تظاهر أمس آلاف اليمنيين من أنصار الحراك الجنوبي في عدن، مطالبين بالانفصال عن الشمال، تزامناً مع الاحتفالات بذكرى الاستقلال، وغداة تأكيد الرئيس عبدربه منصور هادي أنه لن يسمح بـ «المتاجرة بقضية الجنوب» واعتباره الوحدة «أمراً مقدساً»، وذلك في سياق رده على انسحاب جناح في «الحراك» من مؤتمر الحوار الوطني. وحمل المتظاهرون الذين احتشدوا في ميدان ساحة العروض في عدن لافتات تدعو إلى إنهاء الوحدة مع الشمال واستعادة الدولة التي كانت قائمة في الجنوب قبل عام 1990 ، مؤكدين رفضهم مؤتمر الحوار الوطني. وشهدت مداخل المدينة وشوارعها الرئيسية استنفاراً أمنياً، ولم يسجل أي حادث، إذ انتشرت قوات الأمن بكثافة مصحوبة بالمدرعات والعربات العسكرية، تحسباً لأعمال عنف قد يثيرها أنصار «الحراك» الموالين لنائب الرئيس علي سالم البيض، وهو مقيم في الخارج ومتهم بموالاته لإيران. وأعلن هادي في مناسبة ذكرى الاستقلال وخروج الاستعمار البريطاني من الجنوب، أنه لن يتهاون مع دعاة الانفصال، معتبراً الوحدة من الأمور المقدسة، وقال: «لن أقبل أي مزايدة أو متاجرة من أي طرف كان بالقضية الجنوبية، تماماً كما لن أقبل من أي طرف كان المزايدة أو المتاجرة بالوحدة اليمنية». وأكد وحدة البلاد التاريخية وأهمية بقائها موحدة، لأنها قيمة عظيمة ومقدسة (..) وأنا على يقين قاطع من أن اليمن بوحدته سيبقى قوياً لا يلين وتتعزز مكانته ويكبر في عيون العالم كما أنه بوحدته سيكون سنداً لأشقائه في دول الجوار وفي دول مجلس التعاون الخليجي وفي محيطه العربي والإقليمي والدولي». وحمل خطاب هادي رداً واضحاً وقوياً على دعاة انفصال الجنوب، كما أنه جاء بعدما أعلن جناح في» الحراك الجنوبي» مشارك في الحوار يتزعمه محمد علي أحمد، انسحابه النهائي من المؤتمر قبل أيام، مطالباً بحوار خارج البلاد يفضي في النهاية إلى «تقرير المصير واستعادة الدولة الجنوبية». وكانت الخلافات على عدد الأقاليم وشكل الدولة حالت دون الانتهاء من أعمال مؤتمر الحوار الوطني الذي انطلق في آذار (مارس) الماضي برعاية دولية، وفي سياق تنفيذ اتفاق التسوية السياسية المعروف بـ «المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية». وشدد مجلس الأمن في بيانه الأخير على ضرورة الانتهاء من الحوار واستكمال الخطوات العملية الانتقالية وصولاً إلى الانتخابات، ملوحاً باتخاذ تدابير عقابية بحق الأطراف والأشخاص المعرقلين، سواء من النظام السابق أو ممن أسماهم «الانتهازيين السياسيين». ويعيش اليمن فترة انتقالية بعد تخلي الرئيس السابق علي عبدالله صالح عن السلطة وانتخاب هادي خلفاً له في شباط (فبراير) 2012 في ظل حالة من الاضطرابات المتواصلة وانفلات الأمن وتنامي نشاط «القاعدة»، بالإضافة إلى تصاعد العنف الطائفي في الشمال واستمرار المعارك التي تجددت قبل حوالى شهر بين الحوثيين والسلفيين.