قاعدة العرض والطلب قاعدة اقتصادية صحيحة دائما، ولا يمكن بحال أن تختل تلك القاعدة بنسبة تؤثر على صحتها. والسعر العادل يتحدد من خلال العرض والطلب قطعا والعادل هنا ليس عادلا للتاجر أو عادلا للمستهلك، بل عادلا للسوق وقاعدة العرض والطلب، فقد يكون عادلا لأحدهما وليس للآخر وقد يكون عادلا للاثنين. ولأن الأرقام تؤكد أن عرض المواشي في المملكة كافٍ في جميع الأوقات ولا يمثل مشكلة وسببا مباشرا في ارتفاع الاسعار، إذن فإن السبب في ارتفاع الأسعار هو الشق الآخر من المعادلة، أي الطلب على المواشي، ويعود (جنون) أسعارها لدينا إلى طبيعة استهلاكنا الكبير غير المبرر لها، ويزيد الطين بلة أوقات المناسبات خصوصا الحج، مع ازدياد الطلب من أجل الأضاحي والهدي. وقد سمعت الشيخ عبدالله المطلق، أكثر من مرة يحث على ترك عادة الأضحية عن الأموات وان غيرها أفضل، وسمعته يدعو إلى اشتراك الأب وأبنائه في أضحية واحدة، وأن اهل البيت الواحد تكفيهم أضحية، وما يفتي به الشيخ عبدالله من المنظور الاقتصادي حلا جوهريا لتضخم أسعار المواشي وهو أحد حلول الاقتصاد الإسلامي الذي يكافئ التضخم بالترشيد وعدم الإسراف ومقت الطبيعة الاستهلاكية المبذرة، ولو طبقت فتوى الشيخ في الأضحية، مع ترشيد الاستهلاك في بقية المناسبات وطوال العام، فسوف تعود أسعار المواشي إلى ما كانت عليه أيام الطيبين، عندما كان أهل قريتي وغيرها من القرى، يشتركون كل سبعة بيوت في بقرة من الشراء وحتى الأكل جماعة، ولأن قريتي الصغيرة لم يكن بها سوى سبعة بيوت فقد كانوا يضحون ببقرة واحدة. أما إذا أصر المجتمع على وتيرة استهلاكه المتصاعدة بدون مبررات منطقية، سوى (الهياط) والسمعة وسوء التدبير، فإن القاعدة الاقتصادية لن تجاملهم، وستظل أسعار المواشي في ارتفاع مستمر، حتى يصبح الخروف مهرا للعروس.