نعم، الرجولة تُصنع صناعةً، ونحن جميعنا صُنّاعها.. والقصد مِن قولنا (نحن): أي نحن الآباء والأمهات، المعلمون، العاملون في المنظومة التعليمية، كوادر الإعلام والثقافة، وكل مؤسسات المجتمع. فصفة الرجولة هي مجموعة من الأخلاق الحميدة التي تتكون من مبادئ ومعارف ومهارات يكتسبها الإنسان، ذكراً كان أو أنثى، وذلك بالغرس منذ الصغر، ومن ثم تُعزز بالتعلم والتعليم وبالتدريب والتمكين. ومن أبرز صفات الرجولة، الشجاعة ونجدة الملهوف ونُصرة الضعيف والتضحية والإقدام، والثبات في المواقف البطولية وفي أوقات الشدائد والأزمات. والرجولة تُغرس منذ أيام الطفولة الأولى، وتُسقى بالعلوم والمعارف وبالحكمة، وأحكام الشرع والعُرف، وتُمكّن بالتدريب السليم والمخطط له، وبالتشجيع وتشبيه الطفل والشاب بالقدوات الحسنة من الفرسان والقادة الأفذاذ وأعلام النبلاء، رجالاً ونساءً، وكل ذلك يُحيي ما بداخل الأبناء من غريزة لنيل المعالي واكتساب المكارم. وكان الأبناء قديماً يُلازمون الآباء بصورةٍ دائمة في المجالس والمناسبات والأعمال والأسفار، فكانوا يتعلمون منهم العادات الجميلة والصفات الرجولية والمهارات القيادية، وكانوا يتزودون بالمعلومات المهمة والخبرات التي تُفيدهم في حياتهم العلمية والعملية، بينما في هذه الأيام اقتضت الظروف أن يكون الوقت المتاح للتعلّم هو وقت المدرسة. ولذلك فمناهجنا اليوم لم تغفل عن هذه الحقيقة، فبالإضافة إلى المواد العلمية نجد المقررات الدراسية مدعّمة لتغرس وتُعلّم الرجولة، سواء كانت في دروس مواد التربية الوطنية والتاريخ واللغة العربية والتربية الإسلامية، أوفي الأنشطة الصفية واللاصفية، والبرامج المتخصصة كبرامج المهارات الحياتية وغيرها. وكذلك أيضاً كان الاهتمام بإعداد المعلمين، فكي تُصنع الرجولة لابد أولاً من إعداد صُنّاع الرجولة فهم من يغرسونها في أطفالنا وشبابنا، ولذلك كان الاهتمام بإنشاء كليات التربية والتطوير التربوي التي تُعتبر المصانع لصنّاع الرجولة، فهي تزرع حس المسؤولية وتعزز الهوية الوطنية وتدرب معلمي المستقبل ليقوموا بمهمة إعداد أجيال يُعتمد عليها لحمل راية التطوير والبناء. salnuaimi@ecae.ac.ae