الذي لا يملك القدرة لا يستبد. وبالرغم من أن هذه المقولة قيلت في الغزل حينما استبدت المعشوقة بعشيقها، فوجد العاشق العذر لعشيقته كونها طاغية الحسن، ذلك الحسن الذي مكنها من الاستبداد، ذلك الاستبداد يمكن أن يتحول إلى قاعدة فمن يملك القدرة هو المستبد. ويمكن فهم هذا الاستبداد بصور مختلفة وفق المقدرة الناتجة من التصرف مع مفردات الواقع. والقدرة يمكن أن تتحول إلى قرار ولذلك نسمع مرافعات المحامين أو هيئة الدفاع أو المحلفين في المسلسلات حينما يصرخ أحدهم: - ينفذ بقوة القانون. والقوة في تلك الجملة هي تعني القدرة. ولا أحد يستجيب لمن ليس بيده قرار، وهذا أمر طبيعي، لكن الأمر غير الطبيعي أن لا تستجاب للقرارات التي ترد إلى الوزارات أو التي تسوغها الوزارات نفسها، فمن الملاحظ أن بعض القرارات تم تجميدها ولم يعمل بها في جهات متعددة. وعدم تنفيذ أي قرار صادر من جهات تشريعية أو تنظيمية يعني قوة رافضة معاكسة تماما لمصدر إصدار تلك القرارات. وهذا يعني تعطيل القرار في مرحلة من مراحل تنفيذه، وتحويله من قرار ملزم إلى قرار صوري يتم أرشفته أو بروزته كصورة تذكارية تشير إليه عند عرضك ألبوم مسيرة حياتك المنهكة. يعني أن الغرض الملح الذي استدعى صدور ذلك القرار سيظل ساريا وربما يستفحل التردي حتى يصبح ليس بالإمكان إصلاح ما كان. ويقول علم السلوك والإدارة (إذ لم توجد لديك الوسائل الكفيلة والواضحة لتطبيق ما تصدر من أنظمة فالأفضل عدم إصدارها لتجنب سقوط قيمتها وكذلك سقوط هيبة مصدرها). لتصبح مطالبتنا الحالية بعدم إصدار قرارات جديدة ما لم تنفذ خشية من سقوط القرارات السابقة والتي اكتسبت مشروعيتها حينما كان يصدر القرار ويصبح ملزما للجميع. ولتصبح المناشدة: ارحمونا من كثرة القرارات التي (لا تودي ولا تجيب).