أشرف نائب رئيس الجمهورية اليمنية رئيس الوزراء خالد بحاح على تسلم قوات الجيش الوطني إدارة باب المندب وجزيرة ميون، الاستراتيجيين، وذلك بعد يومين من تحريرهما على أيدي قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، من الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وجرت هذه المراسم بعدما أدى بحاح زيارة تفقدية إلى باب المندب أمس. ووصف مراقبون سياسيون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» هذه الخطوة بأنها «رسالة من الحكومة اليمنية إلى الميليشيات الحوثية وقوات صالح، مفادها أن المعادلة تبدلت، وأن على المتمردين التسليم بحقيقة أن الوضعية لم تعد لصالحهم ولا الوقت ما زال ممكنا للاستمرار في حربهم العبثية الخاسرة». وكانت قوات الجيش الوطني والمقاومة، بدعم من التحالف العربي، قد استعادت السيطرة على باب المندب وجزيرة ميون والمناطق القريبة من الطريق الساحلي الواصل إلى مضيق باب المندب، غرب محافظتي لحج وعدن، بجنوب اليمن. وعزز التحالف من قواته بنشر آليات ومعدات حديثة بالإضافة إلى غطاء جوي بطائرات مروحية ومقاتلة من نوع «أباتشي». وقالت مصادر مطلعة إن عملية تسليم باب المندب وجزيرة ميون ستمهدان الطريق لتحرير مدينة المخا ومينائها (94 كيلومترًا غرب تعز)، مشيرة إلى أن قوات التحالف تتأهب الآن لاستعادة المدينة والميناء، ثم تتفرغ أكثر لتحرير مدينة تعز. وأشارت إلى تعزيزات عسكرية وصلت من القوات الشرعية إلى مناطق القتال ولا سيما مديرية الوازعية التي تشهد مواجهات عنيفة مع الحوثيين. واعتبرت المصادر أن السيطرة على مضيق باب المندب والتعزيزات العسكرية هناك، بمثابة نقلة نوعية من شأنها تقدم قوات الجيش الوطني نحو المدن المحيطة. وكانت قوات التحالف قد تمكنت الخميس من بسط سيطرتها على المضيق من الجانب اليمني، بعد عملية إنزال قامت بها على جزيرة ميون، التي تشرف على المضيق وإحكام السيطرة عليها. كما قتل خلال الاشتباكات العشرات من قوات الحوثي وصالح وتم أسر آخرين، فضلا عن فرار عشرات المسلحين من جبهات القتال. وفي رد فعل من الحوثيين على هزيمتهم في باب المندب، قال المتحدث باسم جماعة الحوثي، محمد عبد السلام، إن خسارة الجماعة لباب المندب يعود إلى حرصها على إبقاء الممر البحري «بعيدًا عن الصراع، فهو ممر دولي يمثل مصالح العالم»، على حد تعبيره. ورغم اعتراف المتحدث بهزيمة جماعته، فإنه عاد ليبرر الخسارة الكبيرة ولثلاث مناطق حساسة وحيوية، إذ اعتبر أن وجود الميليشيات وقوات صالح (السابق) في هذه المواقع الاستراتيجية، بمثابة قوة حماية ومراقبة أمنية لا علاقة له بالمعركة المحتدمة ولا بالتهديد الذي تشكله هذه القوات للملاحة الدولية. ووصف ما حدث بأنه «انتقام للمأزق الذي وضعت نفسها فيه» القوات الحكومية، على حد زعمه، لافتا إلى أن تحرير باب المندب وجزيرة ميون ليس سوى تمكين لعناصر تنظيمي القاعدة وداعش، وهي المزاعم والمبررات التي سبق للميليشيات الحوثية استخدامها في حربها في محافظات الجنوب. لكن رغم استعادة الجيش لباب المندب، قالت مصادر قبلية في منطقة رأس العارة الساحلية لـ«الشرق الأوسط» إن قتالا ضاريا شهدته الجبال المطلة على الممر البحري، في غرب محافظة لحج، عقب يوم من استعادة الجيش الوطني للمنطقة، وأن الجيش الوطني خاض معركة شرسة مع الميليشيات المتمردة (أول من أمس) الجمعة تكللت بهزيمة للميليشيات المتمردة. وأشارت المصادر إلى أن مقاتلين من قبائل الأغبرة والكعللة، شاركوا في التصدي لهجوم الحوثيين وقوات صالح، مضيفة أن الجيش وقوات القبائل تمكنت من التصدي للهجوم وكبدت ميليشيات الحوثي وصالح عشرات القتلى والجرحى، منوهة بأن قتلى ثلاثة من قبيلة الأغبرة سقطوا في المواجهات. من جهة أخرى، قالت مصادر مطلعة إن طيران التحالف شن غارات على مواقع للمتمردين في مديرية الوازعية الواقعة على بعد 150 كيلومترا شمال عدن، وتمكن من تدمير صواريخ إيرانية الصنع كان المتمردون جلبوها بهدف إطلاقها على مناطق قريبة. وذكرت المصادر أن طيران التحالف دمر تلك الصواريخ بعد إطلاق واحد منها باتجاه الشمال على منطقة صلاح الدين، دون أن يحدث أي أضرار بشرية أو مادية. وكانت الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس المخلوع، قد جلبت تلك الصواريخ الإيرانية بعدما تمكنت، خلال أيام عطلة العيد، من السيطرة على مديرية الوازعية، وهي مديرية تقع على تخوم مديريتي راس العارة والمضاربة، بمنطقة الصبيحة شمال محافظة لحج الجنوبية. وذكرت مصادر محلية أن سيطرة الميليشيات الحوثية وقوات صالح على مديرية الوازعية تمت بالتنسيق مع قيادات من حزب صالح. وأمس، فرضت قوات الجيش بدعم من التحالف، حصارًا على الميليشيات المتمردة في منطقة الوازعية الساحلية، وتوقعت مصادر في المقاومة فرض السيطرة الكاملة على المنطقة خلال الساعات المقبلة. في غضون ذلك، قال مصدر من الجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن طائرات الأباتشي حلقت بكثافة، أمس، فوق المناطق التابعة إداريا لمديرية باب المندب، خصوصا منطقة المفرق التي شهدت قصفا مدفعيا وصاروخيا عنيفا، على مواقع يوجد بها الحوثيون وأتباع صالح، مؤكدا أن قيادات موالية للحوثي وصالح، بادرت بالاتصال، معلنة استسلامها. وأضاف المصدر أن قوات الجيش والمقاومة الشعبية شددت أمس الخناق على المتمردين، إذ تمكنت من قطع طرق الإمداد على الحوثيين الموجودين في منطقة المفرق، لافتا إلى أن قصف المدفعية والكاتيوشا تزامن مع قصف مروحيات «أباتشي» لمناطق المعجر والسيمن باتجاه منطقة ذباب مركز مديرية باب المندب، التابعة إداريا لمحافظة تعز، وفق التقسيم الإداري المستحدث.