×
محافظة المنطقة الشرقية

إغلاق مستودع مواد غذائية مخالف بمكة

صورة الخبر

على رغم كل ما كتب وقيل عن أضرار فادحة تـصـــيـب وعـي المواطنيــن العرب، بــسـبـــب مباشر أو غير مباشر، من برامج التجهيل التي تبثّها قنوات فضائية عربية لا تُحصى، ما زلنا حتى اللحظة نجد تلك القنوات مستمرة في «نشاطها» التلفزيوني وكأن شيئاً لم يكن. ذلك البثّ الفادح يستند زوراً الى مفهوم الحرية التي تعني لدى أصحابه نوعاً من فوضى لا تنتظمها أي مواثيق «شرف»، ولا تحدّ من تدفّقها قوانين إعلامية من أي نوع كان. لا نعتقد ولا يجوز أن يجادلنا أحد في أن برامج التنجيم و «كشف» الغيب يمكن أن تندرج تحت بند الحرية الإعلامية، فنحن نعرف أن ثمة بيننا من يصدقون، بسبب الجهل حيناً، وبسبب لجوء بعض المشعوذين الى أشكال من الدجل لم تكن موجودة من قبل، كإدخال الكمبيوتر وشقيقه اللابتوب، أو حتى الخلط المتعمّد بين علم الفلك وقراءة الطالع أو معرفة ما تقوله الأبراج، كما يحدث ونرى ونسمع عبر أكثر من فضائية عربية من دون أن تطاول القائمين عليها تهمة الدجل والترويج للخرافة. في بدايات البثّ الفضائي العربي، تفاءلنا كثيراً بإمكان أن يحقق بين المواطنين العرب في مختلف بلدانهم ارتقاءً بوعيهم، باعتباره يتجاوز الحواجز والحدود، لكن ما حدث بعد ذلك كان العكس تماماً، إذ ازدحمت شاشاتنا الصغيرة بالكثير من غثّ التنبؤ، ناهيك عن تكريس التحريض الطائفي في أشكال وخطابات فجة في مباشرتها تحت دعوى كاذبة أنها قنوات ملتزمة. ومن يدقّق حتى في برامج الحوارات السياسية والفكرية يكتشف، من دون عناء كبير، أنها تساهم هي أيضاً في تبني أفكار تحريضية باتجاه إثارة الفتن وتسعير الصراعات الطائفية على نحو أوجد، وما زال، مزيداً من الصراعات الدامية والعنيفة في غير بلد عربي. هي أولاً وقبل أي شيء آخر، مؤامرة صريحة على الحرية بمفهومها الحقيقي باعتبارها فضاء للجدل الإيجابي والحوارات الهادئة التي يمكنها فعلاً العثور على القواسم المشتركة بين المواطنين العرب، وليس تأليب بعضهم على بعض مثلما نرى ونسمع منذ عقدين تقريباً. لا أعرف لمن تتوجه كلماتي في عالم عربي تعصف به الصراعات والحرائق، لكنها صرخة لكل جهة ذات صلة بالبثّ الفضائي، ومنها الجامعة العربية ومؤسساتها التي تغطّ منذ دهر طويل في نوم عميق.