لا تزال فضيحة ""فولكسفاجن"" الألمانية ثاني أكبر شركة سيارات في أوروبا، تتفاعل وبشكل سلبي على سمعة نظيراتها الألمانية الأخرى، بل إن الأزمة امتدت إلى أوروبا بعد تجاوزها الحدود الأمريكية. وامتدت آثار الفضيحة مع صدور تصريحات لألكسندر دوبرينت وزير النقل الألماني، أكد فيها أن تلاعب "فولكسفاجن" في بيانات الانبعاثات امتد إلى أوروبا ولم يقتصر على الولايات المتحدة. ووفقا لـ "رويترز"، فقد هزت فضيحة الانبعاثات التي ضربت "فولكسفاجن" قطاع الأعمال والمؤسسة السياسية في ألمانيا وحذر مختصون من أن أزمة عملاق صناعة السيارات قد تتطور لتصبح أكبر تهديد لأكبر اقتصاد أوروبي. وأوضح ألكسندر للصحافيين، أنه أبلغ أن السيارات المزودة بمحركات ديزل سعة 1.6 و2.0 لتر في أوروبا تأثرت أيضا بالتلاعب الذي يجري الحديث عنه، ولم يفصح ألكسندر عن عدد السيارات المتأثرة في أوروبا، لكنه أشار إلى أن هناك اختبارات عشوائية على السيارات التي أنتجتها شركات أخرى غير "فولكسفاجن". وفيما يبدو فإن "فولكسفاجن" أدركت الكارثة المحدقة وبالتالي فقد أجبرت على الإعلان عن أسماء المسؤولين عن التلاعب في اختبارات الانبعاثات، حتى تستطيع بشكل أو بآخر أن تبعد التهمة عن المسؤولين السابقين للشركة. وأعلنت الشركة أن المجلس الإشرافي، لن يعلن فقط عمن سيخلف مارتن فينتركورن الرئيس التنفيذي في منصبه، لكن ستكشف أيضا عن أسماء المسؤولين عن التلاعب في اختبارات الانبعاثات. واستبعد سيجمار جابرييل، وزير الاقتصاد الألماني أن يكون مارتن فينتركورن الرئيس التنفيذي لشركة "فولكسفاجن" هو المسؤول عن الفضيحة. وأبدى الوزير احتراما كبيرا لقرار مارتن بالاستقالة مبررا بأن ما حدث تم في الوقت الذي لم يكن فيه مارتن رئيسا تنفيذيا لـ"فولكسفاجن" بل كان في "أودي". ومع الأزمة المستعرة التي أحدثتها عملاق الصناعة الأوروبية، إلا أن انتعاش أسهم الشركة كان سيد الموقف بعد أن تأثر بشكل طفيف في ذات اليومين الذي أحدث ضجة كبيرة بشأن الفضيحة التي اعترفت بها الشركة وصعد سهم "فولكسفاجن" 7.3 في المائة بعدما أغلق أمس الأول، مرتفعا 5.2 في المائة. ورغم الأصوات التي ترى أن هناك ضربة للاقتصاد الألماني في الصميم بسبب ما أحدثه اعتراف "فولكسفاجن" إلا أن هناك أصواتا أخرى تقول إنه يجب عدم المبالغة في تأثير فضيحة "فولكسفاجن" على الاقتصاد. ويقول يورج كرايمر كبير المحللين الاقتصاديين في كوميرتس بنك إنه لن يكون هناك ركود بسبب شركة واحدة فقط. ويرى اتحاد التجارة الألماني أنه لا توجد علامات على أن الزبائن في الخارج بدأوا يتشككون في جودة ومصداقية الشركات الألمانية، وأوضح آندريه شوارتز مدير الاتحاد أنه لا يوجد ارتياب عام في البضائع التي تحمل شارة (صنع في ألمانيا). لكنه اعترف بأنه يوجد قدر من القلق بين الشركات الألمانية من أن فضيحة "فولكسفاجن" قد يكون لها "تأثير الدومينو" على أنشطتها ومن ثم تقويض شعار "صنع في ألمانيا" الذي يلقى احتراما في العالم. وبينما أظهر الاقتصاد الألماني تحدى لأزمتي ديون منطقة اليورو والتباطؤ الاقتصادي في الصين إلا أنه قد يواجه الآن أكبر عامل خطر للتراجع فترة طويلة جراء خطأ فادح لإحدى شركاته الكبرى. ورغم أن مارتن فينتركورن الرئيس التنفيذي لـ"فولكسفاجن" قد دفع ثمن فضيحة الغش في اختبارات الانبعاثات لسياراتها التي تعمل بالديزل في الولايات المتحدة عندما استقال أمس الأول إلا أن محللون اقتصاديون يعكفون على تقييم آثار وتوابع الأزمة على الاقتصاد الألماني. ويعتبر هؤلاء أن "فولكسفاجن" عامل خطر لتراجع الاقتصاد الألماني أكبر من أزمة الديون اليونانية بحسب كارتن برزيسكي كبير المحللين الاقتصاديين ببنك "آي إن جي". وأضاف برزيسكي أنه إذا هوت مبيعات "فولكسفاجن" في أمريكا الشمالية في الأشهر المقبلة فإن هذا لن يكون له تأثير فقط في الشركة بل أيضا على الاقتصاد الألماني ككل. والخشية الأوسع للحكومة الألمانية هي أن شركات صناعة السيارات مثل "دايملر" و"بي إم دبليو" قد تتضرر من تداعيات كارثة "فولكسفاجن"، لكن محللين قالوا إن التأثيرات الأوسع ستكون محدودة. ويحذر البعض من أن الاعتماد في حد ذاته على قطاع السيارات قد يصبح تهديدا لاقتصاد من المتوقع أن ينمو بنسبة 1.8 في المائة هذا العام. مارتن جورنيج المختص بشؤون صناعة السيارات لدى مركز "دي آي دبليو" ومقره برلين يعتقد أنه إذا هبطت مبيعات السيارات فإن هذا قد يلحق أيضا ضررا بالموردين ومعهم الاقتصاد برمته. وبلغ عدد العاملين في قطاع السيارات الألماني 775 ألفا أو نحو 2 في المائة من إجمالي قوة العمل في 2014. إضافة إلى هذا فإن السيارات ومكوناتها تعدان أكثر الصادرات الألمانية نجاحا، حيث باع القطاع بضائع قيمتها أكثر من 200 مليار يورو (225 مليار دولار) إلى زبائن في الخارج في العام الماضي وشكلت صادرات القطاع نحو خمس إجمالي الصادرات الألمانية. ويصف مايكل هيوتر رئيس معهد "آي دبليو" للبحوث الاقتصادية في ألمانيا ما حدث لـ"فولكسفاجن" بأنها ليست بالهينة فالاقتصاد الألماني حد وصفه تعرض لضربة في الصميم. وباعت "فولكسفاجن" نحو 600 ألف سيارة في الولايات المتحدة العام الماضي أو نحو 6 في المائة من إجمالي مبيعاتها العالمية البالغة 9.5 مليون سيارة. وأشارت وكالة حماية البيئة الأمريكية إلى أن الشركة قد تواجه غرامات تصل قيمتها إلى 18 مليار دولار أو أكثر من كل أرباحها التشغيلية للعام الماضي. ورغم أن مثل هذه الغرامات اقل من السيولة النقدية الحالية لدى "فولكسفاجن" والتي تبلغ 21 مليار يورو (24 مليار دولار) إلا أن الفضيحة أثارت مخاوف من تخفيضات كبيرة في الوظائف. ومع هذا فإن الحكومة الألمانية، ما زالت ترى أن صناعة السيارات ستبقى ركيزة مهمة للاقتصاد على الرغم من الأزمة الحالية التي تحيط بـ"فولكسفاجن"، وأوضح متحدث باسم وزارة الاقتصاد في برلين أنها صناعة عالية الابتكار وناجحة جدا لألمانيا. إلى ذلك، نفت مجموعة "بي. إم. دبليو" العملاقة للسيارات ما جاء في تقرير إعلامي ذكر أن إحدى سياراتها الرياضية قد أخفقت في اختبارات الانبعاثات الأوروبية، مؤكدة التزام المجموعة بجميع المتطلبات في كل دولة. وذكرت "بي. إم. دبليو" التي تتخذ من ميونيخ مقرا لها أن المجموعة لم تتلاعب في اختبارات الانبعاثات، ونحن ملتزمون في كل دولة بكل من المتطلبات القانونية ومتطلبات الاختبارات المحلية.