توجه البابا فرنسيس أمس من نيويورك إلى فيلادلفيا، المحطة الأخيرة في جولته المحاطة بالحفاوة والحماسة في الولايات المتحدة والتي سيركز فيها على قيم الحرية الدينية والعائلة من خلال اختتامه اللقاء العالمي الثامن للعائلات في الولاية. ويتوقع أن يحضر 1.5 مليون شخص القداس الاحتفالي الختامي اليوم. ويؤكد البابا أن العائلة «مهددة من الخارج والداخل»، وهو دافع أمام الأمم المتحدة عن «قانون أخلاقي مدرج في الطبيعة البشرية نفسها ويتضمن التمييز الطبيعي بين الرجل والمرأة». لكنّ أساقفة أميركيين يبدون قلقهم من انفتاح محتمل لسينودس عن مواضيع الزواج والعائلة سيستضيفه الفاتيكان بعد 8 أيام على مواضيع مثل الطلاق ومثلية الجنس. وسيُحيي البابا قداساً في كاتدرائية القديسين بطرس وبولس بفيلادلفيا، في حضور ألفي كاهن وأسقف، إضافة إلى راهبات ومدنيين. وفي «ناشونال اندبندنس هيستوريكال بارك»، سيلتقي الحبر الأعظم بعد الظهر الجالية الأميركية اللاتينية (40 في المئة من الكاثوليك الاميركيين يتحدرون من أميركا اللاتينية مثل البابا الارجنتيني) ومهاجرين آخرين. وسيُشيد البابا بالحرية الأميركية، خصوصاً الحرية الدينية، وبثراء انصهار المهاجرين، وهو موضوع عزيز على قلب البابا لم يغب في كلماته أيضاً في واشنطن ونيويورك. وتضم الحديقة نُصباً لعدد من مؤسسي الهوية الأميركية، مثل «ليبرتي بل سنتر» و «اندبندنس هول» حيث صدر إعلان استقلال الولايات المتحدة في 1776 والدستور في 1787. وكان خورخي برغوليو أنهى الشق السياسي الحساس من جولته التي شملت زيارات للبيت الأبيض والكونغرس في واشنطن والجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وهو دعا بصفته رئيس دولة ورئيس الكنيسة الكاثوليكية معاً إلى مساعدة المهمشين، كما ركز على البيئة في العالم. واتسمت خطابات البابا بلهجة شديدة ومهارة لكن من دون عدائية، واستقبلت بالترحاب عموماً من الطبقة السياسية، رغم أن قسماً كبيراً من الجمهوريين يعتبر أنه ما زال متشدداً في المواضيع الاجتماعية والاقتصادية. وكان الحبر الأعظم اختتم محطته في نيويورك ليل الجمعة، بقداس احتفالي حضره حوالى 20 الف شخص في قاعة «ماديسون سكوير غاردن». ودعا البابا الذي كان يتكلم باللغة الإسبانية، إلى الأمل والتضامن. وأشاد بالتنوع الثقافي في المدن الكبرى، لكنه أشار إلى أنه ليس «من السهل دائماً» العيش فيها، خصوصاً لأشخاص لا يبدو أنهم ينتمون إليها، مثل الأجنبي والولد الأمي والمحرومين من الضمان الصحي والمشردين والعجزة الذين لا معين لهم». وحض النيويوركيين على «ملاقاتهم، والخروج من دون خوف للقاء الآخرين حيث هم فعلاً، وإلى اختيار أمل يحررنا من القلق ومن التحاليل العبثية أو من عادات عاطفية». وعند انتهاء القداس، صفق الحشد واقفاً ومطولاً للبابا، ما يدل على كسبه قلوب الأميركيين، علماً انه كان التقى حوالى 200 طفل من المهاجرين أو من المعدمين في مدرسة هارلم شمال مانهاتن، وحضهم على مواصلة «حلمهم» بمستقبل عادل. وتستقبل مدرسة «سيدة الملائكة» أطفالاً معدمين بعضهم من اللاجئين من اميركا اللاتينية ولكن أيضاً من افريقيا ومن الشرق الأوسط. ومعظمهم دخل المدرسة بفضل منحة مدرسية. وأشاد البابا مجدداً بالقس الأسود مارتن لوثر كينغ: «قال يوماً: عندي حلم. كان حلمه أن يكون لأطفال كثيرين فرص متساوية. اليوم نريد أن نواصل حلمه وألا نفقد الأمل بعالم أفضل مع خيارات أفضل». وسبق ذلك تنفيذ البابا زيارة مؤثرة إلى النصب التذكاري لضحايا اعتداءات 11 ايلول (سبتمبر) 2011 حيث أدى صلاة من أجل السلام بعدما دعا أمام الأمم المتحدة إلى نظام عالمي أكثر إنسانية. وأحنى البابا رأسه للصلاة ووضع وردة بيضاء على النصب المخصص لذكرى حوالى 3000 شخص قتلوا في الاعتداءات. ثم صافح البابا أشخاصاً من الحضور، وتحدث إلى مجموعة من أقارب الضحايا والمسعفين قبل زيارة المتحف تحت الأرض، حيث قاد صلاة متعددة الدين من أجل السلام في حضور 700 ممثل لأديان مختلفة.