شعرت الابنة الوحيدة لوالديها بأن شقاء وتعب وعرق السنوات الطوال يتسرب من بين يديها، إثر مرور والدها بنزوة أدت إلى زواجه وإنجابه أختاً لها لتشاركها في ثروتها. ودعت الابنة حياة الهدوء والراحة وبدأت تعيش في جو مكتظ بالنزاع والشجار الدائم مع زوجة والدها، فقررت الانتقام منها وحرق قلبها على ابنتها مثلما حرقت قلبها على والدها وعلى ثروتها التي يبددها والدها أمام عينيها على زوجته الجديدة وابنته منها، فأقنعت والدتها بضرورة الثأر من ضرتها وطلبت منها مساعدتها على إنهاء جريمتها التي ظلت تفكر فيها قرابة خمسة أعوام منذ ولادة الطفلة، استدرجت الطفلة الصغيرة وأخذت تداعبها وفجأة أطبقت بيديها على عنقها لتنهي حياتها ثم حملتها ووضعتها داخل المنزل الذي تقيم فيه زوجة والدها، وفتحت أنبوبة البوتاجاز لتبدو الجريمة اختناقاً من أثر تنفس الغاز ولتضرب عصفورين بحجر واحد وتضع زوجة والدها تحت المساءلة لإهمالها في رعاية ابنتها، وكل ذلك كان ووالدتها تراقب لها الطريق حتى أنهت جريمتها. تركت الأم وابنتها البلدة حتى تبتعدا عن الشبهات لكن الابنة وقعت في أيدي رجال المباحث مصادفة لتعترف بجريمتها التي كانت قد اعتبرت قضاء وقدراً. منى ثمرة زواج محروس من صبحية بعد زواج استمر خمس سنوات من دون إنجاب طافت خلالها صبحيةعلى جميع عيادات أمراض النساء، وتناولت الكثير من العقاقير التي تساعد على الإنجاب، وأخيراً وبعد خمس سنوات زفت إلى زوجها المزارع البسيط نبأ حملها بعد أن كان قد فقد الأمل في الإنجاب من زوجته التي يحبها ورفض من أجلها كل النصائح التي قدمت له بضرورة زواجه من أخرى لينجب الابن الذي يتمناه كل زوج وزوجة، حتى إنه لم يجرح زوجته ولم يهنها يوماً بل تظاهر أمام الجميع بأن مانع الإنجاب منه. حملت صبحية الجميل لزوجها فبذلت قصارى جهدها لإسعاده ورضيت بالحياة معه حتى وهبهما الله طفلتهما الوحيدة منى فدللاها وكرسا حياتهما لإسعادها، وكانت منى تشع ذكاء وحيوية لكن ذكاءها لم يوجه نحو المذاكرة والدراسة وتركت المدرسة وهي لم تتجاوز الثانية عشرة من دون الحصول على أي شهادة دراسية، وفكرت في إقامة مشروع يغير مجرى حياتهم البسيطة لأنهم يعيشون على الأجر البسيط الذي يحصل عليه والدها المزارع من العمل في حقول الناس، وعرضت الفكرة على والدها لكنه رفض فأجره يكفي بالكاد احتياجاتهم الضرورية وأي مشروع يحتاج إلى رأس مال لكنها عادت لتؤكد له أن هناك مشروعات صغيرة رأس مالها بسيط لكنها تحتاج إلى مجهود كبير وقبل أن يرد والدها أسرعت لإحضار قرطها الذهبي ووجهت عينيها إلى أسورتين ذهبيتين ترتديهما والدتها يمثلان الشبكة التي قدمها والدها لها، وعلى الفور أدركت الأم معنى نظرات ابنتها فخلعت الإسوارتين ووضعتهما بجانب قرط ابنتها وتم بيع الذهب، واقترحت منى فكرة شراء بطاريات الأرانب بثمن الذهب وتربية سلالات كثيرة الإنتاج فهي قد شاهدت برنامجاً تلفزيونياً عن تربية الأرانب ببطاريات صغيرة، فوافق والداها على فكرتها وخلال أسبوع بدأ تنفيذ المشروع. بذلت منى ووالدتها جهداً كبيراً فتضاعف عدد الأرانب التي بدؤوا بها خلال ستة شهور، وبقدر ما كانت تعطي منى وتقدم من مجهود للأرانب كانت تحصد الإنتاج، فزاد الإنتاج وكثر عدد البطاريات وأصبحت تبيع لأبناء قريتها ما يلزمهم من أرانب وتعدى إنتاجها إلى القرى المجاورة. تدريجياً تخلى والدها عن عمله في الحقول وأصبح من أبرز تجار الأرانب وتغير مجرى حياتهم وأصبحوا يمتلكون مالاً زاد على حاجتهم فادخر محروس كل ما فاض عن حاجتهم وكان كثيراً، ومع أن الحياة تغيرت كانت منىعلى عهدها في مشروعها تعطيه كل وقتها ومجهودها وهي تؤكد لنفسها أن هذا المال الذي يزيد يوماً بعد يوم سيعود إليها في النهاية، فوالداها لا يهتمان بشيء سواها وظلت الحال على ما هي عليه والأسرة تعيش في سعادة، حتى لعبت فتاة صغيرة عمرها يقارب عمر منى تقريباً برأس محروس واستطاعت أن تدرك نقطة ضعفه فعندما تزوج من زوجته الأولى كان مزارعاً بسيطاً، أما اليوم فهو تاجر كبير ومن هنا رمت شباكها حوله فسقط فيها بسهولة تامة، وبعد مدة قصيرة كان قد نسي حبه لزوجته الأولى وانطلق مع الفتاة الصغيرة ليعيش عمراً غير عمره ويأخذ زمناً غير زمنه.علمت صبحية بعلاقة زوجها بالفتاة وواجهته وعاتبته فازداد عناداً وأصبحت الحياة في المنزل الهادئ السعيد كالجحيم مشكلات وخلافات مستمرة انتهت بإعلان محروس نبأ زواجه من هذه الفتاة التي لعبت برأسه فاشترى لها منزلاً وأقام معها وكلما رأت منى هذا المنزل استشاطت غيظاً، لكن والدتها كانت تهدئها وتؤكد لها أنها نزوة وسحابة صيف سرعان ما ستزول على الرغم من أنها كانت تغلي داخلها وتعتصر حزناً مما فعله زوجها بها، وبعد مدة قليلة من الوقت أصبح البلسم الذي تلطف به الأم جرح ابنتها بلا فائدة فقد حملت الزوجة الجديدة ووالدها يومياً يشتري كل ما طاب ولذ ويقدمه لزوجته الجديدة. توقفت منى عن مواصلة مشروعها كنوع من الضغط على والدها فتولت زوجته الجديدة المشروع ونقل إلى منزلها كل بطاريات الأرانب،ونتيجة لذلك أمسك محروس في الإنفاق على منى ووالدتها فقررت منى الانتقام من زوجة والدها التي حرمتها من الحياة السعيدة التي كانت تحياها ومن والدها العطوف الحنون وقررت قتلها، إلا أن والدتها محت هذه الفكرة من رأسها، لكن عاودتها الفكرة مرة ثانية بعد إنجاب زوجة والدتها طفلة، فقد أصبحت لها أخت سوف تقاسمها في ثروة والدها التي هي صاحبتها بعملها وجهدها وندمت على أنها تراجعت عن قتل زوجة والدها، فهي رأس الحية وفي النهاية فكرت في قتلها وهي على قيد الحياة وذلك بحرق قلبها على ابنتها وبدأت تخطط لجريمتها ووالدتها تمنعها بقدر الإمكان وتخيفها حتى حانت ساعة الصفر عندما بلغت أختها عامها الخامس وكانت قد استطاعت إقناع والدتها بمشاركتها في الجريمة، وبعد مراقبة طويلة لتحركات زوجة والدها عرفت فيها مواعيدها والأوقات التي تترك فيها طفلتها بمفردها ويوم الجريمة استدرجت الطفلة أثناء عدم وجود والدتها وادعت أنها ستلاعبها وعندما أيقنت أنه لا أحد يراها أطبقت بيديها حول عنق الطفلة لتلفظ أنفاسها الأخيرة ومنى تلفظ شرها وكرهها وحقدها لزوجة والدها، وأشارت لها والدتها التي تراقب لها الطريق بأنه خال من المارة فحملت الطفلة إلى داخل المنزل وفتحت أسطوانة الغاز وفرت هاربة. عادت الأم لتجد ابنتها جثة هامدة فأخذت في الصراخ والعويل حتى تجمع الجيران واعتقد الجميع أن الطفلة بالتأكيد عبثت بمنظم أسطوانة الغاز وفتحتها ما تسبب في موتها، لكن منى ووالدتها وعلى الرغم من أنهما قد تمكنتا من ارتكاب الجريمة من دون أي دليل على إدانتهما، شعرتا بأن الجميع يراقبون تحركاتهما ويترصدون خطواتهما فخشيتا من افتضاح أمرهما، فتركتا القرية وأقامتا لدى خال منى في إحدى المحافظات البعيدة، وهناك التحقت منى بعدة أعمال وأصبحت تتنقل بين والدتها ومكان عملها لكنها لم تكن تستمر طويلاً في أي عمل لعدم استكمال الأوراق الخاصة بها، وبينما هي تسير حزينة اشتبه فيها رجال الأمن وتم القبض عليها وبسؤالها اعتقدت أن جريمتها قد انكشفت فاعترفت بها قبل أن يوجه لها أحد أي اتهام، وتم القبض على والدتها التي اعترفت هي الأخرى وأكدت أنها باعترافها قد أزاحت حملاً ثقيلاً عن صدرها استمر قرابة عام ونصف العام. أمرت النيابة بحبسهما على ذمة التحقيق بعد أن وجهت لهما تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وأحالتهما إلى محكمة الجنايات التي عاقبت منى بالسجن المشدد 15 عاماً وعاقبت أمها بالسجن 5 سنوات.