اليوم الحكيم يصبح محتاراً أمام مشاريع البنية التحتية، كتصريف السيول والصرف الصحي وتمديدات المياه والكهرباء والهاتف، والتي عادة ما تنفذ في الطرق العامة والشوارع، بالرغم من أهميتها القصوى في حياة الناس، وهذا لا يختلف عليه اثنان، إلا أنها أحدثت فوضى وتلوثا بيئيا ونفسيا أثناء التنفيذ وبعده، وهذه الفوضى أصبحت مرضاً مزمناً، الصغير والكبير يشكو منه، فالجميع يتأذى من عدم عودة الشوارع إلى وضعها بدون مطبات وأخطاء في السفلتة. تبدأ الفوضى منذ بداية الحفر وما يرافقها من عشوائية وبدائية في جودة السلامة المرورية وإقفال الشوارع، ووضع تحويلات تهلك البشر والسيارات، ثم سوء وضعف في إدارة تلك المشاريع بحيث تنجز في وقتها أو قبل وقتها مع مراعاة حركة الناس وتضرر مصالحهم، بالرغم من كثرة المراقبين ومدراء المشاريع سواء من قبل الجهة المستفيدة أو الشركة المشرفة أو الشركة المنفذة للمشروع، وكل يغني على ليلاه، وما أن ينتهي المشروع ننتقل إلى معاناة مزمنة نمتاز بها.. لأن المشكلة ليست مالية كباقي الدول، بل هي سوء في إعادة الوضع كما كان، سواءً من بقايا ومخلفات المشاريع من أتربة وأحجار وتكسير للأرصفة ومخلفات من المواسير والخشب وقطع الإسفلت، فيصبح الشارع وما حوله فوضى عبثية نتيجة لتلك المشاريع التي يفترض بل ويجب أن تلتزم بالشروط والمواصفات التي احتوتها كراسات الشروط لأي مشروع ومعايير الجودة المعتمدة إلى جانب العرف الأخلاقي وسمعتها. اليوم نحن نعيش حالة مزمنة في جودة وسلامة تلك المشاريع أثناء التنفيذ وبعد التنفيذ، وأنا لا أتكلم هنا عن جودة المشروع كمواصفات للمواد وهل نفذت كما يجب، بل ما يتعلق بجودة الحياة وسعادة الناس، وهي الجوانب الظاهرة للناس.. والمدهش في الموضوع بل المضحك لحد السخرية أن أغلب المسئولين كونهم مواطنين ويسكنون في تلك الأحياء يمرون يومياً وتتكسر وتتفكك سياراتهم وتتمايل رؤسهم من كثرة العيوب الإنشائية والمطبات وانخفاضات بالإسفلت وإعادة الإسفلت إلى ما كان عليه.. فأي نوع من التبلد ممكن أن نسميه؟ وأي نوع من المسئولية سواءً اجتماعية أو غيرها نطلق على هذه السلوكيات؟ وأي نوع من الأفكار والقيم يعتقدون بها؟ وهل العمل البلدي بهذه الصفة وتسكيت الناس بتطبيقات الهاتف للبلاغات أو خدمات عملاء؟! في الرياض انخفضت مستويات جودة الحياة اليوميه وارتفعت درجة المتوترات البيئية، لحد انعكس على سلوكيات ونفسيات الناس، فأصبحت المدينة محبطة تزيد من التوتر، فإضافة لما ذكرته من آثار سلبية وعدم احترام ومراعاة لرفاهية ساكنيها وسعادتهم، يأتي الزحام والسلوكيات غير المنضبطة والطائشة وغير المسئولة لبعض قائدي السيارات من قطع للإشارات وركوب للأرصفة ووقوف خاطئ.. الخ، فأي مدينة تلك التي لا تسعد أهلها؟ وما قيمة المال إذا لم يجلب السعادة؟ أعتقد نحن في حاجة لتدخلات حازمة وعازمة وناجزة لمحاسبة الأمانات والبلديات الفرعية؛ كونها الشاهدة والمنسقة والمخططة والمستلمة والمسئولة عن المدينة وجمالها وسعادة أهلها وعدم تلوثهم، وهذا ما نعرفه عن العمل البلدي في كل دول العالم.. نحن بحاجة لتفعيل العمل البلدي من خلال المجتمع بشرط أن يسمع صوت المواطن ويستجاب له ويتفاعل معه ويصلح الخطأ في وقته وتتحول الغرامات على الشركات المخالفة إلى صندوق لإصلاح الأضرار، فما يحدث لا يسر الحال ولا يمت للعمل البلدي ولا المسئولية الاجتماعية بصلة.. وكل عام وأنتم بخير.