تثير قضية حضانة الأطفال بعد الطلاق الكثير من المشكلات الاجتماعية، حيث يتصارع الكثير من الآباء والأمهات بعد الانفصال على رعاية الأبناء، الذين يتم توظيفهم في بعض الأحيان لانتقام أحد الطرفين من الآخر ما يتسبب في تدمير حياة الأطفال، وطالب خبراء وقانونيون تحدثوا لـ «المدينة» ببذل المزيد من جهود التوعية الاجتماعية عبر التعليم العام والعالي ومنابر المساجد، لتثقيف المجتمع بالقوانين التي تحكم الولاية على الأطفال بعد الانفصال، كما اشاروا لضرورة تسريع إجراءات قضايا الحضانة، والمزيد من المتابعة لتنفيذ الأحكام التي يتباطأ بعض الرجال في تنفيذها وتسليم الأطفال لأمهاتهم، مضيفين أن الأم هي الأنسب لرعاية الأبناء خاصة خلال المراحل المبكرة من أعمارهم. وأوضح عضو برنامج الأمان الأسري الوطني عبدالرحمن القراش لـ «المدينة» أنه بعد نقل الولاية للأب يتم حرمان الأم من رؤية الأبناء، وتتعب المطلقة في المحاكم لكي تثبت حقها في اللقاء بأبنائها. وقال ان الحضانة حق مشروع للأم حتى يبلغ الأولاد والبنات 7 سنوات ويلزم خلالها الأب بالنفقة والمسكن وكل مايتعلق بهم من الرعاية وبعد سن الـ7 سنوات يتم تخيير الولد بين أمه وأبيه فإن اختار الولد البقاء مع أمه فيلزم الأب بالمصاريف إجبارًا ويحق لوالده رؤيته ومتابعته وإن كانت بنتا فإن الأب ملزم بها إجبارا إلا إذا أثبتت الأم عدم قدرته على الحضانة سواء (ماديا أو اجتماعيا أو أخلاقيًا) وأضاف انه من حق الأم أن يحكم لها القضاء بالحضانة كاملة ويدفع الأب قدر استطاعته من المصاريف إن كان سبب سقوط الحضانة ماديا وإن كان السبب اجتماعيا أو أخلاقيا فيجب المصروف كاملًا للبنت ولا يحق للأم منع الأب من رؤية ابنته. أرقام مخيفة وأشار إلى أن إحصاءات الطلاق في المجتمع السعودي تعتبر مخيفة للغاية حيث ان هناك حالة طلاق واحدة تحدث في كل ثلاث زيجات، أي أن النسبة تتجاوز 33% إجمالا وتصل النسبة في الفئة العمرية بين 20- 30سنة .. إلى أكثر من 42%، وكثير من النساء في الانتظار ويخشين من نفس المصير ما دام البعض من الرجال لا يجدون الردع والإلزام بدفع الحقوق كاملة لطليقاتهم ومن أهمها رؤية أبنائها بعد الطلاق إذا كانوا في حضانة الأب. وأبان أن الكارثة التي تعاني منها المطلقات هي قصور متابعة الجهات المعنية للمطلقة المحكوم لها بالحضانة وحق رؤية الأبناء فلا عقاب ولا حساب لذلك الرجل الذي يركب رأسه ويحرمها من حقها، وفي حال حكم القاضي للأم بالحضانة فان تقدير النفقة للأبناء يرجع إلى التقدير وليس لقانون واضح حول ذلك. وأضاف: في ظل الغلاء المعيشي الذي نواكبه الآن يقرر لكل واحد من الأبناء (من 350 إلى 500 ريال شهريا) بحسب جنسه ذكر أو أنثى دون مراعاة لظروف الحياة ودون النظر في واقع الأب فبعض الاباء يكون دخله عاليًا ويفرض عليه بذلك المبلغ الزهيد أو تجبر المرأة على التنازل عن الحضانة إذا لم تقبل بهذا القدر. توعية غائبة من جانبه طالب الخبير الاستراتيجي ورئيس لجنة حقوق الإنسان والعرائض بمجلس الشورى سابقًا الدكتور مشعل آل علي القائمين على التعليم العام والعالي بإعطاء جرعات توعوية اكبر لمعالجة مشكلة الحضانة، كما دعا الخطباء والأئمة لتسليط الضوء عليها، والتركيز على تنشئة الأبناء والأنظمة التي تهتم بالجوانب التثقيفية، وشدد على دور الإعلام كذلك حتى يكون المجتمع على إطلاع تام بأن الأبناء هم في رعاية من الآباء والأمهات وإذا حصل التقصير فإن الأنظمة تأطر الحقوق والواجبات. وأضاف أن الدين الإسلامي ينظر للأمور بصفتها كل لا يتجزأ، مبينا أن من حق الأم أن تحضن البنت حتى تصل إلى مرحلة الاستقلال بنفسها، وأن تحتضن الولد حتى يبلغ 7 أو 10 سنوات، فتكون عندها الحضانة من حق الأب شريطة الا يقصر في الرعاية والعناية والتربية والصرف على الابن أوالابنة وهو بحضانة أمه، وإعطائها أجرًا مقابل ذلك. بطء إجراءات التقاضي من جانبه قال أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود الدكتور خالد الرديعان ان السلبيات التي تترتب على النزاع بشأن الحضانة والولاية تتمثل فيما يتعرض له الأطفال بسبب طلاق أو انفصال الوالدين وخاصة عندما تكون سن الأطفال صغيرة عند وقوع الطلاق.. هنا سيعانون من التشتت النفسي وربما الشعور بالضياع وفقدان أحد الوالدين مما يخلق لديهم مشكلات نفسية قد يصعب التعامل معها وسيشعرون كذلك بعدم الأمان وفقدان الثقة بمن حولهم؛ وهي الثقة التي يصعب استعادتها وخاصة إذا ترتب على الطلاق نزاع بين الوالدين حول الحضانة ومن أحق بها ويترتب على كل ذلك مشكلة التخلف الدراسي إذا كانوا في سن الدراسة وسيشعرون بالنقص أمام أقرانهم بسبب فقدان أحد الوالدين. وأضاف أن هناك تأخرا من قبل المحاكم في البت بقضايا الحضانة والولاية بداعي سماع جميع الأطراف واكتمال الأوراق والمستندات الخاصة بالقضية، إضافة إلى ازدحام المحاكم بقضايا أخرى مما يترتب عليه بطء الإجراءات وتباعد مواعيد الجلسات التي قد تمتد إلى عدة أشهر.. وخلال هذه الأشهر يعاني الطرفان وكذلك الأطفال كثيرا الأمر الذي يستلزم البت بقضايا الحضانة بسرعة للتخفيف من حدة معاناة جميع الأطراف.. ويتم ذلك من خلال محاكم الأحوال الشخصية والتي تتطلب تزويدها بالكوادر القضائية والفنية والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين لمساعدة القاضي في إصدار الحكم المناسب حسب كل حالة. دور حماية من جانبه طالب الدكتور عبدالعزيز بن عبدالرحمن الشبرمي وهو قاض سابق ومحام ومستشار قانوني الجهات المسؤولة كوزارة الشؤون الاجتماعية بتوفير مراكز إيواء ودور حماية كافية في كل محافظة وتوفير كوادر مؤهلة للإشراف على استلام وتسليم الأطفال الصادر بشأنهم حكم قضائي بالحضانة والولاية وأن يتجنب في ذلك مراكز الشرط والجهات التنفيذية تطبيقا لنظام التنفيذ وأن يكون في تلك الدور أخصائيات واستشاريات نفسيات وتربويات تخفف معاناة أولئك الأطفال، وتزويد الجهات القضائية بما يلحظونه من متغيرات لها تأثير على الحكم القضائي. التهرب من تنفيذ الأحكام وارجع الشبرمي أسباب المماطلة والتهرب من تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بالحضانة، لتراخي الجهات التنفيذية وعدم الحزم في تنفيذ أحكام الأحوال الشخصية، وعدم إيجاد ضمانات كافية لاستمرار التنفيذ، وتنازع الطرفين في مسألة المتسبب في عرقلة التنفيذ، وعدم وجود دور حماية ومؤسسات تطوعية تعنى بإعداد آلية لاستلام وتسليم الأطفال في قضايا الحضانة والزيارة. وقال ان هناك الكثير من الوقائع السلبية التي تكاد تشكل ظاهرة مؤسفة في التعامل مع القضايا، لاسيما التعاطي السلبي من قبل الآباء الذين انفصلوا عن زوجاتهم بطلاق أو خلع أو فسخ للنكاح، وكذلك الأمهات قد يحدث منهن خلق مشكلة بين الأولاد وأبيهم بعد الفراق. حنان الأم ويرى الشبرمي أن أحقية الحضانة يجب أن يراعى فيها مصلحة المحضون أولًا، وقال: لا شك في هذا الزمن أن المصلحة للمحضون غالبا أن يبقى عند أمه لأنها أكثر رحمة وشفقة وكونها أكثر تفرغا من الأب لرعاية الأطفال وكونها تحضن بنفسها بينما الأب يحضن أطفاله بواسطة زوجته الأخرى أو أخواته أو يستأجر من يربي أولاده ولن يكون هؤلاء كالأم شفقة ورعاية وعطفًا ورحمة ولكون البنات خاصة يحتجن لتعلم أمور النساء ولا يفصحن في أمورهن الخاصة إلا لأمهاتهن ولكثرة ما يحصل من اعتداء وتعنيف من قبل زوجات الآباء تجاه أطفال المطلقات والمعلقات وبالتالي فالأم أحق بالحضانة ما لم يطعن في عقلها أو أخلاقها وعفتها طعنا مثبتا حتى ولو تزوجت برجل آخر ورضي أن تحضن أطفالها من زوجها السابق فهي أحق بالحضانة مراعاة لما قرره الفقهاء من أن العبرة هي تحقيق مصلحة المحضون أولًا قبل مصلحة الحاضن.