تراجع النشاط الصناعي في الصين خلال الشهر الماضي لأدنى مستوى له منذ ستة أعوام ونصف العام وهو ما يعزز المؤشرات على تباطؤ ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وبحسب "الألمانية" فإن المؤشر الأولي لمديري مشتريات الشركات الصناعية الذي تصدره حاليا مجلة "كايشن" الاقتصادية الصينية تراجع المؤشر من 3.47 نقطة خلال آب (أغسطس) الماضي إلى 2.47 نقطة خلال الشهر الماضي وهو ما يقل كثيرا عن مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش. وتشير قراءة المؤشر لأقل من 50 نقطة إلى انكماش النشاط الصناعي في حين تشير قراءة المؤشر لأكثر من 50 نقطة إلى نمو النشاط. وقال هي فان كبير المحللين في مؤسسة "كايشن إنسايت جروب" إن الطلب الضعيف كان العامل الأساسي وراء وجود فائض في المعروض من السلع المصنعة ولهذا لم يتعاف النشاط الصناعي حتى الآن. ووصل مؤشر مديري المشتريات خلال أيلول(سبتمبر) الماضي إلى 8.49 نقطة مقابل 7.49 نقطة في آب(أغسطس) الماضي وذلك بعد شهرين من التراجع المطرد للمؤشر الرسمي، ويستخدم مؤشرا كايشن والحكومة مقياسا من 100 نقطة. يشار إلى أن مؤشر كايشن كان يصدر في السابق برعاية مجموعة "إتش.إس.بي.سي" المصرفية البريطانية، قبل أن تنتقل رعايته الآن إلى مجموعة "كايشن" للنشر المالي والاقتصادي. ويستهدف المؤشر الأولي تقديم تقديرات دقيقة لبيانات المؤشر النهائي حيث يعتمد على ردود 85 في المائة من مديري المشتريات الذين يشملهم المسح. وتراجعت أرباح الشركات الصناعية الصينية بأسرع وتيرة في أربع سنوات في آب (أغسطس) الماضي مع استمرار ارتفاع التكاليف في حين واصلت أسعار السلع الهبوط. وتضررت الشركات من هبوط أسعار الأسهم، ما أدى لانخفاض عائدات الاستثمار في حين دفع تذبذب اليوان الشركات إلى زيادة الإنفاق المالي. وانخفضت أرباح الشركات الصناعية خلال شهر آب (اغسطس) الماضي 8.8 في المائة بعد تراجع 2.9 في المائة في تموز (يوليو) الماضي، ومقارنة بها قبل عام وهو أعلى معدل هبوط سنوي منذ أن بدأ المكتب الوطني للإحصاءات في رصد مثل هذه البيانات في 2011. وفي أول ثمانية أشهر من العام الجاري انخفضت أرباح تلك الشركات 1.9 في المائة مقارنة بها قبل عام، بينما زاد العائد على الاستثمار للشركات الصناعية 4.12 مليار يوان (647 مليون دولار). وزاد الإنفاق الصناعي للشركات الصناعية بواقع 23.9 في المائة في آب (أغسطس) مقارنة به قبل عام ومقابل انخفاض 3 في المائة على أساس سنوي. وأظهرت البيانات أن 31 قطاعا من بين 41 قطاعا صناعيا في البلاد سجل نموا في الأرباح في أول ثمانية أشهر من العام الجاري بينما تراجعت في 10 قطاعات. وفيما تراجعت أرباح قطاع التعدين 57.3 في المائة خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام، سجلت الشركات المملوكة للدولة أسوأ أداء ونزلت أرباحها 24.7 في المائة مقارنة بارتفاع 7.3 في المائة لشركات القطاع الخاص. ويقول محللون إن الصين ستعاني من أجل تحقيق معدل النمو المستهدف للاقتصاد خلال العام الحالي وهو 7 في المائة في ظل تراجع وتيرة الاستثمار وانخفاض الصادرات. في سياق متصل، أظهر مسح رسمي أن نمو قطاع الخدمات الصيني لم يتغير في أيلول (سبتمبر) مما ساعد على تعويض الضعف المستمر في قطاع التصنيع الذي يثقل كاهل ثاني أكبر اقتصاد عالمي. وكان قطاع الخدمات النقطة الوحيدة المضيئة في الاقتصاد خلال السنوات القليلة الماضية ما ساعد على تخفيف التباطؤ الممتد في قطاع التصنيع لكنه بدأ يظهر مؤشرات على التراجع في الأشهر الأخيرة إذ يتوخى المستهلكون مزيدا من الحذر. وأوضح المكتب الوطني للإحصاءات أن المؤشر الرسمي لمديري المشتريات بلغ 53.4 وهو مستوى الشهر السابق نفسه، وتعني أي قراءة فوق مستوى الخمسين نموا على أساس شهري بينما تشير أي قراءة دونه إلى الانكماش. ويتباطأ الاقتصاد الصيني تدريجيا من وتيرة في خانة العشرات في العقود الماضية إذ تحاول بكين تحويل نموذج اقتصادها من الاعتماد على الصناعات الثقيلة والصادرات إلى الاعتماد على قطاع خدمي أكثر حيوية. لكن سلسلة من البيانات الضعيفة في الأشهر الماضية وتحذيرات الشركات من تباطؤ المبيعات عززت المخاوف من الهبوط الحاد وهو ما يؤرق الأسواق المالية العالمية. وبلغ معدل نمو الاقتصاد الصيني خلال الربع الثاني من العام الحالي 7 في المائة وهو أقل مستوى له منذ تفجر الأزمة المالية العالمية في 2008 . وتتوقع الحكومة أن يتراجع نمو الاقتصاد من 7.3 في المائة في 2014 إلى 7 في المائة في 2015 وهو ما يعني هبوط معدل النمو للعملاق الآسيوي لأدنى مستوى في ربع قرن.