إن ذكرى اليوم الوطني أو العيد الوطني يذهب بالأجيال الحاضرة إلى ماضي أمتهم والذي يذكرهم بماضيهم وأمجاد حكامهم وحكوماتهم وشعوبهم، فهو احتفاء عزيز وذو بصمات واضحة في نفوس المواطنين والمواطنات؛ إذ يعبرون من خلاله عن شعورهم الداخلي وما تحويه صدورهم من حب وانتماء وولاء لأوطانهم. فلقد شاهدت بأم عيني أن الأمة الصينية يولون هذه المناسبة اهتماماً بالغاً عندما تجدهم يستعرضون أمجاد أسلافهم من مؤسسي الجمهورية الصينية الشعبية وتاريخهم الذي خلدوه لهم عبر الزمن، فهو عيد استقلال ونهضة وقومية واعتزاز ومفاخرة لأفراد الشعب الصيني. ومما تجدر الإشارة إليه بأن هناك أسماء شخصيات وأسماء لأماكن لابد أن تذكر في هذا اليوم تخليداً لها جميعاً نحو: (ماو تسي تونغ) المؤسس الحقيقي لجمهورية الصين الشعبية عام 1949م، و(شو أن لاي) وهو أول رئيس وزراء لجمهورية الصين الشعبية، و(دنغ شياو بينغ) وهو يسمى بالمهندس العام للإصلاح والانفتاح في الصين. وأما الأماكن فهي كثيرة جداً تلك التي تتعلق بتاريخ الصين القديم والحديث فساحة (التيان آن أمّن) إذ لا يكاد يمر عليك سطر واحد في كتب التاريخ إلا ويذكر هذا المَعلم التقليدي فعنده تم إعلان الجمهورية الشعبية، وفيه تقام الاحتفالات الرسمية، كذلك نجد من الأماكن المهمة التي تعتبر تاريخاً قومياً وطنياً ذلك النصب التذكاري لأبطال الشعب وهو موجود في الشارع المقابل للمدينة المحرمة ببكين. فاحتفال الصينيين هناك مهيب رهيب وقد تحدثت مع أحد مسؤولي التنظيم هناك أثناء فترة إقامتي في بكين فذكر لي كثيرا من المهام التي تمهد وتسخر لمقام الاحتفال الكبير الذي ستشهده الساحة الحمراء في بكين، وقد أُعدت أماكن ذات مساحة مهولة للعرض العسكري العظيم والمواكب الجماهيرية ومنصات لكبار الزوار وفي ذلك من الماديات التي لابد منها لإنجاح مثل تلك التظاهرة الصينية الشعبية العالمية. فهو بلا شك يذكرنا جميعاً بالجهود العظيمة التي تبذلها الحكومة الصينية لإسعاد شعبها وتوفير كافة سبل الراحة والرفاهية التامة من صحة وتعليم وترفيه وتجارة وصناعة وسياحة وفن وعمران وتكنولوجيا وتنمية واضحة استطيع وصفها بأنها تنمو وتزداد ساعة بعد ساعة؛ وبذلك فإنها مناسبة غالية على قلوب الصينيين كما عرفتهم حيث أرست قواعد الأمن والطمأنينة والاستقرار بدلاً من الفوضى والحروب التي كانت بين القوميات الصينية وغيرها من الدول المجاورة، وللحق شهادة أقولها وهي نشر العلم ليبدد ظلام الجهل وثبات الصناعة التي غزت العالم كله، والأمن الذي عشناه هناك كان نتيجة ثبات الحكم والحكومة واهتمامها بشعبها ووافديها. فهي مناسبة تعكس الروح الوطنية التي يجب أن يستشعرها كل مواطن في وجدانه قبل عقله، وله من الأبعاد الوطنية العميقة في نفوس الشعب الصيني مالا يعد، وهي أيضاً مناسبة تتغذى بها أرواح الصينيين بالشعور الوطني الحقيقي بكل صدق وولاء وإخلاص وانتماء. وبلا شك وريب بأن الشعب الصيني لديه انتماء عجيب إذ يتربع اسم الصين على عروش عقولهم فوطنهم يعيش في أعماقهم كيف لا.. ؟ وهم يتغنون به أنشودة وطنية كل صباح ومساء فهو بالنسبة لهم فرصة للتعبير عما يجول في خواطرهم تجاه تاريخهم المجيد وتقاليدهم العريقة التي سبقت تاريخ الميلاد بعدة قرون، وفيها -المناسبة- يشحذ الشباب الصيني فيها الهمم ويشد فيها العزم ليقف مع القيادة قلباً وقالباً للمحافظة على هذا الكيان العظيم وسيبقى الوطن عزيزاً بهمة واهتمام الشباب، فهي ذكرى عطرة تسطر ما كتبه الأوائل من الأمجاد والانتصارات التي أسست لهذه الدولة العظمى جمهورية الصين الشعبية. كتبه الباحث * باحث ومهتم بالثقافة والآداب الصينية مكة المكرمة 2015م