تراجعت أسعار النفط أمس بعد تحذيرات مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بشأن متانة الاقتصاد العالمي واستمرار المؤشرات السلبية على أن كبار منتجي الخام في العالم سيواصلون الإنتاج بكميات كبيرة. ونزل سعر خام القياس العالمي مزيج برنت 65 سنتا إلى 48.43 دولار للبرميل بعدما لامس أعلى مستوى له في الجلسة عند 49.75 دولار للبرميل. وهبط سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 1.30 دولار أو 2.8 في المائة إلى 45.60 دولار للبرميل. وتسيطر حالة من التذبذب الشديد والتقلبات السعرية على مجريات سوق النفط الخام بسبب تداخل تأثير عدد من العوامل المتضادة التي تتجاذب السوق ارتفاعا وهبوطا وأدت إلى غياب الاستقرار وتباين الأسعار من وقت لآخر على مدار يوم أمس. ورغم تراجع المخزونات النفطية الأمريكية على نحو حاد وتقلص إنتاج النفط الصخري إلا أن بيانات اقتصادية ضعيفة عن اليابان تعرقل مسيرة الارتفاع وتقود السوق إلى تسجيل انخفاضات جديدة. واعتبر مختصون بسوق النفط الخام أن تأرجح الأسعار سيظل مهيمنا على المشهد في ظل استمرار البيانات الضعيفة عن اقتصاديات دول الاستهلاك الرئيسة في آسيا التي شملت الصين واليابان واتسعت دائرتها أخيرا لتشمل كوريا الجنوبية وتايوان. وبحسب "رويترز"، فقد تباينت ردود فعل سوق النفط على قرار المركزي الأمريكي، حيث أدت المخاوف من الضعف الاقتصادي إلى تراجع السلع الأولية لكن انخفاض الدولار يعني أيضا تقلص تكلفة الخام المقوم بالعملة الأمريكية. وقالت الكويت أحد الأعضاء الرئيسين في أوبك إن سوق النفط ستتوازن من تلقاء نفسها لكن هذا الأمر سيستغرق بعض الوقت بما يشير إلى دعم سياسة المنظمة في حماية حصتها بالسوق رغم هبوط الأسعار. ونقل موقع معلومات وزارة النفط الإيرانية على الإنترنت "شانا" عن ركن الدين جوادي نائب وزير النفط الإيراني قوله إن بلاده ستعلن عن العقود النفطية الجديدة في الأسابيع المقبلة أي قبل الموعد المتوقع. وأكد جوادي على خطط بلاده الرامية لاستعادة حصتها الإنتاجية في سوق النفط فور رفع العقوبات الغربية عنها. وأدت العقوبات التي فرضت على طهران في 2012 إلى انخفاض إنتاج إيران من النفط، حيث تراجع الإنتاج بمقدار مليون برميل يوميا منذ بداية 2012 إلى 2.7 مليون برميل يوميا وهو ما تسبب في حرمان البلاد من إيرادات نفطية بمليارات الدولارات. ومن المتوقع الآن على نطاق واسع رفع تلك العقوبات في 2016، وتحتاج إيران إلى شركات النفط الغربية لمساعدتها في إنعاش حقولها النفطية العملاقة المتقادمة وتطوير مشروعات نفط وغاز جديدة وتأتي عقود النفط الجديدة في إطار جهودها الرامية لجذب مستثمرين أجانب. وأشار جوادي إلى أنه سيتم أولا الإعلان عن العقود الجديدة في طهران في منتصف تشرين الأول (أكتوبر). وقال مسؤولو وزارة النفط في وقت سابق إن العقود الجديدة سيتم عرضها على المستثمرين خلال مؤتمر في لندن يعقد في كانون الأول (ديسمبر). وأجلت إيران أكثر من مرة مؤتمر لندن الذي يترقبه الكثيرون الذي ستطرح خلاله على شركات النفط الأجنبية حقول نفط ومشروعات إضافة إلى عقود الاستثمار النهائية. وتوقع جوادي أيضا ألا تقل أسعار النفط العالمية عن 40-45 دولارا للبرميل في 2016، وتخطط طهران لاستعادة حصتها الإنتاجية في سوق النفط من خلال ضخ المزيد من الخام بعد تخفيف العقوبات. إلى ذلك، ذكرت مصادر في أوبك أن المنظمة تتوقع ارتفاع أسعار النفط الخام بما لا يزيد على خمسة دولارات سنويا لتصل إلى 80 دولارا للبرميل بحلول العام 2020 مع تباطؤ نمو إنتاج الدول من خارجها بوتيرة لا تكفي للتخلص من التخمة الحالية في السوق. وقالت المصادر إن الأرقام جاءت في تقرير محدث بشأن الاستراتيجية في المدى المتوسط ناقشه في الأسبوع الحالي ممثلون لدول المنظمة في فيينا لكن لم يصدق عليه بالكامل حتى الآن وزراء أوبك. ويتوقع التقرير انخفاض الإنتاج من خارج أوبك بنحو مليون برميل يوميا بحلول 2017 عن التقديرات السابقة إلى 58.2 مليون برميل يوميا. وهذا يعني فعليا أن أوبك سيكون عليها أن تضخ مليون برميل إضافية يوميا من الخام وتلك أنباء جيدة للمنظمة التي قررت العام الماضي عدم خفض الإنتاج لدعم الأسعار وقامت بدلا من ذلك بضخ مزيد من الإمدادات للحفاظ على حصتها بالسوق. وتقلص نصيب أوبك في السوق في السنوات القليلة الماضية إلى 33 في المائة من نحو 40 في المائة قبل ذلك نظرا لطفرة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة وبدء الإنتاج من حقول جديدة في دول مثل كندا وروسيا. وتوقعت أوبك في أحدث تقرير شهري لها تباطؤ نمو إنتاج المنافسين من خارجها بالفعل هذا العام نظرا لهبوط أسعار النفط ليرتفع 880 ألف برميل يوميا فقط إلى نحو 57.43 مليون برميل يوميا بعدما زاد بمستوى قياسي بلغ 1.7 مليون برميل يوميا في 2014. وتعنى التوقعات الجديدة للمدى المتوسط أن أوبك ترى أن نمو الإمدادات من خارجها سينخفض إلى النصف على مدى العامين القادمين من مستويات نمو أبطأ بالفعل في 2015. لكن تلك التوقعات لا تزال متفائلة بدرجة أكبر من توقعات وكالة الطاقة الدولية التي قالت هذا الشهر إن من المنتظر أن ينهار الإنتاج من خارج أوبك في 2016 فيما يعود بشكل رئيس إلى تراجع إنتاج الولايات المتحدة. لكن أحد المصادر أشارت إلى أنه حتى إذا بدأت الأسواق في التوازن مرة أخرى نظرا لأن انخفاض الأسعار يضر بالمنتجين ذوي التكلفة المرتفعة من خارج أوبك فمن المستبعد أن تعود الأسعار إلى أكثر من 100 دولار للبرميل قبل 2030-2040. والعقد الزمني من 2030 حتى 2040 سيكون الفترة الأولى التي ترتفع فيها حصة أوبك من السوق العالمية إلى 40 في المائة أو 40 مليون برميل يوميا من 33 في المائة حاليا بينما ستبقى الأسعار على الأرجح حول 90 دولارا للبرميل. وبلغ إنتاج السعودية 10.265 مليون برميل يوميا في آب (أغسطس) انخفاضا من 10.361 مليون برميل.