كان الفنان الفلسطيني يحيي اللبابيدي من فرسان الاغنية الساخرة كمؤلف وملحن، وكان ليحيي اللبابيدي اغنية عاطفية من تأليفة وتلحينه مسجلة على اسطوانة بصوت المطرب ايليا بيضا وكانت ممنوعة من التداول في مصر لأنها تحتوي على مقطع غنائي مكشوف، وتشاء الظروف ان تكون هذه الاغنية الممنوعة هي الاغنية التي ستفتح ابواب المجد والشهرة امام المطرب القادم فريد هي اغنية (ياريتنى طير لاأطير حواليك مطرح ما تروح عيوني عليك). ففي ذلك الوقت طلب فريد الاطرش من يحيي اللبابيدي ان يسمح له بغنائها وتسجيلها على اسطوانه بصوته بعد حذف المقطع المكشوف، فكانت اول اغنية خاصة به غناها فريد الاطرش مع فرقة بديعة مصابنى ولفتت اليه الانظار كمطرب وقد اذيعت من اذاعة القاهرة بعد ذلك. المشوار الثاني: كان الموسيقار مدحت عاصم في عام 1934 يشغل منصب المدير الفني للاذاعة المصرية وتصادف ذات مرة ان كان في زيارة الى معهد الموسيقى العربية فسمع صوت عزف على العود، ودفعه هذا الاعجاب الى ان يفتح باب الغرفة، واذا به يجد نفسه امام شاب في مقتبل العمر، فاشار اليه مدحت بيده في تواضع قائلا انت اللي بتعزف دلوقتى فقال له الشاب وهو يلتقط انفاسه نعم افندم انا فقال له اسمك ايه فقال فريد الاطرش فقال له استمر في العزف فاحتضن عوده وراح بعزف من جديد، فقال له عزفك جميل، يسعدني ان اشوفك في الاذاعة ولم يترك فريد الفرصة تفلت من يده وكان مدحت عاصم لا يعلم عنه شيئا اكثر من انه عازف عود، فقدمت في وصلات اذاعية كعازف مقابل جنيه واحد عن كل اذاعة ولكن فريد يطمع ان يغني فجاء الى مدحت فقال له انا باغني ايضا فاستمع لي صوته في اغنية ياريتنى طير فاحجب به وشجعه على الغناء ووضع له بعض الالحان الراقصة مثل ( كرهت حبك وميمي وشفت في هواك سعدي ومناي) بعد ذلك تقدم فريد للاذاعة المصرية باغنيتن من تلحينه باحب من غير امل ، وافوت عليك بعد نصف الليل. لقد عاش فريد الاطرش فنانا اصيلا عربيا وطنيا، عاش في حب مصر ومات وهو يغني لمصر والعروبة بنفس الاحساس الذي تغنى فيه بالحب والربيع، كانت العروبة والقومية العربية تظلل تفكيره واعماله، لقد كان اول فنان عربي يتغنى بحب وعشق مصر، حيث غنى لمصر انشودة يا مصر كنت في غربة وحيد وكان ذلك عام 1939، كذلك غنى للعرب بساط الريح، وفيه حمل الوانا من الموسيقى العربية ، تونسية وجزائرية ومغرية وسورية ولبنانية ومصرية.