تشتهر مقدونيا لؤلؤة البلقان بوصفها بلاد الماء والطبيعة والمهرجانات، إذ تقام فيها ملتقيات لمختلف الفنون والآداب على مدار العام، في الشعر والموسيقى والغناء والتراث والفن التشكيلي والمسرح والسينما، في المدن والأرياف والجبال. وتحتفي بلدية كاربوش بالثقافة عبر مهرجانات عدة، من بينها الملتقى الدولي للرسم بالألوان المائية، الذي يجمع فنانين تشكيليين لمدة 11 يوماً في العاصمة سكوبيا ومدينة أوخريد. ونظم المجلس الثقافي في البلدية الدورة السادسة للملتقى في الفترة من 21 حتى 31 أغسطس الماضي، بمشاركة 12 فناناً، من بينهم فنان عربي واحد، وفنانان من تركيا، وفنانة من صربيا، وثمانية من مقدونيا. وتضمن فعاليات الملتقى زيارات لمعالم في كل من سكوبيا وأوخريد، علاوة على حضور أمسيات شعرية وموسيقية ضمن مهرجان ستروغا الدولي للشعر، الذي تزامن انعقاده مع الملتقى التشكيلي. ظواهر استثنائية أكّد سفير مقدونيا لدى الإمارات، ساشو تاشيفسكي أن بلاده تولي الثقافة اهتماماً كبيراً، إذ تنظم مؤسسات حكومية وخاصة مهرجانات متعددة للفنون البصرية والموسيقية في مختلف المدن، مضيفاً أن مقدونيا تضم معالم ثقافية وطبيعية ساحرة تستقطب كثيراً من السياح سنوياً. وقال لـالإمارات اليوم إن مقدونيا تتميز بتراث عريق، وفيها ظواهر طبيعية استثنائية، مثل نهر (بلاك دريم)، الذي يخترق بحيرة أوخريد، من دون أن يفقد مجراه. كما أن منطقة ينابيع النهر صالحة للشرب، إذ إن هناك بحيرة تقع على مستوى أعلى من بحيرة ثانية، ما يسمح بمرور المياه بين الشقوق الصخرية والطبقات الحجرية، في عملية تنقية طبيعية تماماً. وأشار إلى ظاهرة استثنائية أخرى تتمثل في هجرة أسماك الأنقليس، التي تسمى في مقدونيا بـياغولا، التي تهاجر آلاف الكيلومترات. وأوضح تاشيفسكي أن مواقع كثيرة في مقدونيا مسجلة في قائمة اليونسكو للتراث الإنساني، خصوصاً في مدينة أوخريد التي تقع فيها بحيرة من أقدم البحيرات وأعمقها في أوروبا. وأردف أن مقدونيا التي توصف بـ(لؤلؤة البلقان)، تعدّ أرض الماء والشمس والمهرجانات والطبيعة، وفيها مهرجان تقليدي سنوي في منطقة الجبال، يعدّ من أبرز المهرجانات التي حافظت على هويتها التقليدية. كما تتميز مقدونيا بالتآخي بين المساجد والكنائس، وبأنماط معمارية عريقة. الفنانون المشاركون شارك في الدورة السادسة لملتقى الألوان المائية في مقدونيا 12 فناناً من مقدونيا والأردن وصربيا وتركيا. وتضمنت قائمة المشاركين في الملتقى، الذي تنظمه بلدية كاربوش، كلاً من: ماريا سفيتيفا وسيمونيدا فيلبوفا كيتانفسكا وميلان أندوف وروسيتسا لازيفسكاوزوران ياكيموفسكي وآنا أبوسولوفسكا ونهات بكيري وإبراهيم بيدي وتانيا نيكولافيتش فيسيلينوف وعلي العامري وتانسو أوزمين وجمال سليمغول. قائمة التراث الإنساني قالت قيّمة ملتقى الألوان المائية، باندورا أبوستولوسكا سازدوفسكا إن مواقع كثيرة في مدينة أوخريد تحظى بحماية منظمة اليونسكو، بعد تسجيلها في قائمة التراث الإنساني، من بينها أديرة وآثار وفسيفساء والمدينة القديمة ومنطقة (سانت ناوم)، التي تعدّ من جنائن مقدونيا الساحرة، والمتنزه الوطني ومتحف العظام المائي على شاطئ البحيرة. وذكر الموقع الإلكتروني لمنظمة اليونسكو أن مدينة أوخريد على ضفاف البحيرة، تعدّ من أقدم المنشآت التي قام بها الإنسان في أوروبا. لقد تمّ إنشاؤها بشكلٍ أساسي بين القرن السابع والقرن التاسع عشر، وهي تتضمّن أقدم الأديرة السلافيّة (المُخصَّص للقديس بنتاليون)، إضافة إلى 800 أيقونة بيزنطيّة الأسلوب تم إعدادها بين القرن الحادي عشر ونهاية القرن الرابع عشر، وهي تُعدّ مجموعة الأيقونات الأهم في العالم، بعد مجموعة متحف تريتياكوف في موسكو. وتضمنت فعاليات الملتقى ورشة فنية بمشاركة أطفال مع عائلاتهم في حديقة عامة، وزيارات لعدد من المعالم الأثرية والتاريخية والمواقع السياحية، والمتاحف وصالات عرض الفنون والأسواق القديمة، إذ تزخر مقدونيا بكثير من الكنوز الطبيعية والثقافية، ومن بينها مواقع عدة ضمن قائمة اليونسكو للتراث الإنساني، إذ تم تسجيل التراث الطبيعي والثقافي لمدينة أوخريد ضمن القائمة عام 1979، وتستقطب مهرجانات الفنون والفعاليات الثقافية جمهوراً كبيراً من مقدونيا ودول عدة. كما يزور البلاد سياح كثر من مختلف دول العالم لزيارة المواقع الطبيعية والسياحية والثقافية. وكان ملتقى الألوان المائية بدأ بورشة في حديقة عامة، شارك فيها مجموعة من الأطفال مع الفنانين، وبحضور حشد كبير من العائلات في العاصمة سكوبيا. واستمرت الورشة قرابة خمس ساعات، اختتمت بمعرض للوحات التي أنجزت خلال الورشة، حضره جمهور من الأهالي ومسؤولون وفنانون. وتسلم الفنانون والأطفال المشاركون شهادات بتوقيع عمدة كاربوش، ستيفكو ياكيموفسكي، تقديراً للمشاركة في الورشة الفنية التي كانت ضمن فعاليات المهرجان الثقافي الصيفي. وكان العمدة كرّم الفنانين المشاركين في حفل عشاء في مدينة أوخريد، خلال انعقاد الدورة السادسة للملتقى. وأكد رئيس المجلس الثقافي في بلدية كاربوش، غوران ميخايلوف، بعد توزيعه شهادات التقدير على الفنانين، أهمية الثقافة في المجتمع المقدوني، ودورها في تعزيز قيم المحبة والتعاون والشراكة المجتمعية. وقال لـالإمارات اليوم إن الورشة تأتي إسهاماً من ملتقى الألوان المائية في فعاليات المهرجان الصيفي، بهدف الوصول إلى الأطفال والأهالي ليتفاعلوا مع الفن، لذلك أقيمت الورشة في حديقة عامة، مضيفاً أن تفاعل الجمهور جاء تلقائياً، إذ لفتت الورشة انتباه زوار الحديقة والعابرين في الشوارع المحيطة والأهالي المقيمين في المنطقة، ما يسهم في تفعيل الدور الثقافي في المجتمع، وهو أحد أهداف اللجنة الثقافية في بلدية كاربوش. وأشار ميخايلوف إلى دور عمدة كاربوش في تعزيز الفعل الثقافي، مضيفاً أن مهام البلدية لا يقتصر على الخدمات المعتادة، من رصف طرق وكهرباء وماء ونظافة وإنشاء بنية تحتية للخطط المستقبلية، بل إن بلدية كاربوش تركز على الفعاليات الفنية والأدبية، وتنظم سنوياً مهرجانات وملتقيات، من بينها ملتقى الألوان المائية، ومهرجان الصيف الثقافي الذي يشارك فيه نخبة من الفنانين والموسيقيين والمغنين. وقال إن الثقافة جزء لا يتجزأ من برنامج بلدية كاربوش، لخدمة المجتمع وتشجيع الحركة الإبداعية، إضافة إلى تعزيز الحركة السياحية في البلاد التي تزخر بتراث ثقافي كبير وطبيعة متنوعة وساحرة. ويعدّ ملتقى الرسم بالألوان المائية، الذي ينظمه المجلس الثقافي في كاربوش، واحداً من أبرز الملتقيات التشكيلية، إذ أنه متخصص بالألوان المائية. وقالت قيّمة الملتقى، ومنسقة برنامجه، الفنانة باندورا أبوستولوسكا سازدوفسكا، لـالإمارات اليوم إن الملتقى مبادرة لتعزيز الاهتمام بفن الألوان المائية والفن المعاصر، وتعزيز التفاعل المجتمعي مع الفن والفنانين مباشرة، أو من خلال المعرض الذي يقام في اختتام الملتقى. كما يهدف إلى تسليط الضوء على المعالم التراثية والأثرية والشواهد الطبيعية، وتعريف المشاركين بتراث المجتمع المقدوني وتقاليده، مضيفة أن برنامج الملتقى يتضمن زيارات لاستكشاف مقدونيا، من حيث الطبيعة والثقافة والحياة الاجتماعية، كونها مصادر إلهام للفنانين المشاركين، من خلال زيارة أماكن متعددة في مدينتي سكوبيا وأوخريد. وأوضحت أن برنامج الملتقى يتسم بالمرونة، ليتيح التفاعل بين الفنانين والمجتمع والبيئة. كما يتيح الملتقى فرصة لتبادل الخبرات والتجارب الفنية وتعزيز الحوار الثقافي، وتحرير الطاقات الإبداعية. وأكّدت باندورا أن ملتقى الألوان المائية منصة للفن المعاصر والأفكار الجديدة والتبادل الثقافي، إذ إن فعاليات الملتقى تندمج في المجتمع، وتصل إلى الجمهور في مواقعه المتعددة، ما يعزز الوعي الجمالي لدى الناس ويزيد اهتمامهم بالفن، وكذلك يحفزهم على الحفاظ على التراث الثقافي بمختلف أشكاله وحمايته، إذ يعدّ أحد عناصر الهوية المقدونية، كما يمثل قيمة ثقافية كبيرة في التراث الإنساني، منوّهة بدور منظمة اليونسكو في حماية كثير من المواقع الطبيعية والثقافية في مقدونيا. ووصفت مدينة أوخريد بأنها كنز للتراث الثقافي المقدوني، إذ تضم كثيراً من المواقع الأثرية، من بينها نحو 365 كنيسة قديمة، ومتحف على الماء، علاوة على مواقع للفسيفساء ومنطقة سانت ناوم، التي تتميز بسحر خاص، وتشهد ظواهر طبيعية متعددة، من بينها ينابيع نهر بلاك دريم، الذي يخترق بحيرة أوخريد محافظاً على مجراه، وكذلك وجود بحيرة أعلى من شقيقتها، إذ تشهد المنطقة تنقية طبيعية دائمة للمياه. ألوان على البحيرة نظّم ملتقى الألوان المائية ورشة رسم على شاطئ بحيرة أوخريد، لفتت أنظار جمهور من الأهالي الذين شاهدوا الفنانين المشاركين خلال عملهم، بدءاً من تغطيس الورق بمياه البحيرة، وإنجاز لوحات تم عرضها على الشاطئ. وقال رئيس المجلس الثقافي في كاربوش، غوران ميخايلوف إن الورشة تهدف إلى التفاعل بين الجمهور في مواقعه المختلفة والفنانين، خلال خطوات إنجاز أعمالهم الفنية في الهواء الطلق. وقالت قيّمة الملتقى ومنسقة البرنامج، باندورا سازدوفسكا، إن ملتقى الألوان المائية يبادر بالوصول إلى الجمهور، سواء أكان على شاطئ البحيرة أو في الحدائق العامة، أو بين الأحياء السكنية، مشيرة إلى المتعة التي تحققت للفنانين والجمهور خلال الرسم بمياه البحيرة وعلى شاطئها، الذي يستقطب كثيراً من الزوار يومياً.