الأمانة

صورة الخبر

المسافة بين مدينة المفرق الصحراوية الواقعة شمال شرقي الأردن، والعاصمة عمان حوالي تسعين كيلومتراً، وكانت الطريق تنقضي كأنها تسعة كيلومترات فقط.. هكذا يتكثف الزمن على طريق الشعراء. الملتقى الشعري الذي أُقيم في المفرق برعاية وإشراف من دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، وانتهت فعالياته، مساء أمس الأول، له وجه آخر غير القراءات المتناوبة على المنبر، وغير الشعر في حد ذات الشعر، فهناك اللقاءات الحميمة العميقة بين الشعراء قبل وبعد القراءة. هناك روح رفاقية مرئية بكل وضوح في طبيعة العلاقات العائلية بين أخوة القصيدة الذين يلتقون على مائدة واحدة هي مائدة الكتابة. شعراء أصدقاء يلتقون بعد غيابات تمتد إلى عشرين عاماً وأكثر، جرى خلالها الكثير من التغيرات والتحولات على الشعراء أنفسهم، وعلى أفكارهم، وعلى اللغة الشعرية، تغيرات على وجوه الشعراء وأجسادهم، ونظراتهم المتفاوتة إلى الحياة. شعراء كانوا في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي محسوبين على ما يسمى اليسار، وهي تسمية مضحكة اليوم تراهم وقد صاروا في أقصى اليمين، والغريب أن هناك شعراء كانوا على ضفة اليمين، فإذ بهم بعد سنوات على ضفة اليسار، والأكثر غرابة أن ثمة شعراء انتقلوا من اليسار إلى اليمين إلى الوسط، وكان محمود درويش يقول: .. ومن اليمين إلى اليسار إلى الوسط.. شاهدت مشنقةً فقط... السياسة أكلت الشعر والشعراء، وفي الساحة الثقافية الأردنية، بوجه خاص، عرّى الربيع السياسي العربي الكثير من الكتاب والشعراء والمثقفين والسياسيين أيضاً، وأيضاً ستر هذا الربيع الكثير منهم، شأنهم شأن الساحات الثقافية العربية الأخرى عندما تدهمها السياسة. إنها حالة فرز سياسي ثقافي عربي في ضوء أزهار الربيع التي تتفتح هنا، أو تتساقط هناكعلى الجانب الجسدي، وخلال سنوات طويلة هناك من اكتهل جسده من الشعراء، لكن لم تكتهل لغته، وهناك من اكتهلت لغته وبقي جسده على قيد شيء من الشباب، وهذه هي الحياة، إنها نهر، لكنها ليست مثل نهر هيراقليطس لا نقطعه مرتين، بل نقطع الحياة أكثر من مرةعلى الطريق الصحراوي‮ة ‬الممتدة مثل خيط من الإسفلت بين المفرق وعمان‮.. ‬تتلفت في‮ ‬مقاعد الباص وقد خلا منها من خلا‮.‬ محمد القيسي،‮ ‬حبيب الزيودي،‮ ‬محمد طملية،‮ ‬أحمد المصلح،‮ ‬إدوارد حداد،‮ ‬عبدالله رضوان،‮ ‬عبدالله حمدان‮.. ‬واأسفاه لم‮ ‬يذهبوا إلى المفرق‮.. ‬كانت طريقهم نحو السماء‮. رحلوا مغمورين بأكاليل الغياب‮.‬ yosflooz@gmail.com