حين تحدثت لقناة إم بي سي التي استضافت في تلك الليلة الممرضة أريج القحطاني لتسألها عن كيف أنقذت مصاب حادث (الرياض مول)، قلت إنني أرفع لها القبعة كما رفع لها المجتمع السعودي كل قبعاته نظير شجاعتها وتقديمها إنسانيتها على أي شيء آخر. وكان من بين من رفعوا هذه القبعات سمو الأمير متعب بن عبدالله الذي أمر بتعيينها في وظيفة في الخدمات الصحية بالحرس الوطني، لأنها كانت إلى وقت وقوع هذا الحادث بلا وظيفة. ولربما تكون، بخلاف ما فعلته من المبادرة في إسعاف مصاب غير متوقع، سببا لتوظيف آلاف من بنات جنسها المؤهلات اللائي لم يتركن بابا إلا وطرقنه بحثا عن وظائف بقيت طي النقاش بين الوزارات (المعنية). ظهور أريج، بما قدر لها أن تفعله في ذلك السوق وانتشار اسمها ووظيفتها الجديدة على وسائل التواصل الاجتماعي، قد يحرك الملفات التوظيفية الساكنة لبناتنا على مكاتب المسؤولين، خاصة أولئك الخريجات القديمات العاطلات المتمسكات بالأمل بعد أن طال أمد الانتظار والرجاء. كل بناتنا، بالمناسبة، هن أريج التي تملك العلم والقدرة وشجاعة الفعل متى ما وجدت الفرصة مؤاتية لهذا الفعل، حيث لا فرق بينها وبين الرجل في مثل هذه المواقف. ولو أن أريج، ومثلها باقي السعوديات، التفتن إلى التقليل من شأنهن والحط من إمكاناتهن، كما يحلو للبعض أن يفعل رياء أو تنطعا، لما وجدنا مثل هذه المواقف الباعثة على الفخر التي عرفناها وشهدنا عليها عند أمهات وطبيبات وممرضات ومبتعثات وطالبات يحققن التفوق تلو التفوق والحضور في إثر الحضور. نريد أن تتوظف كل زميلات أريج من الممرضات السعوديات العاطلات عن العمل، ونريد أن تتوظف كل بنت سعودية مؤهلة أيا كان تخصصها. وهذا لن يحدث إلا إذا أقلعنا عن اختلاق أعذار عدم التوظيف وتكويم مسببات البطالة بين فتياتنا. في عام 2008 قالت مدير عام التمريض في المملكة حينها، منيرة العصيمي، «إن هناك حاجة للتمريض النسائي، وذلك لأن أغلب مراجعي المستشفيات هم نساء وأطفال يمثلون 75% من المراجعين ويعمل عليهم نساء فقط، لذا فالمستشفيات بحاجة للتمريض النسائي أكثر من تمريض الرجال» وذكرت «أن السعودة في التمريض وصلت إلى 41% فقط، مما يدل على حاجتنا الماسة إلى التمريض السعودي في السنوات القادمة». بعد ست سنوات من هذا الكلام المسؤول، وبعد أن هزت أريج القحطاني بالصدفة ذاكرتنا، هل تغيرت حاجة المستشفيات إلى طبيعة التمريض، وهل وصلنا مثلا إلى نسبة سعودة في التمريض تتجاوز 50 في المائة؟! نريد إجابات بالأرقام المثبتة من وزارة الصحة ومن كافة المستشفيات التابعة لمختلف القطاعات العامة والخاصة.