زيوريخ(أف ب): كان بيان الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" الخميس في غاية الاختصار والخطورة: "تم إعفاء جيروم فالك من منصبه بأثر فوري وحتى إشعار آخر". وأضافت المنظمة الدولية الملطخة بفضائح فساد رهيبة: "أخذ فيفا علماً بسلسلة من المزاعم المرتبطة بالأمين العام وطلب تحقيقا رسميا من لجنة الأخلاقيات". بعد اعتقالات واتهامات القضاء الأمريكي في مايو في زيوريخ لأركان المنظمة الدولية التي تشرف على كرة القدم منذ أكثر من مئة سنة، بالفساد وتبييض الأموال وتقديم الرشاوى والابتزاز، جاء خبر إقصاء اليد اليمنى للرئيس السويسري جوزيف بلاتر من داخل أروقة الفيفا هذه المرة وليس عبر الأطلسي. كان الفرنسي فالك في طريقه جوا إلى موسكو لحضور حدث قبل ألف يوم من انطلاق كأس العالم 2018 في روسيا، لكن طائرة خاصة كانت تقله استدارت في منتصف مسارها وعادت أدراجها إلى زيوريخ إثر تبليغه نبأ الإعفاء-الاقالة، بحسب ما ذكرت شبكة "بي بي سي" البريطانية. وأضافت الشبكة إن بلاتر، المتواجد في موسكو إحدى المدن القليلة التي يجرؤ راهنا على زيارتها، استشار ونال موافقة عدد من المسؤولين القاريين، من بينهم الفرنسي ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي، قبل اتخاذ قراره بإعفاء فالك . خبر الإعفاء صدر بعد ساعات من مزاعم ساقها اللاعب الإسرائيلي-الأمريكي السابق بيني الون، المستشار في شركة "جي بي" للتسويق الرياضي التي تعاقدت مع فيفا لبيع تذاكر كأس العالم 2014 ثم ألغي العقد لاحقا، تفيد بأن فالك متورط في صفقة بيع التذاكر بأعلى من سعرها الحقيقي مقابل تحقيق أرباح كبيرة. وقال الون إن الخطة كانت تقوم على بيع التذاكر لمشجعين بأسعار مضاعفة على أن تقتسم الإيرادات مع فالك. لكن في بيان شديد اللهجة أصدره المحامي الأمريكي لفالك باري بيرك من نيويورك، نفى الأمين العام المزاعم: "ينفي جيروم فالك بشكل قاطع الاتهامات الملفقة والشائنة من بيني الون لمخالفات مزعومة متعلقة ببيع تذاكر كأس العالم". وأضاف إن فالك "لم يتلق أو يوافق على قبول أموال أو أي شيء آخر ذات قيمة من السيد الون" وبان كل التعاملات بين فالك وشركة ألون تمت الموافقة عليها من قبل الدائرة القانونية في فيفا. وتعيش المنظمة الدولية فضائح كبرى منذ مايو الماضي إثر اعتقال سبعة من كبار مسؤوليها واتهام 14 شخصا في زيوريخ بسبب تلقي رشاوى بقيمة 150 مليون دولار أمريكي منذ عام 1991 من بين تهم أخرى، قبل يومين من الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها بلاتر (79 عاما) على الأمير الأردني الشاب علي بن الحسين. وبعد أيام قليلة من الاعتقالات والاتهامات التي ساقها القضاء الأمريكي وانضم إليه نظيره السويسري بشبهات فساد، أعلن بلاتر نيته بالاستقالة من ولايته الخامسة متتالية، وتعيين موعد جديد للانتخابات في 26 فبراير المقبل، حيث يبرز من بين المتنافسين بلاتيني الذي حظي بدعم معظم الاتحادات القارية والملياردير الكوري الجنوبي تشونغ مونغ جون والأمير علي بن الحسين من بين آخرين. وبعد موجة تسليم من سويسرا إلى القضاء الأمريكي أهمها لنائب رئيس فيفا ورئيس اتحاد كونكاكاف السابق جيفري ويب من جزر كايمان، أطلق سراحه بكفالة بلغت 10 ملايين دولار، أعلنت سويسرا أمس الأول الخميس موافقتها على تسليم نائب رئيس فيفا السابق الأوروجوياني اوجينيو فيغويريدو القابع في سجونها منذ 27 مايو إلى الولايات المتحدة، وذلك برغم رفضه طلب التسليم. وفيغويريدو، رئيس اتحاد أمريكا الجنوبية السابق، متهم بالحصول على رشاوى بملايين الدولارات من شركات تسويق رياضية لمنح حقوق نقل مسابقات كرة القدم في أمريكا الجنوبية ، والحصول على الجنسية الأمريكية عن طريق الاحتيال من خلال تقديم تقارير طبية مزورة في 2005 و2006، وكان من بين المعتقلين السبعة في مايو. فالك والتاريخ المريب نفى فالك (54 عاما) تورطه في دفع 10 ملايين دولار أمريكي للترينيدادي جاك وارنر رئيس كونكاكاف (أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي) السابق، الملطخ بدوره بفضائح فساد كبرى والملاحق من القضاء الأمريكي، من خلال اتحاد جنوب أفريقيا للعبة تحت ستار "مساعدة الشتات الأفريقي في الكاريبي". ويعتقد محققون أمريكيون أن المبلغ قد دفع كرشوة لوارنر وأعضاء آخرين في اللجنة التنفيذية لفيفا من أجل دعم ملف جنوب أفريقيا للحصول على استضافة المونديال الوحيد الذي أقيم حتى الآن في القارة الأفريقية عام 2010، لكن عندما عجز اتحاد جنوب أفريقيا، الرافض للاتهامات، عن دفع المبلغ قام الاتحاد الدولي بهذه المهمة. عام 2006، أجبر فالك على الاستقالة من منصبه كمدير للتسويق في الفيفا بعدما حكمت عليه محكمة يفي نيويورك بالكذب عن طريق التفاوض مع شركة فيزا وخرق عقده انذاك مع ماستركارد. أجبر فيفا على دفع 90 مليون دولار أمريكي بسب القضية، لكن المريب أن فالك، الفارع الطول والذي بدأ مسيرته المهنية صحفيا في شبكة "كانال بلوس" الفرنسية عام 1984 قبل انضمامه إلى فيفا في 2003 مديرا للتسويق والتلفزيون، ظهر مجددا ومن نافذة ترقيته من قبل بلاتر إلى منصب الأمين العام عام 2007. من تصريحاته الجدلية اعتباره أن "ديموقراطية أقل في بعض الأحيان أفضل لتنظيم كأس العالم. عندما يكون لديك رئيس قوي.. يقرر مثل بوتين في 2018.. فهذا أسهل لنا كمنظمين بدلا من دولة كألمانيا حيث ينبغي أن تفاوض على مستويات عدة". كرة الثلج يزداد حجمها، فقبل أيام زعمت شبكة "اس ار اف" السويسرية بأن بلاتر باع حقوق نقل مونديالي 2010 و2014 لنائبه السابق وارنر مقابل 600 ألف دولار أي بنسبة 5% من قيمتها الأصلية، في أول أمر يظهر فيها توقيع بلاتر على معاملة مشبوهة. رد فيفا بأنه كان عليه تلقي "ليس فقط رسوم ترخيص محددة بل أيضا نسبة 50 بالمئة من أية أرباح متعلقة بتمرير هذه الحقوق لطرف آخر، غير أن اتحاد كرة القدم الكاريبي خرق بنود العقد مرات عديدة وفشل في الوفاء بالتزاماته المادية... ولهذه الأسباب أنهى فيفا عقده مع اتحاد كرة القدم الكاريبي بتاريخ 25 يوليو 2011". كرة الثلج تكبر فمن يكون الرأس التالي؟.