ملامح المنعطف الفرنسي حول الأزمة السورية بدأت تطفو إلى السطح منذ ان أعلن الرئيس فرانسوا هولاند ان فرنسا ستشارك في القصف الجوي لمعاقل داعش في سوريا ...كان تطورا ملحوظا بحكم ان فرنسا و خلافا للخيارات العسكرية الأمريكية امتنعت عن ذلك خوفا من تقديم هدية أمنية لنظام بشار الأسد الذي يعلل مواجهته الدموية مع المعارضة السورية بحربه الضروس على الجماعات الإرهابية سواء كانت قاعدية او داعشية...الرئيس هولاند أكد أيضا رفضه التام لفرضية نشر قوات برية لمبارزة داعش ميدانيا... هذا المنعطف الفرنسي جسدته أيضا تصريحات لوزير الدفاع جان ايف لودريان و وزير الخارجية لوران فابيوس ..وقد لاحظ المراقبون إن التحول الفرنسي صاحبته نبرة جديدة اتجاه الرئيس السوري بشار الأسد ...فبعدما كانت باريس تضع رحيل الرئيس السوري كشرط مسبق لأي عملية تفاوضية حول الأزمة السورية وبعدما كانت اعترفت فرنسا بالائتلاف الوطني المعارض كممثل وحيد للشعب السوري ..هاهي ألان تغير مقاربتها اتجاه آلية التغيير في سوريا و أصبح الأسد بدون يكون جزء من الحل النهائي يتمتع بحضور في المرحلة الانتقالية ...وزير الخارجية الفرنسية لفت الانتباه اليوم بالقول ان الحل في سوريا يمر عبر تكوين حكومة وحدة وطنية تضمن عناصر من النظام و من المعارضة ... هذه المواقف بعيدة كل البعد عن الرفض التقليدي المطلق لباريس بإقامة اتصال مع نظام بشار الأسد الذي تقول عنه فرنسا أن مسئول عن جرائم ضد شعبه و أن سياسته هي التي أنجبت فظائع داعش و تهديداته الإرهابية ..ويمكن إن نعزو هذا المنعطف الفرنسي الى ثلاثة عناصر أساسية ...الأول هو الموقف الأمريكي الرافض الإطاحة ببشار الأسد و الذي تعزز كثيرا بعد التوقيع على الاتفاق النووي مع ايران و التي تعتبر عرابة النظام السوري ..و العنصر الثاني يكمن في السياسة التي يتبعها حاليا الرئيس الروسي فلاديمير الذي يهدف الى إقامة تحالف دولي جديد يضم الولايات المتحدة و بعض الدول الأوروبية و العربية و نظام بشار الأسد لمحاربة تنظيم داعش الذي أصبح يشكل اخطر تهديد إرهابي على امن العالم ..وقد تزامنت هذه المبادرة الروسية التي ستطرح في أروقة اجتماع أشغال الجمعية العامة السبعين للأمم المتحدة في ونيويورك مع دعم عسكري استراتيجي تقدمه موسكو لدمشق ...أما العنصر الثالث و الضاغط على عملية التغيير هته فنجده في أزمة اللاجئين الذين أصبحوا يتدفقون على السواحل الأوروبية هاربين من الجحيم السوري ...وقد أصبحت ظاهرة اللاجئين السوريين تشكل تهديدا على التوازنات الأمنية و الاجتماعية لدول الاتحاد الأوروبي التي أصبح بيتها الموحد مهدد بالانهيار بسبب طوابير اللاجئين التي تطرق باب الاتحاد الأوروبي و تطلب اللجوء السياسي و الإنساني .. باريس تغير إذن لهجتها اتجاه النظام السوري لكنها لا تزال مقتنعة بان بشار الأسد لا يمكن ان يكون مستقبل سوريا و حلا لازمتها وهو ما أصر لوران فابيوس على اعتباره وهما و سرابا....