×
محافظة المنطقة الشرقية

الصالح: المرأة البحرينية تشارك على قدم المساواة مع الرجل في جميع مستويات صنع القرار

صورة الخبر

بداية لابد من تحديد أصل المشكلة الفلسطينية، والأولوية الفلسطينية التي تحكم القرار والخيار الفلسطيني. المشكلة تكمن في استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية التي وافق الفلسطينيون أن تقوم عليها دولتهم، وهو ما يعتبر تنازلاً تاريخياً كبيراً قدمه الفلسطينيون من أجل الوصول إلى سلام ينهي الصراع مع إسرائيل، أي القبول بدولة على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، أي ما نسبته حوالي 20 في المائة من مساحة فلسطين، وأقل بحوالي خمسة وعشرين في المئة من الدولة التي أقرها القرار 181 الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947، والذي بموجبه قامت إسرائيل كدولة، ورغم أن الفلسطينيين قبلوا بخيار السلام والمفاوضات، واعترفوا ب إسرائيل دولة تعيش جنباً إلى جنب مع الدولة الفلسطينية، ورغم قبول الفلسطينيين بأن تقوم دولتهم على الديمقراطية المدنية، وأن تكون دولة تنمية، ومن أجل ذلك وقعوا اتفاقات أوسلو التي كان يفترض أن تؤسس لقيام هذه الدولة، وتنهي الصراع، بقيام الدولة الفلسطينية في غضون خمس سنوات أي مع نهاية 1999، ولو تصورنا تحقق هذا الهدف، لما وصلت إليه العلاقات من صراع وحروب كلفت الجانبين خسائر مادية وبشرية كبيرة، وما شهدنا أشكال الحروب الدينية التي بدأت تطل برأسها في المنطقة، ولما ظهرت هذه الأفكار والحركات الإرهابية. ولكانت أصبحت إسرائيل دولة إقليمية لها شرعية معترف بها. كل هذا لم يحدث، والسبب البسيط أن إسرائيل مصرة على استمرار الاحتلال، وعلى الحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية كأساس لأي حل سياسي. وعملت على تبني سياسة مقصودة من استيطان وتهويد لأراضي الدولة الفلسطينية، لدرجة لم يعد معه هناك أي إمكانية لحل الدولتين. وأمام هذا الاستيطان الذي بات يلتهم الأرض الفلسطينية، حتى المناطق المخصصة للسلطة، وفقاً لاتفاقات أوسلو، وهي المنطقة A، تنتهك يومياً من قبل القوات الإسرائيلية، ولم يسمح للفلسطينيين بمد سلطتهم لمنطقتي Bو C. وأمام هذا التعنت الإسرائيلي وعدم الالتزام بقيام الدولة، لم يكن أمام الفلسطينيين إلّا الذهاب لخيار الشرعية الدولية، وتفعيل كل القرارات الدولية بشأن القضية الفلسطينية، وحقهم في تقرير مصيرهم، ونجحوا أخيراً في الحصول على صفة دولة مراقب، وبرفع العلم الفلسطيني إلى جانب أعلام الدول الأعضاء المستقلة في الأمم المتحدة، وهي خطوة في طريق طويل، يسعى الفلسطينيون من خلالها إلى الحصول على صفة الدولة الكاملة، وصولاً لهدف المسؤولية الدولية في إنهاء الاحتلال، وهي مسؤولية في الأساس فلسطينية، فالفلسطينيون من حقهم اللجوء إلى الوسائل النضالية المشروعة كافة لإنهاء الاحتلال، وبعبارة أخرى جعل هذا الاحتلال من ناحية، مكلفاً لإسرائيل، ومن ناحية أخرى تفعيل المسؤولية الدولية بإنهاء الاحتلال وفقاً للفصل السابع من الميثاق وتنفيذاً للقرار 181. ولم يبق أمامهم إلّا إعلان فلسطين المستقلة، وهي الآن لها صفة الدولة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة بأنها تحت الاحتلال. هنا المسؤولية مركبة، من ناحية المسؤولية الدولية في الدفاع عن دولة عضو في الأمم المتحدة، ومن ناحية أخرى إجبار إسرائيل على إنهاء احتلالها، وقيام دولة فلسطين كاملة السيادة على أراضيها وشعبها، والملتزمة بميثاق الأمم المتحدة. الاحتلال وفقاً للمادة 42 من اتفاقات لاهاي 1907 هو سيطرة جماعة معينة على مكان ما، ضد إرادة أصحابه الأصليين بما يتضمنه ذلك من ممارسات يقوم بها المحتل للسيطرة والتحكم في المكان، وتعتبر أراضي محتلة حين تكون تحت السيطرة الفعلية لجيش العدو. وبهذا التعريف تعتبر كل الأراضي الفلسطينية التي اعترفت بها الأمم المتحدة كدولة لفلسطين، تحت الاحتلال. ووفقاً لمبادئ القانون الدولي الإنساني الذي ينطبق على الحالة الفلسطينية تقع على إسرائيل كسلطة احتلال واجبات كثيرة، أذكر منها فقط: إن صفة احتلال الأرض لا تكتسب صفة السيادة، وأن الاحتلال مؤقت ولابد أن ينتهي بكل الوسائل، واحترام سلطة الاحتلال القوانين التي تصدرها الحكومة المحلية، ما لم يكن فيها تهديد، وتحريض، وضمان معايير الخدمة الصحية والطبية والغذائية كافة، وحظر عمليات النقل الجماعية والفردية للسكان، وحظر نقل سكان السلطة المحتلة للأراضي المحتلة، وحظر مصادرة الممتلكات الشخصية والعقاب الجماعي أو أخذ الرهائن، وغير ذلك من الواجبات، هذا وينتهي الاحتلال إمّا بانسحاب القوات المحتلة، أو دفعها وإجبارها على الانسحاب بالوسائل الدولية الملزمة أو بالنضال الشرعي للسكان المحليين. ولتحقيق هدف قيام الدولة الفلسطينية على أن تقبل إسرائيل وتعلن انسحابها من كل الأراضي التي احتلت عام 1967، وهذا أمر مستبعد تماماً، ف إسرائيل والفكر الليكودي يرفضان فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة. والأمر الثاني الذهاب إلى مجلس الأمن مباشرة والمطالبة بانسحاب القوات الإسرائيلية وفقاً للفصل السابع، وهذا أيضاً مستبعد بسبب الفيتو الأمريكي. لم يبق أمام الفلسطينيين إلّا وضع إسرائيل أمام مسؤولياتها كسلطة احتلال، لكن تبقى الإشكالية التي تحتاج إلى مزيد من النقاش، وهي كيف يمكن تطبيق هذا الإجراء؟ وما موقف إسرائيل؟ وكيف يمكن أن تتعامل معه؟ لاشك في أن الإعلان ستكون له تداعيات على واقع السلطة الفلسطينية، وعلى آلية التعامل مع إسرائيل، وهو ما يعني استبدال كل ما هو قائم بوضع جديد يتوافق وطبيعة سلطة الاحتلال، وهذا سيكلف السلطة نتائج اقتصادية ومالية كثيرة، ويعيد النظر في كثير من الارتباطات مع إسرائيل، والإشكالية أن تعلن إسرائيل من جانبها انسحاباً أحادياً، وبالتالي تتحلل من أي مسؤولية أمام المجتمع الدولي. ويبقى أيضاً السؤال: كيف يمكن أن ننهي الاحتلال؟ هل بالمفاوضات وهذا هو الأكثر احتمالاً لكن بمرجعية وقواعد جديدة تضمن إنهاء الاحتلال، أو باللجوء لممارسة أشكال المقاومة كافة، وما إلى ذلك من تداعيات على مستوى العلاقات الفلسطينية الداخلية. drnagish@gmail.com