رفضت المعارضة المسلحة في جنوب السودان، التي يقودها الدكتور رياك مشار، قرار الرئيس سلفا كير ميارديت تقسيم البلاد إلى 28 ولاية بدلاً عن 10 ولايات، معتبرة ذلك خرقًا لاتفاق التسوية السلمية التي تم التوقيع عليها في أغسطس (آب) الماضي، ودعت «الإيقاد» والمجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف واضح من هذه الخطوة. وكان رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت قد أصدر مرسومًا رئاسيًا في وقت متأخر أول من أمس، بثه التلفزيون الحكومي، يقضي بتقسيم البلاد إلى 28 ولاية بدلاً عن الـ10 ولايات التي بدأت بها أحدث دولة في العالم، واتخذ التقسيم الجديد طابعا عرقيا، حيث فصل القبائل الثلاث الكبرى (الدينكا التي ينتمي إليها سلفا كير، والنوير التي ينتمي إليها خصمه رياك مشار، والشلك قبيلة الأمين العام لحزب الحركة الشعبية الحاكم باقان أموم)، وقد أعطيت هذه القبائل ولايات منفصلة، خصوصا بعد تقسيم ولايات أعالي النيل، جونقلي، والوحدة، وجميعها منتجة للنفط. وبموجب القرار الجديد فإن المناطق المنتجة للنفط، التي تم تقسيمها، أصبحت تتبع لسكان قبيلة الدينكا، وقال كير إن الخلافات الحدودية ستحسم عبر اللجنة القومية لترسيم الحدود، وسيحتاج القرار إلى مصادقة من البرلمان القومي الذي يشكل غالبيته من حزب الحركة الشعبية الحاكم. من جهته، قال الدكتور رياك مشار، زعيم المعارضة المسلحة في جنوب السودان، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن قرار الرئيس سلفا كير يعد خرقا لاتفاق التسوية السلمية التي وقعها معه في أغسطس الماضي، حيث نصت الاتفاقية على 10 ولايات فقط، وأضاف موضحا أنه «بهذا القرار فإن سلفا كير أكد أنه غير ملتزم بتنفيذ اتفاق السلام، خصوصا أنه قال عند توقيعه على الاتفاق إن الاتفاقية ليست مقدسة»، داعيًا الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (الإيقاد) والمجتمع الدولي، لاتخاذ موقف واضح لما وصفه بخرق الاتفاق بشكل سافر، كما وجه نداء إلى مجلس التحرير القومي لحركته، الذي يعتبر أعلى سلطة للانعقاد في العشرين من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي لاتخاذ قرار بشأن التقسيم الولائي الجديد وكيفية مواجهته. من جانبه، قال عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية الحاكم أكول بول إن قرار إضافة ولايات جديدة وجد تأييدا شعبيًا منقطع النظير، ودافع عن القرار بقوله إن قرار الرئيس لم يخرق اتفاق السلام الموقع مع المعارضة المسلحة، مشيرًا إلى أن نسبة المشاركة في السلطة التي نصت عليها الاتفاقية ستظل كما هي، دون أي مساس بها، خصوصا في الولايات الثلاث أعالي النيل، رغم أنها ضمن الولايات التي تم تقسيمها أيضًا، كما قلل من التخوفات حول نزاع حدودي بين هذه الولايات الجديدة، لكنه اعترف بوجود تحديات كبيرة تكمن في توفير الموارد المالية والبشرية، ونقص البنيات التحتية لعدد كبير من هذه الولايات المستحدثة. واستبعد بول تراجع كير عن القرار في حال تم الضغط عليه من (الإيقاد) والمجتمع الدولي، وقال إن «القرار تم بعد دراسة متأنية وعميقة، ونحن ملتزمون بتنفيذ اتفاق السلام رغم التحفظات التي أوضحناها، ولكن الاتفاقية هي أفضل من الحرب، ونحن نعمل الآن على إنهاء التجهيزات لاستقبال رياك مشار، الذي سيصبح نائبا أول للرئيس في الفترة الانتقالية».